بقلم رئيس التحريرمقالات

مصطفى كامل سيف الدين …. يكتب شبح الغلاء والمواطن المطحون

بقلم الكاتب الصحفى مصطفى كامل سيف الدين

يعيش المصريون في هذه الفترة أيامًا فى غاية الصعوبة؛ بسبب غلاء الأسعار الذى أصبح وحشا مفترسا يلتهم مرتبات المواطنين الضئيلة، حيث تتزايد تكهنات الجميع بأن ترفع الحكومة سعر البنزين والسولار، التحاقا بالسجائر والعديد من المواد الغذائية الأخرى، وذلك وفقًا لتصريحات المسئولين وعلى رأسهم وزيرا الكهرباء والبترول اللذين أكدا ارتفاع الأسعار خلال الأيام القلية المقبلة.

أصبح غلاء الأسعار شبحًا يلازم المواطن بصفة مستمرة، فعندما قامت الثورة، استبشر المصريون خيرا بالقضاء علي كل السلبيات التي كانت موجودة في النظام السابق مثل ارتفاع الأسعار وانخفاض المرتبات، لكن حدث العكس تماما، فالأسعار تتزايد بصفة مستمرة، مما يحمل المواطن أعباء وضغوطا طوال الوقت.

اللي معندوش تلاجة مش هيعدي الـ 50 كيلو وات، والفاتورة لما تيجي للمواطن غالية هيرشّد الاستهلاك.
وزير الكهرباء لإحدى النائبات

هكذا علل السيد الوزير أسباب ارتفاع أسعار الكهرباء، موضحًا أن المواطن يحتاج إلى الوعي لفهم أنماط الترشيد، فالحكومة والتجار يتهمون المواطن بالتسبب في ارتفاع الأسعار ليخفوا عجزهم عن حل الأزمة.

وعود السيسي والواقع
في أبريل الماضي، وعد السيسي في لقائه مع ممثلي فئات المجتمع بعدم زيادة الأسعار مهما حدث، قائلا: «في ظل الظروف الاقتصادية الصعبة التي تمر بمصر، عينينا على الإنسان المصري البسيط اللي ظروفه صعبة، ولن يحدث تصعيد في أسعار السلع الأساسية مهما حصل ومش هيحصل حاجة للدولار، بس لو حصل يعني مفيش زيادة في الأسعار، الجيش مسؤول، والدولة مسؤولة معي وهذا وعد إننا نحافظ على الأسعار».

لم تتحقق هذه الوعود والتطمينات؛ فالتوجه الأساسي للرئيس والحكومة يناقض استقرار الأسعار، وما يتخذه السيسي وحكومته من «قرارات صعبة لتحقيق إصلاح اقتصادي حقيقي» -كما يصرّحون- ماهو إلا انعكاس لشروط صندوق النقد الدولي بزيادة الأسعار وتخفيض قيمة العملة، من أجل الحصول على قرض الـ 12 مليار دولار من الصندوق.

وفي الاحتفال بافتتاح قناة السويس الجديدة، انتهز السيسي الفرصة لتوضيح أسباب ارتفاع الأسعار، فقد عبّر عن استغرابه من الذين يشكون من ارتفاع أسعار السلع مؤكدا أن هذا الأمر طبيعي جدًا؛ لأن البلاد تخطو نحو التقدم، فمن الطبيعي أن يتم رفع أسعار السلع من أجل الحصول على الدعم لاستكمال باقي المشروعات المخطط لها، وارتفاع الأسعار ما هو إلا نتيجة طبيعية جدًا لحالة التقدم الملحوظ الذي تعيشه البلاد خلال الفترة الحالية، وبالتأكيد سوف يتم مراعاة هذا الأمر خلال الفترة المقبلة.

إلا أن من أهم أسباب ارتفاع الأسعار هو تنفيذ إجراءات برنامج الإصلاح الاقتصادي، قبل الحصول على الشريحة الأولى من قرض صندوق النقد الدولي، الذي تتضمن شروط الحصول عليه زيادة أسعار البنزين والسولار والغاز الطبيعي، وأسعار تذاكر المترو، بالإضافة إلى تطبيق ضريبة القيمة المضافة، والتي تسببت في موجة كبيرة من ارتفاع الأسعار من 40% إلى 70%.

أسباب اقتصادية لرفع الأسعار
1. عجز الموازنة الذي يقترب من 300 مليار جنيه، والدين العام الذي وصل إلى 3 تريليونات جنيه.

2. زيادة سعر صرف الدولار، وارتفاع أسعار الكهرباء؛ لأن الإنتاج الصناعي والزراعي يحتاج إلى طاقة، وزيادة التكاليف تترجم لارتفاع في الأسعار.

3. مصر تستورد معظم السلع بالدولار؛ ما يؤدي إلى زيادة الأسعار حتى للسلع المحلية. وعلى الرغم من أن البنك المركزي مسؤول عن ضخ العملة لتوفير تلك السلع، إلا أن الاستهلاك ما زال أكبر من العرض.

4. أي إجراءات تعرقل الاستيراد قد تخل بالتزامات مصر في الاتفاقيات الدولية؛ ومن ثم قد تواجه الصادرات مبدأ المعاملة بالمثل، وقد تؤدي لارتفاعات كبيرة في أسعار السلع دون استثناء، بما فيها السلع المحلية.

5. سياسيات البنك المركزي، فهو لم يوفر الدولار في السوق؛ وبالتالي كان من الطبيعي أن يتم رفع أسعار السلع الغذائية كافة.

7. الزيادة السكانية، حيث تتسبب في تقليل المعروض وعدم كفاية الطاقة الإنتاجية، وحينما تنخفض الكمية المطلوبة يتم رفع الأسعار تلقائيًا؛ بسبب ارتفاع الطلب من المستهلكين، مقابل نقص المعروض.

أسباب خاصة بالسلع
1. ارتفاع أسعار المنتجات الزراعية: يرجع إلى تكلفة الزارعة والمزارعين، وانتهاء المواسم الزراعية أو تغير المناخ، كما أن زيادة أسعار السلع الغذائية تؤثر على السلع الأخرى.

2. ارتفاع أسعار الكهرباء: بسبب ارتفاع سعر صرف الدولار، وانخفاض نسبة الغاز الطبيعي في إجمالي الوقود من 84% إلي 70%، بالإضافة إلى زيادة الاستثمارات والمشاريع الاستثمارية، في مقابل القدرة الضعيفة لإنتاج الطاقة، فضلًا عن ارتفاع أسعار الصيانة، وعجز الدعم بمقدار 20 مليار جنيه، وارتفاع أسعار المواد البترولية المستخدمة في محطات الكهرباء.

3. ارتفاع سعر الأرز: بسبب نقص المعروض، وسوء التخزين من جانب التجار وارتفاع معدل التهريب للخارج؛ من أجل الاستحواذ على العملة الأجنبية لتحقيق هامش ربح مرتفع، في ظل ارتفاع أسعار صرف الدولار داخل السوق المحلي، كما أن أزمة النقد الأجنبي أدّت بشكل كبير إلى توقف استيراد الأرز الهندي.

4. ارتفاع أسعار السيارات: يرجع لزيادة سعر صرف الدولار، وارتفاع أسعار السيارات في بلد المنشأ، فضلًا عن قلة الاستيراد لعدم توافر العملة الصعبة، ووجود أزمة في عملية التصدير لمكونات السيارات المحلية.

5. ارتفاع أسعار السجائر: نتيجة تخفيض شركة الشرقية للدخان المكسب من التاجر من 4 جنيهات في «الخرطوشة» إلى جنيهين؛ الأمر الذي أدى إلى تخزين تجار الجملة للمنتج بغرض الحصول على مكسب مضاعف.

تقصير حكومي وجشع تجار
1. السياسات الخاطئة التي تتبعها الحكومة، المفتقدة لرؤية واضحة للإصلاح.

2. فساد بعض المسؤولين عن الجمعيات التعاونية، الذين يخفون بعض السلع مثل اللحوم ثم يبيعونها لمحلات الجزارة، والسلع الأخرى تباع للأسواق ومحلات البقالة.

3. عدم وجود رقابة على الزيادة في الأسعار، فكل تاجر يرفع السعر، ويقلده بقية التجار، كما يقوم تجار السوق السوداء بتخزين البضائع، ثم رفع أسعارها بحجة نقصها في السوق.

4. غياب الرقابة الحكومية على الأسواق بشكل دوري، وعدم محاسبة التجار في حالة تحكمهم في الأسعار، بالإضافة إلى جشعهم ورغبتهم في تحقيق أكبر مكسب من وراء ارتفاع الأسعار.

أسباب أخرى
1. «الحكومة لا تتحمل العبء وحدها لأنها جزء من الشعب، والمواطن يريد الاستهلاك ولا ينتج، ودائمًا ما يحمّل المسؤولية للحكومة» كما قال أستاذ الاقتصاد بجامعة المنصورة د. مختار الشريف.

2. «90% من أسباب ارتفاع الأسعار حالة نفسية، والشائعات من أهم الأسباب المساهمة في الغلاء، فالمواطن لا يدرك حقيقة الواقع، وأي السلع التي ارتفعت أسعارها، وقيمة ذلك الارتفاع، إلا أنه يردد ما يتم تداوله، دون وعي» كما صرح اللواء عاطف يعقوب، رئيس جهاز حماية المستهلك، ثم نفى كلامه قائلاً: «كلامي أُفرغ من سياقه؛ لأنني أوضحت أن هناك ارتفاع أسعار مبرر وآخر غير مبرر، والحديث المتواصل عن وجود ارتفاع أسعار بشكل عام دون التدقيق هو أصل الارتفاع».

الكل يتحمل نصيبًا من التهمة، فالدولة مسؤولة عن جزء من زيادة التكاليف؛ لأنها لا تتدخل، وتكتفي بالاعتماد على آليات السوق الحر، وهناك جزء كبير من ارتفاع الأسعار يقع على عاتق التجار، فهم يستغلون المواسم لزيادة الأسعار بشكل جنوني، مستغلين عدم قدرة الحكومة على التحكم في السوق، فهناك ما يزيد عن 3 آلاف مركز تجاري، ولا تستطيع الجهات الرقابية متابعتها أو ضبط أسعار السلع والسيطرة عليها؛ لعدم وجود قانون يعطيها الحق في التدخل في السوق بتعديل الأسعار.

كما يتسبب المواطنون أحيانًا في رفع الأسعار بسبب كثرة الطلب في فترات المواسم، مثل رمضان والأعياد، فاستهلاك المواطنين يزداد خلال شهر رمضان، وبعض العائلات تصل لزيادات 3 أضعاف، بعكس شهور العام الأخرى، لكننا لا يمكن أن نعتبر المواطن هو المسؤول الوحيد عن ذلك؛ فتزايد شراء السلع لتخزينها قبل رمضان يستغله التجار احتكاريًا لزيادة أسعارها.

كيف نواجه مشكلة ارتفاع الأسعار؟
الدولة
1. ضرورة وجود بورصة للأسعار؛ لتحديد السعر، ومحاسبة من يخالف الأسعار، بأن تقوم المؤسسات الحكومية وجهاز حماية المستهلك بدور الرقيب على السوق، وأن تحدد الربح، كما تفعل بعض الدول المتقدمة بتحديد ربح التجار بـ 20% للملابس، و25% للسلع الغذائية، وهذا الأمر ينفذ في اليابان وإنجلترا.

2. عمل منافذ حكومية لتوزيع السلع الأساسية بأسعار منخفضة، وتفعيل المنافذ الحالية التي تفوق 32 ألف منفذ على مستوى الجمهورية، وعمل سيارات متنقلة تصل لجميع أنحاء الجمهورية؛ لإتاحة السلع الرخيصة لجميع المواطنين.

3. زيادة الإنتاج لتوفير السلع للمواطنين.

4. إصدار قانون من البرلمان لضبط الأسعار، لعدم وجود قانون حكومي.

5. الحكومة يجب أن تتدخل لضبط الأسعار، مثلما فعلت مع أزمة ارتفاع أسعار الأرز، وكذلك أزمة الزيت وتدخل القوات المسلحة لضخ كميات من خلال منافذها، ومعرض (أهلاً رمضان) الذي أقامته وزارة التموين.

المواطن والمجتمع المدني
1. ضرورة ترشيد الاستهلاك.

2. إنشاء جمعيات تعاونية لتواجه جشع التجار.

3. تفعيل قدرات الغرف التجارية، والاعتماد على المجتمع المدني للمراقبة.

4. المسئولية المجتمعية للمستهلك، من خلال التعاون مع جمعيات حماية المستهلك وحملات المقاطعة الشعبية.

5. إيجابية المواطنين بتقديم شكاوى للجهات الرقابية عن الزيادات في الأسعار، أو تخزين التجار للسلع الأساسية.

بوابة الشباب نيوز

جاء إطلاق بوابة الشباب نيوز على الانترنت ليكون وسيلة لمعرفة الاخبار اول باول، ويمثل إضافة قوية في الفضاء الالكتروني، وجاءت انطلاقة الموقع من مصر من قلب الاحداث ليهتم بالثورات العربية والمشاكل السياسية ويغطى الفعاليات الاقتصادية والرياضية ويواكب علوم التكنولوجيا ويغطي اخبار المرآة

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى