مقالات

نهال علام …. تكتب التغيير باب للأمل


بقلم الكاتبة والاعلامية نهال علام

ليل يعقبه نهار، شتاء يذيل بالصيف، موت يقترن بالحياة، وكل نهاية تليها بداية تلك سنة الكون وأصل الحكاية، وما قدر الله من أمر عبثاً ولا صدفةً ولهواً، إنما هو دستور يعني أن الحياة لا تعرف الجمودية، ولن تقبل إلا بالاستمرارية، سواء كانت استكمالية أم اصلاحية، أو مزيجاً خالصاً من الاستكمال الاصلاحي.

وتلك النقطة الأخيرة يمكنها أن تلخص ردود فعل المواطنين المتباينة ازاء التغيير الوزاري المنتظر، والذي يترقبه الشارع المصري منذ فترة، تسبق تقدم حكومة الدكتور مصطفى مدبولي باستقالتها للرئيس عبدالفتاح السيسي، والذي كلفه مرة أخرى بتشكيل وزارة جديدة.

وهذا الأمر أثار تفاعلاً واسعًا على منصات التواصل الاجتماعي، وفي جلسات اللقاء الإنساني، وببرامج التوك شو التلفزيونية، والتي كان اللافت فيها هذا الترحيب الواسع بتلك الاستقالة والاستبشار بتداعياتها، وإن اختلف البعض حول إعادة تكليف مدبولي بالوزارة الجديدة، وتسابق البعض الآخر لقراءة استشرافية لأبرز المرشحين، ورؤية القيادة السياسية وأهدافها من خلال إعادة تعيين رئيس الوزراء الذي ان اتفقنا أو اختلفنا على تقييم أدائه، لكن سنجتمع على شهادة حق في إخلاصه واجتهاده.

ساعات تفصلنا عن إعلان التشكيل الحكومي الجديد، وربما ينشر أو يعلن قبل أن يرى هذا المقال النور، لذا لن تكون سطوري هي قراءة للفنجان أو اجتهاد لتصفح أوراق التاروت لأكشف الوَدَع عن الوزاراء الجُدد، ولا اتخيل انهم قادمين بالتبوت السحري الذي سيقضي على تابوت المشكلات الأزلي.

لكن ما يشغلني هو سؤال منطقي، نواجه به التفكير العبثي، الذي يفرط في النقد بدرجة تصل إلى مرتبة الحقد، دون تمييز بين الانجازات والمعوقات وأسباب المشكلات، مما يجعل البعض ينسى أين كانت مصر منذ القليل من السنوات، وأين أصبحت ونحن نعلم حجم التحديات والمعوقات، ولن ننكر أننا لازالت لدينا العديد من العقبات ولا يمكن تجاهل أننا صعبنا الأمر باضافة بعض العتبات، ولكن تأطير الأمور يجعلها في نصابها وبعيدة عن المبالغات، ويفرض ضرورة التعامل مع المشكلات وحتمية الوصول لحلول عاجلة في بعض الملفات.

ماذا يريد المواطن من حكومته الجديدة؟ هذا هو السؤال وقبل أن نفرط في الأحلام ونسترسل في سرد الأمنيات، يجب أن نفرق بين الإرادة والأمل، فكلنا ممتلئين بأحلام عرضها السماوات، ولكن لدينا بعض المطالبات التي تكفل أن يمضي يومنا بسلام دون منغصات، لذا يمكن تحديد تلك الرغبات المنطقية العادلة في نقاط أساسية يجب على الحكومة التعامل معها بصورة عاجلة.

الحفاظ على الأمن القومي وسط هذا الصراع الإقليمي، وضبط الأسعار في ظل التداعيات العالمية وممارسات بعض التجار الغير شريفة، والقضاء على أزمة الدواء التي لا نعرف ما سبب دائها ولا ما أدى لاختفائها، بالإضافة لملف اللاجئين الذي تضخم ويشي وينذر بما لا يبشر بالخير، تلك أبرز تحديات الحكومة الجديدة، وايجاد حلول فاعلة على رأس أولوياتها والتي لن يراها المواطن ناجحة إلا لو تعاملت مع تلك الملفات بحرفية ناجعة.

فالملف الأول هو حياة أو موت لأرض عرفت الحياة من رحم الموت، فالأمن القومي هو عقيدة المصري القويمة واستقامته الكريمة على مدى العصور ولآخر يوم ستشهد فيه الحياة بصيص نور، لذا فهذا الطلب تحديداً هو مطلب توافقي لا غبار عليه بين الطالب والمطلوب، فكلنا فداء للوطن وذلك أمر فطري يجري مع كريات دم المصريين الحمراء والبيضاء، والتأكيد عليه ليس لتقصير من القائمين عليه، ولكن لنُذكِر العالم الذي ينقل مِنا وعَنا، أن أمننا وجيشنا ورجالنا وأرضنا وترابنا هم أترابنا، وليعلم من كان لا يعلم أن سيادة الدولة المصرية هي إرادة شعبية وليست رؤية فردية ولا رغبات خاصة بالقيادة السياسية، إنما الأمر عقيدة وطنية يولِي المصريون أمرها لمن يستأمنوه على عرضها.

وإذا تحدثنا عن ضبط الأسعار فالمواطن يزأر نار يا حبيبي نار، ولا يخفى على أحد أثار التداعيات العالمية على الظروف الاقتصادية من وباء كورونا والحرب الروسية الأوكرانية، والعدوان الاسرائيلي على الأراضي الفلسطينية وما أدى إليه من عواقب كارثية وتراجع معدلات السياحة وايرادات قناة السويس، وعدم الاستقرار في المنطقة الذي أدى إلى تراجع معدلات الاستثمار، ولكن لن ننكر جشع بعض التجار، وممارساتهم التي تدل على انهم من الأشرار.

لذا فالضرب بيد من حديد على كل طامع خائن هو مطلب شديد، ولن نقلل من جهد الوزراء السابقون ونشهد أننا لم نعاني غياب السلع التام عن الأسواق في أحلك الأوقات مثل أزمة كورونا، وإن واجهنا قلة المعروض في عدد من السلع لا يتجاوز أصابع الأيد الواحدة وكان هذا الأمر راجع لبعض السياسات الغير فاعلة والتي يجرى التعامل معها والعمل على تغييرها وإصلاحها، بينما كانت بعض الدول العظمى تعاني من نقص حاد في الكثير من أساسيات الحياة، وكلنا نتذكر أن زجاجة الزيت في أوروبا كان الحصول عليها أصعب من الذهب.

لكن الأسعار المتصاعدة دون رابط، والأثمان المتغيرة دون ضابط هي أمر يجب أن ينتهي ويكون حادث نصفُه بأنه كان عارض، فمن أبسط حقوق المواطن أن يكون قادرًا على ترتيب ميزانيته، وضبط مصروفاته وفق ضرورياته دون أن يسدد للتاجر فواتير رفاهياته.

أما أزمة غياب الدواء التي ارقت المواطن حد العناء، وأصبح البحث عن غالبية المنتجات الدوائية الضرورية والحياتية اليومية درب من الشقاء، فهي ملف غامض ملتهب يجب حله وضبطه فوراً ودون اي تباطؤ فحق المريض هو قرص النجاة، معاناة المريض ليست ذاتية وإنما هي مأساة عائلية، تضيف للحياة ثقلاً وأعباء نفسية، وليست وقتية فلو تطرقنا لملف الطاقة وانقطاع الكهرباء المؤرق وما بدا له من آثار جانبية مثل انعكاساته على مربي الدواجن ونفوق بضاعتهم ومردود ذلك المتوقع على أسعار سلعتهم، إلا إنها مشكلة على إزعاجها يمكن تحمل تبعاتها والتأقلم مع أنيابها، والتكيف على مستحدثاتها، خلاف الحال مع الدواء فالصحة تاج والعافية رأس مال، والفرد المعافي هو شخص قادر بدنياً على العطاء والانتاج، وقويم نفسياً ليتحمل تبعات الألم مما يحيطه من غلاء وصراع وانقطاع الكهرباء.

ومن الملفات الأكثر حساسية وهي شائكة على الأصعدة الأمنية والدبلوماسية، هو ملف اللاجئين ضيوف مصر الذين اتوا فارين ولكن حسن الضيافة عقد نيتهم أنهم ليسوا براحلين، فبين يوم وليلة وبصور متعددة وغير شرعية لاحظ المصريون أن هناك مناطق بدأت تعاني من طمس الهوية، وكيف لا و10٪؜ من الكتلة السكانية أصبحت دخيلة، وتبسط عاداتها الغريبة، ولن اتطرق لما نعرفه جميعاً من استفزاز على مواقع التواصل الاجتماعي، وفرض سيطرة بسبب التكتل في مناطق بعينها وهي آمنة فالرهان على شهامة الدولة المصرية، ونظرتها التاريخية للضيف أن محله القلب ويتشال على الرأس، فكان ذلك مطمع للبعض للتمادي بما يحمل من تجاوز لابناء الأرض.

ملف ضاغط على كل الأوضاع الحياتية، أذرعه ممتدة تؤثر على خدمات الدولة من مياه وكهرباء وصرف صحي ومواصلات دفع ثمنها المصريين من عرقهم وقوت أبنائهم، ناهيك عن التأثيرات المتوقعة في سنوات قليلة قادمة، من تغير التركيبة الديموغرافية، وشكل الخريطة الصحية باستقبال هذا العدد دون التدقيق في تاريخهم المرضي وامراضهم الكامنة، وتقاليدهم الخاصة التي قد تكون أحياناً بدائية ومرعبة، والحديث موصول للملف الأمني وتحديات جديدة أمام وزارة الداخلية من التعامل مع جرائم لها مرجعيات غير معلومة لأشخاص غير مسجلة جنائياً وبلا تحريات واضحة، وذلك أمر يتطلب سنوات طويلة حتى تستطيع الجهات الأمنية انشاء سجلات من المتابعة والمراقبة لتلك العناصر.

تغيرات ثقافية، وضغوط مالية بلغت مليارات من الدولارات، ستبدو ضئيلة إذا كان بين هؤلاء الضيوف مرجعيات دينية متشددة أو أفكار تكفيرية وانتماءات إرهابية، والعدد في الليمون وفي ازدياد والوضع أصبح شديد الشبه بالمهلبية.

على مدى العشر سنوات السابقة شهدت مصر تغيراً ملحوظ، ونهضة في مناحي عديدة لا يمكن أن نغفلها، فيكفي القضاء على منابع الإرهاب في سيناء واستعادة الأمن وتطهير الأرض من جذور التكفيريين الخبيثة، وبالتوازي كانت معركة أخرى تدار في سيناء بحرفية عالية وهي معركة البناء والتعمير التي تكلفت قرابة التريليون جنيه.

وإذا انتقلنا لبناء الإنسان والمبادرة الأعظم في تاريخ البشرية وهي حياة كريمة التي أعادت لابن مصر كرامته التي اهدرها الفقر والعوز وكانت أولوية لدى القيادة السياسية، إعادة الحياة للغالبية العظمى من قرى مصر قرابة 4500 قرية من أصل 4726 قرية مصرية بتكلفة تقارب التريليون جنيه، أما السيولة المرورية والكباري والأنفاق المنتشرة في ربوع الجمهورية والتي جعلت رحلة المواطن اليومية أكثر أريحية وذلك بتكلفة تجاوزت 1,1 تريليون جنيه، ولازالت مشروعات الربط وتطوير السكك الحديد ومنظومة الطرق مستمرة، والجدير بالذكر وحتى تبدو تلك الأرقام مفهومة ومتخيلة فموازنة الدولة للعام المالي الذي سنستقبله بعد عدة أيام هي 3.9 تريليون جنيه مصروفات وإيرادات 2.6 تريليون جنيه.

ومن الملفات والانجازات التاريخية القضاء على المساكن والأسواق العشوائية والمنازل الغير آمنة وتطوير القاهرة القديمة، حيث بلغ حجم الانفاق على هذا الملف الهام أكثر من 4 تريليونات جنيه خلال السنوات الماضية، فعدد المناطق غير الآمنة على مستوى الدولة 351 منطقة، بها 242905 وحدة، أي ربع مليون أسرة انتقلت من اللاحياة إلى أعتاب حياة، ولن ننسى التنمية الزراعية واستصلاح الأراضي بصورة توسعية عبقرية وملموسة النتائج تحققها مصر للمرة الأولى في الستين عاماً الماضية.

التغيير باب للأمل، وهذا هو المغزى والمأمول من العمل، لذا في تلك اللحظات الدقيقة التي يمر بها العالم أجمع ومصر بشكل أخص وأشمل، نتمنى من الله أن يتولى الأصلح وأن يضع نصب عينيه أن ذلك تكليف وليس تشريف، ويجب أن ينتبه لحساسية وأهمية انجازات تلك الحكومة في هذه الفترة فهي ستصبح مفصل ومحدد في كتب التاريخ، وأن أمل المصريين في تلك المرحلة هي نهضة صناعية توسعية، وقُبلة حياة لإحياء الاف المصانع المتوقفة واستكمال ما بدأته مبادرة ابدأ من مساعدة ودعم تلك المصانع المتعثرة لنلحق بركب ما سبق.
ليل يعقبه نهار، شتاء يذيل بالصيف، موت يقترن بالحياة، وكل نهاية تليها بداية تلك سنة الكون وأصل الحكاية، وما قدر الله من أمر عبثاً ولا صدفةً ولهواً، إنما هو دستور يعني أن الحياة لا تعرف الجمودية، ولن تقبل إلا بالاستمرارية، سواء كانت استكمالية أم اصلاحية، أو مزيجاً خالصاً من الاستكمال الاصلاحي.

وتلك النقطة الأخيرة يمكنها أن تلخص ردود فعل المواطنين المتباينة ازاء التغيير الوزاري المنتظر، والذي يترقبه الشارع المصري منذ فترة، تسبق تقدم حكومة الدكتور مصطفى مدبولي باستقالتها للرئيس عبدالفتاح السيسي، والذي كلفه مرة أخرى بتشكيل وزارة جديدة.

وهذا الأمر أثار تفاعلاً واسعًا على منصات التواصل الاجتماعي، وفي جلسات اللقاء الإنساني، وببرامج التوك شو التلفزيونية، والتي كان اللافت فيها هذا الترحيب الواسع بتلك الاستقالة والاستبشار بتداعياتها، وإن اختلف البعض حول إعادة تكليف مدبولي بالوزارة الجديدة، وتسابق البعض الآخر لقراءة استشرافية لأبرز المرشحين، ورؤية القيادة السياسية وأهدافها من خلال إعادة تعيين رئيس الوزراء الذي ان اتفقنا أو اختلفنا على تقييم أدائه، لكن سنجتمع على شهادة حق في إخلاصه واجتهاده.

ساعات تفصلنا عن إعلان التشكيل الحكومي الجديد، وربما ينشر أو يعلن قبل أن يرى هذا المقال النور، لذا لن تكون سطوري هي قراءة للفنجان أو اجتهاد لتصفح أوراق التاروت لأكشف الوَدَع عن الوزاراء الجُدد، ولا اتخيل انهم قادمين بالتبوت السحري الذي سيقضي على تابوت المشكلات الأزلي.

لكن ما يشغلني هو سؤال منطقي، نواجه به التفكير العبثي، الذي يفرط في النقد بدرجة تصل إلى مرتبة الحقد، دون تمييز بين الانجازات والمعوقات وأسباب المشكلات، مما يجعل البعض ينسى أين كانت مصر منذ القليل من السنوات، وأين أصبحت ونحن نعلم حجم التحديات والمعوقات، ولن ننكر أننا لازالت لدينا العديد من العقبات ولا يمكن تجاهل أننا صعبنا الأمر باضافة بعض العتبات، ولكن تأطير الأمور يجعلها في نصابها وبعيدة عن المبالغات، ويفرض ضرورة التعامل مع المشكلات وحتمية الوصول لحلول عاجلة في بعض الملفات.

ماذا يريد المواطن من حكومته الجديدة؟ هذا هو السؤال وقبل أن نفرط في الأحلام ونسترسل في سرد الأمنيات، يجب أن نفرق بين الإرادة والأمل، فكلنا ممتلئين بأحلام عرضها السماوات، ولكن لدينا بعض المطالبات التي تكفل أن يمضي يومنا بسلام دون منغصات، لذا يمكن تحديد تلك الرغبات المنطقية العادلة في نقاط أساسية يجب على الحكومة التعامل معها بصورة عاجلة.

الحفاظ على الأمن القومي وسط هذا الصراع الإقليمي، وضبط الأسعار في ظل التداعيات العالمية وممارسات بعض التجار الغير شريفة، والقضاء على أزمة الدواء التي لا نعرف ما سبب دائها ولا ما أدى لاختفائها، بالإضافة لملف اللاجئين الذي تضخم ويشي وينذر بما لا يبشر بالخير، تلك أبرز تحديات الحكومة الجديدة، وايجاد حلول فاعلة على رأس أولوياتها والتي لن يراها المواطن ناجحة إلا لو تعاملت مع تلك الملفات بحرفية ناجعة.

فالملف الأول هو حياة أو موت لأرض عرفت الحياة من رحم الموت، فالأمن القومي هو عقيدة المصري القويمة واستقامته الكريمة على مدى العصور ولآخر يوم ستشهد فيه الحياة بصيص نور، لذا فهذا الطلب تحديداً هو مطلب توافقي لا غبار عليه بين الطالب والمطلوب، فكلنا فداء للوطن وذلك أمر فطري يجري مع كريات دم المصريين الحمراء والبيضاء، والتأكيد عليه ليس لتقصير من القائمين عليه، ولكن لنُذكِر العالم الذي ينقل مِنا وعَنا، أن أمننا وجيشنا ورجالنا وأرضنا وترابنا هم أترابنا، وليعلم من كان لا يعلم أن سيادة الدولة المصرية هي إرادة شعبية وليست رؤية فردية ولا رغبات خاصة بالقيادة السياسية، إنما الأمر عقيدة وطنية يولِي المصريون أمرها لمن يستأمنوه على عرضها.

وإذا تحدثنا عن ضبط الأسعار فالمواطن يزأر نار يا حبيبي نار، ولا يخفى على أحد أثار التداعيات العالمية على الظروف الاقتصادية من وباء كورونا والحرب الروسية الأوكرانية، والعدوان الاسرائيلي على الأراضي الفلسطينية وما أدى إليه من عواقب كارثية وتراجع معدلات السياحة وايرادات قناة السويس، وعدم الاستقرار في المنطقة الذي أدى إلى تراجع معدلات الاستثمار، ولكن لن ننكر جشع بعض التجار، وممارساتهم التي تدل على انهم من الأشرار.

لذا فالضرب بيد من حديد على كل طامع خائن هو مطلب شديد، ولن نقلل من جهد الوزراء السابقون ونشهد أننا لم نعاني غياب السلع التام عن الأسواق في أحلك الأوقات مثل أزمة كورونا، وإن واجهنا قلة المعروض في عدد من السلع لا يتجاوز أصابع الأيد الواحدة وكان هذا الأمر راجع لبعض السياسات الغير فاعلة والتي يجرى التعامل معها والعمل على تغييرها وإصلاحها، بينما كانت بعض الدول العظمى تعاني من نقص حاد في الكثير من أساسيات الحياة، وكلنا نتذكر أن زجاجة الزيت في أوروبا كان الحصول عليها أصعب من الذهب.

لكن الأسعار المتصاعدة دون رابط، والأثمان المتغيرة دون ضابط هي أمر يجب أن ينتهي ويكون حادث نصفُه بأنه كان عارض، فمن أبسط حقوق المواطن أن يكون قادرًا على ترتيب ميزانيته، وضبط مصروفاته وفق ضرورياته دون أن يسدد للتاجر فواتير رفاهياته.

أما أزمة غياب الدواء التي ارقت المواطن حد العناء، وأصبح البحث عن غالبية المنتجات الدوائية الضرورية والحياتية اليومية درب من الشقاء، فهي ملف غامض ملتهب يجب حله وضبطه فوراً ودون اي تباطؤ فحق المريض هو قرص النجاة، معاناة المريض ليست ذاتية وإنما هي مأساة عائلية، تضيف للحياة ثقلاً وأعباء نفسية، وليست وقتية فلو تطرقنا لملف الطاقة وانقطاع الكهرباء المؤرق وما بدا له من آثار جانبية مثل انعكاساته على مربي الدواجن ونفوق بضاعتهم ومردود ذلك المتوقع على أسعار سلعتهم، إلا إنها مشكلة على إزعاجها يمكن تحمل تبعاتها والتأقلم مع أنيابها، والتكيف على مستحدثاتها، خلاف الحال مع الدواء فالصحة تاج والعافية رأس مال، والفرد المعافي هو شخص قادر بدنياً على العطاء والانتاج، وقويم نفسياً ليتحمل تبعات الألم مما يحيطه من غلاء وصراع وانقطاع الكهرباء.

ومن الملفات الأكثر حساسية وهي شائكة على الأصعدة الأمنية والدبلوماسية، هو ملف اللاجئين ضيوف مصر الذين اتوا فارين ولكن حسن الضيافة عقد نيتهم أنهم ليسوا براحلين، فبين يوم وليلة وبصور متعددة وغير شرعية لاحظ المصريون أن هناك مناطق بدأت تعاني من طمس الهوية، وكيف لا و10٪؜ من الكتلة السكانية أصبحت دخيلة، وتبسط عاداتها الغريبة، ولن اتطرق لما نعرفه جميعاً من استفزاز على مواقع التواصل الاجتماعي، وفرض سيطرة بسبب التكتل في مناطق بعينها وهي آمنة فالرهان على شهامة الدولة المصرية، ونظرتها التاريخية للضيف أن محله القلب ويتشال على الرأس، فكان ذلك مطمع للبعض للتمادي بما يحمل من تجاوز لابناء الأرض.

ملف ضاغط على كل الأوضاع الحياتية، أذرعه ممتدة تؤثر على خدمات الدولة من مياه وكهرباء وصرف صحي ومواصلات دفع ثمنها المصريين من عرقهم وقوت أبنائهم، ناهيك عن التأثيرات المتوقعة في سنوات قليلة قادمة، من تغير التركيبة الديموغرافية، وشكل الخريطة الصحية باستقبال هذا العدد دون التدقيق في تاريخهم المرضي وامراضهم الكامنة، وتقاليدهم الخاصة التي قد تكون أحياناً بدائية ومرعبة، والحديث موصول للملف الأمني وتحديات جديدة أمام وزارة الداخلية من التعامل مع جرائم لها مرجعيات غير معلومة لأشخاص غير مسجلة جنائياً وبلا تحريات واضحة، وذلك أمر يتطلب سنوات طويلة حتى تستطيع الجهات الأمنية انشاء سجلات من المتابعة والمراقبة لتلك العناصر.

تغيرات ثقافية، وضغوط مالية بلغت مليارات من الدولارات، ستبدو ضئيلة إذا كان بين هؤلاء الضيوف مرجعيات دينية متشددة أو أفكار تكفيرية وانتماءات إرهابية، والعدد في الليمون وفي ازدياد والوضع أصبح شديد الشبه بالمهلبية.

على مدى العشر سنوات السابقة شهدت مصر تغيراً ملحوظ، ونهضة في مناحي عديدة لا يمكن أن نغفلها، فيكفي القضاء على منابع الإرهاب في سيناء واستعادة الأمن وتطهير الأرض من جذور التكفيريين الخبيثة، وبالتوازي كانت معركة أخرى تدار في سيناء بحرفية عالية وهي معركة البناء والتعمير التي تكلفت قرابة التريليون جنيه.

وإذا انتقلنا لبناء الإنسان والمبادرة الأعظم في تاريخ البشرية وهي حياة كريمة التي أعادت لابن مصر كرامته التي اهدرها الفقر والعوز وكانت أولوية لدى القيادة السياسية، إعادة الحياة للغالبية العظمى من قرى مصر قرابة 4500 قرية من أصل 4726 قرية مصرية بتكلفة تقارب التريليون جنيه، أما السيولة المرورية والكباري والأنفاق المنتشرة في ربوع الجمهورية والتي جعلت رحلة المواطن اليومية أكثر أريحية وذلك بتكلفة تجاوزت 1,1 تريليون جنيه، ولازالت مشروعات الربط وتطوير السكك الحديد ومنظومة الطرق مستمرة، والجدير بالذكر وحتى تبدو تلك الأرقام مفهومة ومتخيلة فموازنة الدولة للعام المالي الذي سنستقبله بعد عدة أيام هي 3.9 تريليون جنيه مصروفات وإيرادات 2.6 تريليون جنيه.

ومن الملفات والانجازات التاريخية القضاء على المساكن والأسواق العشوائية والمنازل الغير آمنة وتطوير القاهرة القديمة، حيث بلغ حجم الانفاق على هذا الملف الهام أكثر من 4 تريليونات جنيه خلال السنوات الماضية، فعدد المناطق غير الآمنة على مستوى الدولة 351 منطقة، بها 242905 وحدة، أي ربع مليون أسرة انتقلت من اللاحياة إلى أعتاب حياة، ولن ننسى التنمية الزراعية واستصلاح الأراضي بصورة توسعية عبقرية وملموسة النتائج تحققها مصر للمرة الأولى في الستين عاماً الماضية.

التغيير باب للأمل، وهذا هو المغزى والمأمول من العمل، لذا في تلك اللحظات الدقيقة التي يمر بها العالم أجمع ومصر بشكل أخص وأشمل، نتمنى من الله أن يتولى الأصلح وأن يضع نصب عينيه أن ذلك تكليف وليس تشريف، ويجب أن ينتبه لحساسية وأهمية انجازات تلك الحكومة في هذه الفترة فهي ستصبح مفصل ومحدد في كتب التاريخ، وأن أمل المصريين في تلك المرحلة هي نهضة صناعية توسعية، وقُبلة حياة لإحياء الاف المصانع المتوقفة واستكمال ما بدأته مبادرة ابدأ من مساعدة ودعم تلك المصانع المتعثرة لنلحق بركب ما سبق

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى