مقالات

مفيد فوزي…. يكتب لنكون محصَّنين ضد العدوى!

-1-

دفعت ثمناً باهظاً لسهرة طرب مع أصالة!.

بقدر حلاوة صوتها وصهللتها ذلك المساء، بقدر ما تعذبت فى اليوم التالى والأيام التالية!. نزلت من الفندق متحمساً أركب سيارتى ومن عادتى منذ زمن طويل أن أركب بجوار السائق. «فقد كان إحسان عبدالقدوس يفضل مقعده بجوار السائق وكان عبدالحليم حافظ يركب بجوار سائقه عبدالفتاح». ونادراً ما أركب فى المقعد الخلفى، كما يفضل البهوات!. ذلك الصباح نصحنى السائق بصوت مبحوح أن أجلس فى المقعد الخلفى. وبفضول شديد، سألته عن السبب.

فقال بصوت متحشرج «أنا عدمان من الأنفلونزا». ولاحظت اصفرار وجهه وشكله المرهق، ثم امتثلت لقراره!. تنصحنى ابنتى حنان بعدم الركوب مع السائق عندما يضربه البرد، وارتبكت ماذا أفعل. هل أسوق العربية للقاهرة وأنصح السائق بركوب أتوبيس؟. ولكنى لم أجلس قط على مقعد القيادة، وربما قلة نادرة مثلى لم تجلس على مقعد القيادة. كان ضرورياً وحتمياً أن أركب سيارتى وأجلس فى المقعد الخلفى ونفتح شبابيك السيارة حتى لا يطالنى الميكروب!. وبالفعل قطعنا الطريق فى ساعتين ونصف وأنا وسط سيارة «مفخخة» بالإنفلونزا إذ إنى ما إن وصلت حتى وجدتنى قد التقطت الإنفلونزا بل أدعى أنها تمكنت منى، وبدأت بالاتصال بطبيبى الأستاذ الدكتور محسن سامى فأملانى قائمة، هذا للرشح وهذا للحساسية وهذا مضاد للكحة.

ووجدت نفسى أسأل د. محسن سامى: كيف ألتقط العدوى بهذه السرعة، أين دور علم المناعة إذن؟. قال الدكتور محسن سامى: «لقد هاجمك الميكروب طيلة وقت السيارة حيث يتطاير رذاذ الكحة، أنت تعرضت لهجوم مكثف!». وبدأت أعالج نفسى وأنا أتلوى من الكحة وبداخلى سؤال: هل الفيتامينات ومكملات الأغذية والكالسيوم هى عماد هذه المناعة؟!.

-٢-

الحقيقة أنى وجدت هذا المدخل مناسباً لقاعدة مهمة فى حياتنا السياسية، وهى كيف نكون محصنين ضد عدوى شغب الشعوب؟. لم يعد سراً مظاهرات شعب ضد الغلاء، فالعالم فى دقيقة واحدة ينقلك لقلب الأحداث، ويمطرك بتعليقات المعلقين وأصحاب الرؤى، ولكن ما جرى فى فرنسا فاق كل التقديرات. لا أنسى مشهد رجال يقطعون بالفؤوس أسمنت الأرصفة لكى يعوقوا المارة عن السير، إنها صفحات سوداء تلطخ وجه التحضر والرقى الفرنسى. والمواطنون فى كل أنحاء العالم هم المواطنون، سماتهم مشتركة وأمنياتهم واحدة، العيش الآمن، ومن الأمانة أن أقول عن رئيس مصر ابن الجمالية عبدالفتاح السيسى إنه يبحث عن «خرم إبرة» فى دول العالم يمكن أن يجنى منها مصلحة لمصر، فيشد العزم والترحال ويسافر، ولا يملك أحد أن يزايد على قولى «إنه رئيس شقيان يسعى أن تكون مصر قد الدنيا»، والسيسى منحاز لبسطاء هذا الشعب والأنماط التى رأيناها على شاشة التليفزيون خير شاهد على ذلك. وإيمان رئيس مصر بشبابها أنهم قاعدة المستقبل إيمان راسخ لا يتزحزح، وثقة رئيس مصر فى المرأة ظاهرة ناصعة فى اختياراته لمواقع الدولة، ومؤتمرات الشباب فى موعدها دليل احترام لقدرات الشباب. كم مرة جلست تسمع قائد مصر وهو يطوف بأقطارها بين جندى وعامل وسائقة ميكروباص، شاهد الرجل فى المؤتمرات العالمية والمحلية، كم تسكن مصر تحت جلده، راقب الرجل وهو يتحدث مع البسطاء بعفوية غير مصطنعة ويمد يده للسلام، راقب الرجل وهو يطلب من وزير الحربية احتضان فكرة «هوية لكل بلد فى مصر»، راقب الرجل وهو يسأل المحافظ عن عدد الكبارى الجديدة لا يقصد إحراجه، إنما بأهمية مسؤولية محافظ فى الإلمام بكل شبر فى محافظته. راقب الرجل وهو يذهب للكنيسة المصرية فى أعيادها ويلتقى بالبابا تواضروس ليقطع دابر الإشاعات رغم حوادث حقيقية فى المنيا توقف البابا عندها. راقب الرجل وهو يعلن علاج الملايين من فيروس «C» حتى تصبح مصر خالية منه، راقب الرجل وهو ينتقد مرض السمنة وكيف أنه مدمر ولا بد من علاج، حتى قوام الإنسان المصرى لم يغفله. ولا ينسى ما حققته مصر فى مجال الكهرباء وكيف أن مصر تصدر الطاقة، وكنا بالأمس القريب نعانى من «إطفاء» الكهرباء لساعات طويلة، كانت الناس تجن من انقطاع النور، راقب القوات المسلحة وهى تساهم مجتمعياً فى إعداد تخت الدراسة بالإسكندرية، كل هذا يصنع «مناعة» قوية لا تهتز بخبر فى صحيفة معادية أو تغريدة سامة على مواقع الاتصال أو إشاعة تهز الأرجاء.

-٣-

لكن الناس فى بلدى يحتاجون تربية سياسية تجعلهم أكثر وعياً وتدعم طاقة المناعة، وليس أمامنا سوى التليفزيون والراديو، فمباريات الكرة طوال النهار والليل لا تبنى طاقة مناعة، والدراما قديمها قبل الجديد لا يبنى مناعة ضد عدوى الشغب، واستديوهات التحليل الكروى مسلية ولا تضيف للمناعة، وعدم اختلاف الآراء يصل بنا إلى ستينيات هذا القرن ولا يدعم مناعة، والهزل فى الإذاعات لا يبنى مواطناً مصرياً واعياً، راقبوا الإذاعات، حتى التسلية لها قواعد وطقوس، التليفزيون «الواحد» مفسدة لا يبنى مناعة، لا بد من نظرة شاملة بعنوان: أى «فن» نريد؟، أى «إعلام» نرتضى؟، أى «اختلاف» نحلم به؟، أى «جرعة سياسية» نبغى للمصريين؟، أى «أحلام» نسوقها للناس؟. وبغير هذه الأسئلة تهتز «المناعة» وربما تعرضنا للعدوى.

بوابة الشباب نيوز

جاء إطلاق بوابة الشباب نيوز على الانترنت ليكون وسيلة لمعرفة الاخبار اول باول، ويمثل إضافة قوية في الفضاء الالكتروني، وجاءت انطلاقة الموقع من مصر من قلب الاحداث ليهتم بالثورات العربية والمشاكل السياسية ويغطى الفعاليات الاقتصادية والرياضية ويواكب علوم التكنولوجيا ويغطي اخبار المرآة

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى