عامر مأمون …. يكتب لكل قاعدة استثناءات
بقلم عامر مأمون مدير مكتب القاهرة
العتاب خُلِقَ لكي يصنع حالة من الود بين البشر، فهو يُصفي القلوب، ويُهيئ المناخ الملائم، لتحقيق صورة من أجمل الصور الإنسانية، وهي التسامح، الذي حض عليه المولى عز وجل، ووصى عليه الرسول (صلى الله عليه وسلم)، وحرصت عليه كل الأديان السماوية.
ولكن للأسف، ستظل مقولة: “لكل قاعدة استثناءات”، لها الريادة في كل أحداث حياتنا، فليس كل إنسان يمكن أن نُعاتبه، فالعتاب له قواعد أصولية، لا يُمكن تجاوزها، فهي مثل نُصوص القوانين لا تخضع للمُخالفة، ومن أهم تلك الأصول أن يكون الشخص الذي يستحق العتاب، لديه القدرة على الاعتراف بالأخطاء، والرغبة الحقيقية في إصلاح ما أفسده، وتعويض المضرور عما أصابه من ضرر، من جراء السلوك الخاطئ.
وأيضًا، لابد أن يكون لديه القُدرة على استيعاب من أمامه، والرغبة في حفظ وصون كرامته، حتى يستطيع إذابة جليد الخُصومة، وكذلك لابد أن يكون ممن لا يعودون للخطأ مرة أخرى، فالعتاب يفقد قيمته لو تكرر الموقف مرتين.
علاوة على أن الشخص الذي يمكن عتابه، لابد أن يكون لديه قيم العدالة التي تسمح له بعدم الكيل بمكيالين، وعدم الاتحياز، أي لابد أن تتوافر فيه الموضوعية؛ حتى يأتي النقاش معه بثماره، ولا يتحول إلى شجار لا جدوى منه.
وأخيرًا، لا تُعاتب إلا من يُحبك بصدق، ويُخلص لشخصك، ويحترم مشاعرك، ويصون كرامتك، ويُؤثرك على نفسه، ويسعى لإرضائك واسترضائك، ويحرص على تعويضك عما سببه لك من آلام، ويفرح بنجاحك، ويتألم لأحزانك، أما لو قابلت من يفعل عكس ذلك، فلا تُعاتبه، فالعتاب هنا سيكون نوعًا من أنواع مضيعة الوقت، وإهدار الأعصاب، وجرح النفس.
فالعتاب نوعان، أولهما يخلق حالة من الوُد والصفح والتسامح، وثانيهما تفريغ شُحنة حوار لا جدوى منه.