عباس الطرابيلي….يكتب خطاب عرش.. أم حديث إنجازات؟!
هذا هو الخطاب الأطول- فى التاريخ السياسى- للرئيس السيسى، وبحكم أنه حديث عن الإنجازات، وهذه الإنجازات كثيرة وطويلة وعظيمة، كان الحديث طويلاً، ورغم ما فيه من أرقام ربما لا يفهمها المواطن البسيط.. فإن كل المصريين فهموا الغرض من هذا الخطاب.. أو تلك الرسالة شديدة العمق.. وهى رسالة ليست للمواطنين فى الداخل.. بل أيضاً للأشقاء الأعزاء حولنا.. وأيضاً للأعداء الذين يحاولون تدميرنا، هى إذن رسالة للكل.. وعلى «الكل» أن يستوعبوا كل ما جاء فيها.. سواء كانت تحذيرات مباشرة.. أو إنذارات «تحت الطاولة»!! سواء على حدودنا الشرقية الشمالية.. أو الحدود الغربية.. أو حتى على حدودنا الجنوبية ولكنها أيضاً موجهة لكل من يحاول العبث بالمدخل الجنوبى للبحر الأحمر، الذى هو المدخل المؤدى إلى قناة السويس التى توفر لنا أهم مصدر مالى «مصرى» للاقتصاد الوطنى.. هذا إلا إذا زاد الإنتاج المصرى، فى طفرة قوية وفى فترة زمنية قصيرة.. وعمد المصرى إلى تقليل استهلاكه من الواردات.
وهذه الرسالة، أو الخطاب لأنه يجىء وسط أجواء انتخابية رئاسية فإننى أعتبره نوعاً مستحدثاً لخطب العرش التى عرفناها قبل يوليو 1952، إذ كان رئيس الحكومة الفائز فى الانتخابات البرلمانية يلقى خطاباً- أمام الملك- تحت قبة البرلمان يحدد فيه المشروعات التى ستتولى حكومته تنفيذها- مستقبلاً- فى مختلف الأمور من صحة وتعليم وإسكان ورى.. وحتى إلى ردم البرك والمستنقعات، وأعترف بأننى استمعت كثيراً لمثل خطب العرش هذه.. وكان رئيس الوزراء أيامها يبدأ كل فترة من هذا الخطاب بقوله: «وستعمل حكومتى على كذا وكذا»، ولما كان الشعب يسخر من هذه العبارة فإننا نحن الطلبة أطلقنا عبارة مضادة لعبارة «وستعمل حكومتى»، بأن أضفنا إليها عبارة «على رصف الطريق الجوى بين القاهرة وأسوان»، ووجه الشبه بين خطب العرش القديمة وحديث الرئيس السيسى، أمس الأول، هو أن خطاب العرش كان يتحدث عن المستقبل.. بينما كان الشعب واثقا بأن عمر هذه الحكومة لن يطول.. حتى تتمكن من تنفيذ وعودها.. حتى ولو كانت أمام البرلمان بمجلسيه النواب والشيوخ، وللأسف كان النواب زمان يصفقون.. وكان الناس يسخرون.. أما خطاب الرئيس السيسى فهو يشمل ما تم تنفيذه بالفعل فى مدة حكمه الحالية، وهى أقل من 4 سنوات.. إذ لم يشأ الرئيس أن يدغدغ حواس الشعب بقصر الحديث «عن المستقبل» ولو كان قريباً.. ولكنه كان «يتحدث عما تم تنفيذه»، أى هو حديث الإنجازات.. وهى بكل المقاييس لا يصدقها عقل، رغم أننا كلنا شهود على تنفيذها.. والناس أيضاً يشهدون ويتابعون.
ولكن الرئيس هنا- فى هذا الحديث الأطول فى تاريخه السياسى- امتد بحديثه إلى المستقبل، أى جمع بين «الماضى والحاضر.. والمستقبل» وهذا نادر. الحديث ليس عندنا فقط.. ولكن أيضاً فى الدول الكبرى، وتلك هى عظمة هذا الحديث.. بل عظمة وإيمان وصدق الرئيس السيسى.. فالرجل يقول الحقيقة.. والفاهمون يؤيدونه!!
■ هو إذن كشف حساب حقيقى، مدعم بالأرقام.. والأهم «بصدق» الرئيس نفسه.. والأرقام لا تكذب.. وصدق الرئيس السيسى لا أحد ينكره، أو يفسره تفسيراً آخر.. فالرجل جاء من رحم الغيب فى فترة كانت فيها مصر على حافة الانهيار.. لينقذنا.
■ وأطلب هنا- من كل مصرى له حق الانتخاب- أن يذهب إلى الصناديق ومعه خطاب العرش الحديث، الذى على أساسه سوف يصوت لصالح قائله، الرئيس السيسى، ليكون وثيقة يلتزم الرئيس بتنفيذها.. وسوف يلتزم.
■ والمهم هنا هو أن يصبر الناس، رغم حجم المعاناة الشديدة التى يعانيها كل مواطن إلى أن تبدأ هذه المشروعات دورها ويصل أثرها للمواطن، وربما يدعم ذلك- ويصبر الناس- عمليات الكشف عن وقائع فساد تطول وزراء ومحافظين ومسؤولين كبارا، والسيسى لن يرحم أى لص ولو من الكبار.
هو إذن خطاب عرش جديد. ولكن يحمل الأمل- كل الأمل- للناس، بعد أن عشنا سنوات دون أن يتحقق أى شىء.. أو يخاف الحاكم العمل للإنقاذ!!