يا إلهى، امنحنى القدرة على فضيلة استخدام عقلى فى حياتى، فأنا فى يدى قلم وأقف أمام العدسات وأخاطب الناس وكل هدفى أن يرتفع منسوب الوعى فى بلدى، فيميزوا بين الصالح والطالح ويعرفوا أهمية مساندة أمن بلد، وماذا من وراء التشكيك فيما هو على الأرض حقيقة ناصعة تفرضها وطنية مكحلة بانتماء صادق، ويعرفوا اتجاه الريح ومن أى أرض تهب، من عدو أو من صديق.
يا إلهى امنحنى الأمانة فى العرض على قارئ لا يقبل التزوير فى حقائق أو الكذب فى أرقام، قارئ يريد أمانة الصورة بلا رتوش أو ظلال، صورة لا تتجمل لترضى القيادة السياسية، صورة بلحمها ودمها وترابها، فالشعوب تنهض بصدق المعلومة حتى لو كانت صادمة أما المعلومة المطلية بألوان الطيف فإنها تقود للتهلكة.
يا إلهى ساعدنى على آلتفكير برشد والتصرف بحضارة والقول بشجاعة، ساعدنى على استخدام السكين فى قطع الخبز وليس فى شق بطن إنسان، ساعدنى على التعقل أمام معضلة، فالحياة ليست نزهة بحرية، إنما هى صراع مع الريح والبحر والأمواج.
يا إلهى.. خذ بيدى وأنا أناقش أمراً يخص البلد، فلا تحرمنى من صراحتى، وأنا لا أقف فى مدينة نعم لأنى لا أحمل عقل ببغاء ولا أقف فى مدينة لا لأختلف عن رأى القبيلة، فالآراء المحبوسة بين الضلوع لابد من الإفراج عنها والكلام المتحشرج فى زورى، يجب أن يخرج فالساكت عن الحق شيطان أخرس، وحجب الحقيقة.. خطيئة.
يا إلهى، ألهمنى الصمت حين الغوغائية وفك عقدة لسانى حين ذكر الحقيقة، وامنحنى القدرة بالكف عن التمثيل، فما أرخص هذا الأداء، أتذكر جيداً أستاذ الجامعة الذى ظل يقنعنى بعينين دامعتين أن علاقته بجيرانه الأقباط تجاوزت الحدود المألوفة بين الجيران، ثم رأيته فى أول منصة للإخوان عشية 28 يناير وسقط من نظرى رغم مناصب تقلدها وهو الممثل غير المقيد فى نقابة الممثلين!.
يا إلهى، امنحنى سلاماً نفسياً أخلو فيه لنفسى فأغلق الموبايل وأسد رياح الخماسين بغبارها، وآخذ إجازة إجبارية من محترفى النقاش الحنجورى واجعلنى أنجو بنفسى من صالونات الادعاء والمدعين، امنحنى السلام الذى اغتيل وصار القتل والتفجير رياضة يمارسها القتلة وأصبح الساسة دعاة عنف بلا حدود. يا إلهى، أعطنى القدرة على أن يبنى قلمى طوبة فى عمارة هذا البلد دون ترخيص من أحد، أعطنى القدرة أن أكون مفيداً لا مسلياً. فما عاد الزمن يحتمل رفاهية التسلية، فالدول تتنافس نحو مجدها تلهو وقت اللهو وتعمل بجدية حينما تعلن ساعة العمل دقاتها، وأزمتنا خلط اللهو بالجد، أزمتنا أن المعرفة لا تروق لنا لأنها جادة، أحياناً أشعر أن الهزل هو نبع حياتنا فأحزن وأكتم حزنى وربما أشعر بغربة!.
يا إلهى، امنحنى القدرة على مقاومة إغراء السلطان والقرب من السلطة، اجعل يا ربى بينى وبينها مسافة، فأنا أريد استقلاليتى ولا أفضل التبعية، أعرف كثيرين يلهثون خلف السلطة لينعموا بمكاسبها لكننى أراها ناراً تحرق صاحبها بعد قليل، كم من بشر تألقوا فى ضوء السلطة ثم سقطوا بعد استنفادهم وللدقة استهلاكهم فما عادوا ورقة رابحة.
يا إلهى، ساعدنى على النطق بالحق وإعادة الاعتبار للمظلومين الذين سقطوا من منخل التقدير لأسباب مختلفة، ساعدنى على أمانة التقرير وليس تستيف الأمور، فما أبشع التستيف إنه الكذب المنمق المحبوك المصاغ ربما من إدارات قانونية، أعطنى القدرة على كشف هذا التستيف فى بلد يفتقد الصدق لآخر قطرة.
يا إلهى، امنحنى المقدرة على أن تكون علاقتى بك مباشرة دون وسطاء، يتكلمون باسمك، أنا أقصد وجهك الكريم، وأطلب منك وحدك المغفرة إذا أخطأت، لا أريد أوصياء علىَّ ولا أريد مفسرين للدين إنها علاقة استثنائية بينى وبينك يا رب الكون.
يا إلهى أنت القادر على شل ترددى إن نويت وتمنحنى فضيلة الاعتراف بالخطأ، الاعتراف قوة، والصغار يتصورون أن الاعتراف بالضعف خطأ، بيد أنى أدرك جيداً أن الاعتراف بالخطأ من شيم الكبار.
يا إلهى، أعطنى المقدرة أن أكتب لرئيس البلاد ما أريد أن أصارحه به دون تنميق ودون بلاغة ورنين كلمات، فهو يريد أن يعرف الصورة دون محسنات بديعية، لقد علمه الجيش الكلام المحدد والوقائع المحددة والحلول الممكنة بلا تهويل، ساعدنى أن أخلق مناخاً نصغى فيه إلى ما يقول ويعبر عن نفسه خارج النص المكتوب. ساعدنى على التواصل مع ذهنه المشغول بمقدرات هذا البلد وأوجاعه التى يعرفها، إنه أكثر الرؤساء إرهاقاً لنفسه بين سفر فى الداخل والخارج، بين دراسة قضية والرد على مشككين، إنه أقل الرؤساء نوماً وراحة، أنجبته الأقدار لهذه المرحلة الصعبة. شاءت مشيئتك أن يكون «الرئيس الضرورة» ثم أصبح «الرئيس المستقبل» إنه فى مرحلة بناء – يا إلهى – ولم ينعم الشعب بعد برخاء وعد به، فأعطه القدرة يا رب على التعامل مع الأفاعى لينقذ البلد من سمومهم، كم من الجبهات دخلها ويحارب فيها.
يا إلهى، امنحنى القوة لأنفذ لأعماق الناس وأعرف عدوى من صديقى وامنحنى القدرة على التمييز بين النفيس والخسيس وامنحنى المقدرة على ضبط إيقاع لسانى فلا يغافلنى بنطق حقيقة صادمة أدفع ثمنها غالياً من هنائى.
يا إلهى، هذه صلاتى فى لحظة صفاء أبتغى رضاك وأتمنى أن أكون محصناً ضد الغرور أو الصلف أو الغباء اللاإرادى أو الكذب بأناقة أو التستيف بإتقان، أقف بين يديك خاشعاً مجرداً من القوة، دقات قلبى تكاد تقفز من القفص الصدرى وصوتى يتهدج فأنا أهمس وهل الدعاء يستوجب الصياح؟.
آمين.