مقالات

عباس الطر ابيلي…. يكتب البداية بملاليم.. والنهاية ملايين!

الشىء الوحيد الذى لا يتوقف عند الإنسان هو طلب الطعام، ولذلك فإن تجارة الأكل هى الأكثر رواجاً.. عند كل البشر.. فقيرهم.. وغنيهم!!.

وقد انتشرت – فى العالم كله – مطاعم الشوارع.. ليس فقط لأنها الأرخص.. بل أيضاً الأسرع، يعنى يأكلها الواحد على الواقف.. فضلاً عن أنها الألذ والأطعم، ربما بسبب التوابل التى لا تجعلك تعرف أصل ما تأكله.. إن كان لحم كذا.. أو لحم كذا!!.

ومطاعم الشوارع تبدأ بملاليم قليلة.. مجرد عربة يد أحياناً، تقف على ناصية شارع ويبدأ المشروع صغيراً.. ويكبر، حسب ذكاء صاحبه.. وقدرته على جذب الجائعين.. وأشهر عربات الشوارع عربة الفول والطعمية.. والعيش البلدى والبصل الأخضر وقرون الشطة الخضراء الحراقة.. وطبق الطعمية، ولكن هناك عربات أخرى تنافسها.. منها مثلاً عربة الكشرى ومعها أحياناً أطباق الأرز باللبن، وعربة المخ ولحمة الراس والفشة والطحال والحلويات، وأحياناً عربة الكبدة والكلاوى واللسان، وربما عربة الكباب والكفتة، وكذلك عربة الكوارع بالشوربة والفتة.. وتوابعها.. ولا ننسى هنا عربة البليلة، ويا سلام على سلطانية البليلة فى عز الشتاء وتعلوها المكسرات حتى ولو كانت مجرد فول سودانى وشوية جوز هند.. مع ملعقة زبدة أو سمنة وحتة قشطة!!، ثم هل ننسى عربة السمك المقلى حتى ولو كان قشر البطيخ يقدم وسط السمك.

وهناك أيضاً من بدأ حياته أمام صينية بسبوسة، أو هريسة، أو كنافة، أو لقمة القاضى، التى يطلق عليها الأتراك والشوام اسم «عوامة»، وفى العالم الخارجى ما ألذ ما أكلت من ساندويتشات السجق فى شوارع ألمانيا والنمسا.. أو الهامبورجر فى شوارع أمريكا.. وكذلك السمك والبطاطس.. والرنجة المملحة فى أمستردام وشرائح البط الصينى فى جنوب آسيا.. أو تقف فى طابور طويل أمام سيخ شاورما على ناصية شارع شافنزبرى الشهير فى لندن باسم شارع المسارح.. وساندويتشات السمك مع البطاطس حتى ولو فى أطباق من ورق فى أشهر شوارع نيويورك، حيث المسارح ودور السينما، أقصد شارع برودواى.

وكل هذه العربات تبدأ صغيرة، ولا تتكلف إلا ملاليم قليلة.. ولكن سرعان ما تكبر العربة.. فيستأجر صاحبها محلاً صغيراً.. والمحل «يجر» محلاً إلى أن يشترى صاحبها العمارة كلها.. ليهدمها ويعيد البناء، ومن منا ينسى محمود شكوكو وأغنيته الشهيرة وهو يخطب ود ليلى مراد طالباً الزواج منها ويقول «وبنيت من الفول والطعمية أربع عمارات!!»، وهناك عائلات عريقة بدأت بالفول والطعمية، ولاتزال، ولكنها كبرت، ويتوارث الأحفاد – بعد الأبناء – تلك المهنة، ومازلت أتذكر «طعمجى» فى سوق السمك بدمياط كان يقف بعربته ليحول عجينته إلى أقراص طعمية.. وما إن يبيعها حتى يغادر المكان حامداً ربه العلى القدير.. «عم حمزة»، والله كانت ألذ من الكفتة والكباب، وهكذا عرفنا عائلات احترفت بيع الفول والطعمية وكونت منها عمارات واقتنت العزب وركبت أفضل السيارات.. حتى وإن احتفظت بأسماء العائلة، وإن كانت أسماؤها من العائلة الحيوانية!!.

ومن باعة الكشرى على العربة إياها من صار صيته فى السماء.. وامتلك العمارات ودانت له الدنيا، فى القاهرة وغيرها.. وتعرفون أنتم أشهرهم.. حتى إن نجاحه جذب كثيرين لبيع الكشرى.. حتى صار هناك محل كشرى بين كل محل كشرى وآخر.. ولذلك فإن أهل إسكندرية يسخرون من أهل القاهرة بسبب طبق الكشرى.

■ ■ وكم من حلوانى شهير – فى دمياط مثلاً – بدأ حياته مع صينية هريسة وأخرى بسبوسة أو بقلاوة.. على عربة يد، ثم افتتح محلاً صغيراً.. والآن للأسرة فروعها الكثيرة وتكاد تسيطر على هذه الحرفة.. اللذيذة.

■ ■ وإذا كنت لن أنسى «كفتة بسة» التى كنا نأكلها لسنوات عديدة أمام دار أخبار اليوم.. إلى أن اكتشفت أن ما كنا نأكله من لحم القطط، وكذلك الرغيف المشهور باسم الحواوشى وكان يباع بالتوفيقية بسعر ستة قروش لا غير.. ومن كثرة الشطة والتوابل لا نعرف أى لحم نأكل!!

■ ■ كل ذلك بدأ بعربة يد صغيرة.. على ناصية شارع.. كانت هى «فتحة الخير» لصاحبها، بشرط أن يظل أميناً على أصول الصنعة.

بالذمة أليس هذا أفضل من مهنة الصحافة والكتابة التى نشقى فيها، ومازلنا؟!، يا ترى حد فيكم يشاركنى فى عربة فول؟!!.

بوابة الشباب نيوز

جاء إطلاق بوابة الشباب نيوز على الانترنت ليكون وسيلة لمعرفة الاخبار اول باول، ويمثل إضافة قوية في الفضاء الالكتروني، وجاءت انطلاقة الموقع من مصر من قلب الاحداث ليهتم بالثورات العربية والمشاكل السياسية ويغطى الفعاليات الاقتصادية والرياضية ويواكب علوم التكنولوجيا ويغطي اخبار المرآة

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى