بقلم رئيس التحريرمقالات
مصطفى كامل سيف الدين …. يكتب تخلص من وهم نفسك
بقلم الكاتب الصحفى مصطفى كامل سيف الدين
وهم الأنا ..العباقرة يفهمون هذا المعنى جيداً .. أن يكون الإنسان على طبيعته على سجيته .. على حقيقته .. دون تطابق مع الدور الذى يلعبه .. دون تطابق مع الذات .. أي دون تمثيل وفعل أشياء هو لا يؤمن بها ولا يرضي عنها فقط ليرضي من حوله.
إينشتاين كان مدرك لهذا المعني عندما قال : ” للأسف يتحدثون عن إنجازاتي وفلسفتي ونظرياتي وعن كل شيء ليس هو أنا ، انا شيء مختلف عن كل هذا ”
ويكمل كلماته ..
“الأنا توهم بصري للواقع ، وإياك أن تلعب الدور”
بوذا كان أول كائن بشرى يرى هذا البعد فى كلمته “اناتا” أي “لا نفس”
وكانت واحدة من اهم النقط فى تعاليم عيسى عليه السلام،عندما قال “أنكر نفسك” كان ما يعنيه “تخلص من وهم نفسك”
حالة من التطابق التام مع الدور ..
-العمل من أجل الألقاب والانا وذلك الوهم شىء والعمل من أجل أن نكون مثال لرحمة ربناية شىء آخر ..
تأمل الطبيعة ممكن تساعد على التخلص من تلك”الأنا”
“عندما تمشى أو تستريح بين أحضان الطبيعة ، أحترم هذا المقام بأن تكون موجوداً فيه بشكل كامل .. كن ساكناً .. أنظر .. أنصت .. شاهد .. شاهد كيف أن كل نبته أو حيوان قائم بذاته .. لا يحييون من خلال تصورات يرسمها العقل عن ذواتهم ، فهم ليسوا فى حاجة الى الانشغال بحماية أنفسهم وحماية تلك التصورات ، فالغزال يعكس ذاته ، والنرجس يعكس ذاته ”
طيب لاحظ كم هو قوى وجود الزهرة .. كم هى مستسلمة للحياة !
شىء آخر..
تجد الشخص رغم كل ما حققه الشخص على المستوى الخارجى من أنجازات يقشعر لها البدن إلا أنه تجده فى حالة من الفراغ الداخلي ، في حالة من عدم الأمتلاء الداخلي .. ويصاب بخيبات وإحباطات وإنكسارات مستمرة.. !
-حالة الأمتلاء الداخلي لن يستطيع الشخص أن يجربها إلا إذا تحللت تلك الأنا ، لن تجرب الطمأنينة ولا السلام الداخلي إلا بالتخلي عنها ..
موت الذات المزيفة فى اللحظة التى تدرك فيها وهميتها ..
تجد الفارق بين من يسعى يشيد ويبنى ويعمل من أجل الأنا وبين من يعمل بأخلاص تام لله فى حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم
عندما قال:” إن الرجل ليعمل عمل أهل الجنة فيما يبدو للناس وهو من أهل النار ، وإن الرجل ليعمل عمل أهل النار فيما يبدو للناس وهو من أهل الجنة ”
فى سورة الاسراء عندما قال الله :“وَلاَ تَجْعَلْ مَعَ اللّهِ إِلَهاً آخَرَ فَتُلْقَى فِي جَهَنَّمَ مَلُوماً مَّدْحُوراً”
ممكن يكون المعنى هنا أن الاله الآخر هنا هو الأنا ، والذات المزيفة والتطابق مع الادوار ، ويمكن أن يكون الشرك بالله في الأشخاص كالوالدين ، في الأفكار
إن – أهل الأنا – يحاولون دائماً وباستماتة عجيبة وباستفزاز ظاهر الظهور بمظهر الأنيق والمميز في الملبس والمركب والمسكن والمأكل والمشرب كي يبدوا في عيون الناس محط الإعجاب ومركز التحديق، وأهل الأنا أشخاص لا يقبلون إلا لصوت المديح العالي وكلمات الإطراء والإعجاب وقرع الطبول والتصفيق الحاد والتصفير الكبير، وأهل الأنا لديهم تميز خاص وتفرّد بالغرور والتعالي واصطناع الأشياء والطموح الزائد غير المشروع ومحاولة كسب الأشياء والسيطرة عليها، ولديهم الرغبة المستمرة في البحث عن الألمعية والجمال، وبأنهم الأكمل في كل شيء حتى في طريقة الاحتفاء والكلام والمصافحة والابتسام، ولديهم إحساس كبير بأنهم نادرون مثل الجواهر الثمينة والأحجار الكريمة، وإنهم نوع خاص وفريد لا يمكن محاذاتهم أو مجاراتهم أو حتى تقليدهم.
إن – أهل الأنا – أشخاص يبالغون جداً في تأطير الأنا ببذخ عجيب رغم شخصياتهم الهشة والرقيقة في حقيقتها
إن – أهل الأنا – يعانون خواءً عاطفياً وتفاوتاً واضحاً وبائناً في أمزجتهم وخيبة أمل وهوس وقلق واضطراب، لذلك نجدهم يجمحون بإفراط عجيب نحو استخدام قدراتهم اللغوية رغم ضعفها وقصر مفرداتها في جلب الانتباه ولفت الأنظار فيما يودون قوله وفعله وطرحه، إن – أهل الأنا – يملكون التباهي والزهو الحاد، لكنهم لا يملكون أدنى درجات المنطق ولا رجاحة العقل ولا الحكمة ولا رؤية الأشياء على طبيعتها ولا يملكون آلية التعامل برفق مع معايير الأشياء ومتطلبات الحياة ولديهم تبجح تام ودائم بالذات وبهرجة ملوّنة تشبه كرنفالات الأعياد بمناسبة وبغير مناسبة مما يترك البصر حسيراً.
إنني في حياتي قد عرفت عن قرب بعض الأشخاص من – أهل الأنا – الذين يملكون مسحة عالية من التعالي وغروراً كبيراً بالنفس واهتماماً حاداً وضخماً بـ(الذات) حد التقديس الممل، على الرغم من أنهم لا يتميزون على أرض الواقع بشيء عن الآخرين إن لم يكونوا أقلّ شأناً منهم وأقصر قامة وأدنى موقعاً ودرجة، ولديهم شعور غير طبيعي وغير عادي بالعظمة حد الجنون بتضخيم (الأنا) وبأنهم الأفضل والأجمل والأحسن والأذكى والأرقى والأدهى والأمثل، وأن الآخرين أقل منهم شأناً وأدنى، ولذلك فهم يمنحون أنفسهم أحقية نقد الناس والسخرية منهم والتكبر والتعالي.
آخيراً كل حبي و اتمني لكم كل الخير في حياتكم وعيد سعيد ♥