نحن أبناء الهرى أبعد ما نكون عما وصفه الكاتب مجيد طوبيا فى رائعته السبعينية أبناء الصمت، نحن حلفاء المبالغة لا نمت بصلة لما تغنت به الشحرورة صباح «ع البساطة البساطة»، نحن أنصار التعبئة والتخزين ليوم الدين كاحتياطى استراتيجى مما يجعلنا وكلاء التخمة على مستوى العالم استهلاكاً للطعام، حيث يصل نسبة متوسط إنفاق الأسرة المصرية على الغذاء 42% من دخلها، ده غير أن مصر تحتل المركز السادس عشر عالمياً فى إهدار الطعام الذى يقدر للأسرة بنحو 73 كيلو جراماً سنوياً.
وبما أن خاصية الأكيل هى الأكثر شيوعاً بيننا وتفرد لها المحطات الفضائية برامج بعدد شعر راسنا كلنا والأكل هو سيد جميع المواقف، فالأمانة تحتم علىّ استعراض الأضرار المصاحبة للتخمة وهذا لا يعنى أنى أفرض حصاراً اقتصادياً على كل جهاز هضمى، كل ما هنالك أنى أسعى لمنع تفاقم الحموضة فى أرجاء البلاد وأدعو المصريين كلهم، جيش وشرطة وشعب، بطن واحدة فى التصدى لعسر الهضم الذى يهدد أمن وسلامة قولون الوطن، صحيح أن الطعام جاى من الطعامة وهو مهم لكل حنك وانت مش انت وانت جعان، لكن الإكثار منه فوق مستوى طاقة الجسم يضر ولا يفيد شكلاً وموضوعاً بمعنى أن الأضرار لا تتلخص فى زيادة وزن وسيلوليت ودهون ثلاثية وكولسترول وقلب وسكر وضغط فقط، وإنما تصيب جهازك العصبى من حيث لا تدرى ولا تعلم، وإذا كانت هناك علاجات للسمنة كشفط وشد الترهلات وتكميم المعدة وتغيير مسارها إلى جانب أدوية حرق الدهون وتوازن نسب الكولسترول وحقن الأنسولين لضبط مستويات السكر فى الدم فالعلم بكل أسف لم يتوصل حتى الآن إلى علاجات لتقنين حالات العنف والاندفاع السائدة بين البشر من جراء تناول كميات كبيرة من نوعيات معينة من الأطعمة، ومثال على ذلك الإفراط فى تناول اللحوم الحمراء تحديداً قد يضاعف من نوازع الانفعال ونوبات الحزن ويفضل استبدالها بأسماك التونة والسلمون الغنية بأوميجا 3 التى تمتص الغضب والحدة وتخفف وطأة الشجن، أيضاً المقليات والتقليات تساهم فى الشعور بالخنقة والكتمة والميل إلى المجادلة بالإضافة إلى أن كثرة استخدام الصلصة فى الطواجن تخزن الماء فى الجسم وتعرقل الدورة الدموية مما يؤدى إلى ارتفاع معدلات التوتر والقلق.
وبالمثل الزيادة فى تناول المشروبات الغازية والحلويات الشرقية والمعلبات والمعجنات المحضرة من الطحين الأبيض تعلى معدلات الاكتئاب والارتباك عموماً، ويفضل استبدالها بالعصائر الطبيعية والفواكه الطازجة والأطعمة الخالية من الشحوم والمطهية بالزيوت النباتية المعالجة على البارد كزيت الزيتون والذرة وعباد الشمس، وتناول الأطعمة المحضرة من البر أو النخيلة وتحاشى السم الأبيض سواء حادق أو حلو، وأعنى بذلك الملح والسكر والاستعانة بدلاً منهما بملح البحر الصخرى الملىء باليود والعسل البكر الأبيض أو الأسود والاكتفاء بكوب واحد شاى أو قهوة تجنباً لتراكم الكافيين فى الجسم والذى يحفز مشاعر الخوف والرهبة والتوجس.
إذًا الغرض من المقال ليس الامتناع وإنما التقليل بدلاً من حش كميات تحاشى نوعيات، من قال إن متعة التذوق لن تتأتى إلا إذا فطسنا، لذلك أناشدك يا مؤمن سِد الحنك حبة تزداد محبة.