ناهد يسري ….تكتب وداعا صاحب الذات الإنسانية … وداعا طبيب الغلابة
بقلم ناهد يسري
نفث الله الرحمة في قلبك حتى وهبت حياتك تنثر نفحات رحمتك على عباد الله المطحونين
مشهد واحد فقط من مشاهد الفقر المؤلمة شاهدتها منذ خمسون عاما، حينما علمت قصة الطفل مريض السكر الذي ترجى والدته باكيا من الألم ان تبتاع له حقنة الانسولين فقالت ليس لدى خيار اما ثمن الحقنة او عشاء اخواتك، فغلب الجوع المرض فمات الطفل! أيقظ المشهد جين الله في قلبك فنفضت كل جوارحك وقلبت حياتك راسا على عقب، مشهد ربما شاهده الكثير غيرك فمنهم من تأثر لحظيا ثم مضى في طريقة ومنهم من تفاعل فتصدق من ماله، ولكن المشهد عاش في قلبك خمسون عاما، وهبت خلالها من وقتك وعلمك وكل طاقتك للكادحين دون كلل أو ملل، لا وقت لديك سوى لرسالتك تتقاضى اجر زهيدة من بضعة جنيهات نظير الكشف (10 جنيهات نظير الكشف، 3 جنيهات للإعادة) ومعظم الأحيان تردها للمريض الغير قادر والبعض منهم تمنحه الدواء مجانا!
هكذا وهبك الله هذا الجين “جين الله” واصطفاك بهذه الصفة الاستثنائية “الرحمة” في الوقت الذي نشهد الكثير ممن يمتهنون اسمي المهن أصبحت المهنة لديهم مجرد تجارة وفي نظري هي تجارة بمثابة أية تجارة أخرى محرمة “تجارة الخوف” على سبيل المثال وليس الحصر ممن استغلوا خوف الناس وهلعهم من هذا الوباء اللعين “كورونا” لدرجة أن المريض صار بتكبد عشرات الألوف نظير الإقامة لليلة واحدة !
سيدى، هذه فطرة فطرها الله عليك وانعم عليك بتوفيق حينما عقدت العزم و سرت في طريقك لم تحدو عنه قيد أنملة، مخلفا ورائك كل ما هو مادي وزائل ومضيت في طريقا تنعم فيه بالسلام النفسي ولذة العطاء وراحة الضمير والعلو على كل صراعات الحياة التي أصابت الكثير منا فشوهت الفطرة الربانية والتهمت نسيج الرحمة بداخلنا.
الطبيب العظيم مشالي : لقد فزت دون السعي للفوز، وربحت تجارة دون ابتغاء أي مكاسب سوى ابتغاء وجه الله تعالي فقط تاجرت مع الله وهل من خسارة في تجارة مع الخالق!
أمنت فرحمت فطببت فداويت فمنت في سلام !
وداعا صاحب الذات الإنسانية…