أسلاميات

المفتى: لا توريث قبل الوفاة

قال الدكتور شوقى علام مفتى الجمهورية، رئيس الأمانة العامة لدُور وهيئات الإفتاء فى العالم، إن الأصل المقرر شرعًا أن الإنسان حر التصرف فيما يدخل تحت ملكه، ببيعه أو هبته أو وقفه أو إجارته أو غير ذلك من التصرفات الشرعية التى هى فرع عن الملك، ومع ذلك فقد طلب الشرع الشريف من المُكلَّف أن يُسَوى فى خصوص هبته لأولاده فيما بينهم، ولكن المختار فى الفتوى أن هذا الطلب من الشرع محمول على الندب والاستحباب لا على الحتم والإيجاب، فإذا وهب الوالد أحد أولاده هبة وخصه بها دون باقى إخوته، كان هذا الوالد حينئذٍ تاركًا للمستحب وليس تاركًا للواجب.

جاء ذلك الحوار خلال لقاء المفتى، الأسبوعى فى برنامج “نظرة” مع الإعلامى حمدى رزق على فضائية “صدى البلد”، مضيفًا أن تسوية الوالد فى هبته بين أولاده من المستحبات وليس من جملة الواجبات، وهو الذى ذهب إليه جمهور العلماء، واستدلوا على ذلك بأدلة منها: ما رواه البخارى ومسلم فى صحيحيهما -واللفظ لمسلم- من حديث النُّعمان بن بَشِير رضى الله عنهما أنه قال: انطَلَق بى أبى يحملنى إلى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فقال: يا رسولَ اللهِ، اشهَد أَنِّى قد نَحَلتُ النُّعمانَ كذا وكذا مِن مالى، فقال: “أَكُلَّ بَنِيكَ قد نَحَلتَ مثلَ ما نَحَلتَ النُّعمانَ؟”، قال: لا، قال: “فأَشهِد على هذا غيرى”، ثم قال: “أَيَسُرُّكَ أن يكونوا إليك فى البِرِّ سَواءً؟”، قال: بلى، قال: “فلا إذًا”، فلو كان ما فعله بَشِير حرامًا لم يكن النبى صلى الله عليه وآله وسلم ليأمره بإشهاد غيره عليه، لأنه صلى الله عليه وآله وسلم لا يأمر بمحرَّم.

ولفت المفتى، النظر إلى أنه إذا انتفت الحرمة عن التفضيل بين الأولاد وثبتت الكراهة، فإن هذه الكراهة تكون منتفية إذا كان التفضيل لمعنى معتبر فى الولد المُفَضَّل يقتضى التخصيص، كأن يختص بحاجة، أو مرض، أو كثرة عيال، أو اشتغال بالعلم، ونحوه، ويُفضل ألا يُحدث ذلك نزاعًا.

وشدَّد على أنه لا توريث قبل الوفاة، وهناك فارق بين الميراث من جهة وبين الهبة حال الحياة من جهة أخرى، من حيث إن الميراث مختص بما بعد الموت، ولكل حالٍ أحكام، ومن حيث إن الهبة تطوعٌ وليست فرضًا كالميراث.

وأضاف أن جمهور الفقهاء يفرقون بين صحة التمليك وتمام الملك، فيثبتون صحةَ التمليك بالقول، ويُوقِفُون تمامَ الملك على القبض، فلا يثبت الملكُ التام فيها للموهوب له إلا بالقبض التام، وإن كان العقد صحيحًا، لأنهم استصحبوا فيها معنى التبرع بعد صحة العقد إلى تمامه بالقبض.

وعن موانع رجوع الواهب فى هبته قال فضيلته: من موانع الرجوع فى الهبة استهلاك أو هلاك الشىء الموهوب، أو تغيير صفته الأصلية كالقماش الذى تحول بالتفصيل إلى ثوب، وكذلك رباط الزوجية مانع للرجوع فى الهبة كحالات هبة أحد الطرفين شيئًا للطرف الآخر.

وأوضح أن الوصية مندوب إليها وَفق المفتَى به والراجح، وتُستحَبُّ الوصية للوارث فى حدود الثلث، وإذا كانت زائدة عن الثلث فلا يحق إنفاذها إلا بموافقة باقى الورثة، ولا مانع من معرفة الموهوب له بالهبة، ولكن قد يكون الموصى له معلومًا أو غير معلوم لنا.

وأكد أنه يلزم رضا واتَّفاق جميع الورثة على تنفيذ الوصية على الفور إذا لم تكن موثقة أو متفق عليها بين الورثة، وتنفذ فى حق من رضى وأقر، أما المعترض فعليه اللجوء للقضاء، وتقسيم التركة بما فيها مقدار الوصية إن وُجدت يكون بعد خصم ديون المتوفى وقيمة تجهيزات وفاته وجنازته.

وعن كتابة الأب ممتلكاته وماله أو أغلبه لابن أو بنت دون آخر، أو حرمان أحد قال مفتى الجمهورية هذه نية فيها ذم ومعصية وإثم إذا كان غرضه الإضرار أو ظلم أحد الأبناء، فعليه أن يعدل وألا يظلم أحدًا.

واختتم المفتى برده على سؤال حول تبرع الشخص بممتلكاته بعد وفاته لجهة معينة كجمعية خيرية أو مؤسسة معينة كحديقة الحيوان مثلًا قائلًا: يجب احترام وصية الموصى وفاءً له، ولكن هذا يكون فى حدود الثلث، إلا إذا تنازل ووافق كل الورثة.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى