رمضان والقرآن قرينان لا يفترقان
بقلم – هاني ضوَّه :
شهر رمضان والقرآن الكريم قرينان لا يفترقان .. ففي هذا الشهر المبارك أنزل القرآن الكريم على الحبيب المصطفى صلى الله عليه وآله وسلم في ليلة القدر التي هي خير من ألف شهر، يقول تعالى: ﴿شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِيَ أُنزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ هُدًى لِّلنَّاسِ وَبَيِّنَاتٍ مِّنَ الْهُدَى وَالْفُرْقَانِ﴾.
ليكون بذلك القرآن هو دستور المسلم، فأمرنا الله سبحانه وتعالى بقرائته وتدبره، قال سبحانه وتعالى: ﴿الَّذِينَ آَتَيْنَاهُمُ الْكِتَابَ يَتْلُونَهُ حَقَّ تِلَاوَتِهِ أُولَئِكَ يُؤْمِنُونَ بِهِ وَمَنْ يَكْفُرْ بِهِ فَأُولَئِكَ هُمُ الْخَاسِرُونَ﴾.. [البقرة:١٢١]، وقال سبحانه وتعالى: ﴿إِنَّ الَّذِينَ يَتْلُونَ كِتَابَ اللَّهِ وَأَقَامُوا الصَّلَاةَ وَأَنْفَقُوا مِمَّا رَزَقْنَاهُمْ سِرًّا وَعَلَانِيَةً يَرْجُونَ تِجَارَةً لَنْ تَبُورَ﴾.. [فاطر:٢٩].
وكان الصحابة الكرام والسلف الصالح والتابعين لهم حال عظيم واهتمام كبير بالقرآن الكريم خاصة في شهر رمضان المبارك، فكانوا يخصصون جزءاً كبيراً من أوقاتهم لقراءته، وربما تركوا مدارسة العلم من أجل أن يتفرغوا له، فكان عثمان رضي الله عنه يختم القرآن كل يوم مرة، وكان بعضهم يختم القرآن في قيام رمضان في كل ثلاث ليال، وبعضهم في كل سبع، وبعضهم في كل عشر، وكانوا يقرؤون القرآن في الصلاة وفي غيرها.
فنرى أن الإمام الشافعي رضي الله عنه كان له في رمضان ستون ختمة يقرؤها في غير الصلاة، وكان الأسود يقرأ القرآن في كل ليلتين في رمضان، وكان قتادة يختم في كل سبع دائماً وفي رمضان في كل ثلاث، وفي العشر الأواخر في كل ليلة، وكان الإمام مالك إذا دخل رمضان يترك قراءة الحديث ومجالسة أهل العلم، ويُقْبِل على قراءة القرآن من المصحف، وكان سفيان الثوري إذا دخل رمضان ترك جميع العبادة وأقبل على قراءة القرآن.
وضرب النبي صلى الله عليه وسلم أمثلة للتالين لكتاب الله، فقال: “المؤمن الذي يقرأ القرآن ويعمل به : كالأترجة طعمها طيب وريحها طيب والمؤمن الذي لا يقرأ القرآن ويعمل به كالتمرة طعمها طيب ولا ريح لها”.
وقال أيضاً صلى الله عليه وآله وسلم: “يقال لصاحب القرآن اقرأ وارتقي ورتل كما كنت ترتل في الدنيا فإن منزلتك عند آخر أية تقرؤها”.
وكان للصالحين والعارفين أحوال عند قراءة القرآن الكريم لما يستشعرونه في قلوبهم من معاني في آيات الله، فكانوا يتوقفون على آية واحدة يبكون طوال الليل، وقد جاء وصفهم في قوله تعالى في سورة الإسراء: ﴿وَيَخِرُّونَ لِلأَذْقَانِ يَبْكُونَ وَيَزِيدُهمْ خُشُوعًا﴾.
وَقَدْ قَالَ أَحَدُ العَارِفِينَ بِاللهِ: “دواء القلوب خمسة أشياء: قراءة القرىن بالتدبر وخلاء البطن وقيام الليل والتضرع عند السحر ومجالسة الصالحين”.