عماد الدين أديب…. يكتب أوهام المصالحات والتسويات
كل الحروب، ذات يوم، قرب أو بعد، تنتهى إلى نوع ما من التسوية السياسية.
ويظل دائماً السؤال هو: متى وكيف ولماذا وبأى ثمن تتم هذه التسوية؟
وهناك فارق جوهرى بين التوصل إلى تسوية وبين اللجوء إلى الاستسلام والإذعان الكامل للأمر الواقع عقب هزيمة عسكرية كاسحة، مثال: استسلام اليابان عقب القنبلة النووية الأمريكية، واندحار الفاشية عقب سقوط موسولينى، وتقسيم ألمانيا عقب انتحار أدولف هتلر.
الآن، نحن نعيش صراعات معقدة التفاصيل لا يوجد فيها حسم عسكرى ولا يوجد منتصر كامل إزاء مهزوم كامل.
نحن فى وضع لا توجد فيه «قوة مرجحة» فى الحسم من حصار «حفتر» لطرابلس إلى الخلاف مع قطر إلى التصعيد الشرير من قبل تركيا إلى الامتدادات الإيرانية فى المنطقة وصولاً إلى الإرهاب التكفيرى الذى ابتلينا به فى المنطقة.
«لا حسم عسكرياً سريعاً» يؤدى، فى حالة غياب العقل والإرادة، إلى إطالة أمد الصراع العسكرى.
المعادلة المخيفة التى نحياها منذ فترة هى:
1- لا حسم عسكرياً كامل.
2- لا تأثير نهائياً لعقوبات.
3- وجود مصالح شريرة تغذى بعض الأطراف على استمرار الصراع.
4- استمرار ذات العقلية وذات المواقف لأنها تعبر عن ذات اللاعبين الذين لا يتغيرون شخصياً أو لا تتغير مواقفهم المبدئية.
هنا نقول «ما دامت لدينا نفس قواعد اللعبة ونفس اللاعبين فإن اللعبة -للأسف- مستمرة دون أى حسم عسكرى أو تسوية سياسية».
إنها حالة مطلوبة إقليمياً ودولياً بإلحاح حتى يستمر الجرح النازف فى جسد هذه المنطقة كى يدمر اقتصادات وجيوش وكيانات المنطقة بهدف إسقاط مشروع الدولة الوطنية تمهيداً لفوضى شاملة تؤدى إلى التقسيم إلى دويلات.
لذلك كله نقول إن ملفات أى مصالحات فى المنطقة إذا استمرت تعتمد على نفس العناصر والقواعد واللاعبين دون تغيير جوهرى فإنها سوف تؤدى إلى حالة من استمرار النزيف.
لن تتغير إيران ما دام حكم الحوزة الدينية مستمراً ولن تتغير تركيا ما دام أردوغان ولن تتغير قطر ما دام حُكم «الحمدين» ولن تتغير إسرائيل ما دام اليمين الصهيونى يسيطر.
أعتذر لكل الذين يتفاءلون بصيغ يتم تسويقها ومبادرات يكثر الحديث عنها إنها مقدمات لا بد أن تنتهى إلى ذات النهايات.
إذا مشيت فى ذات الطريق كل يوم بنفس السرعة ونفس المدة سوف تصل فى نفس التوقيت ونفس الوجهة.
إنها مدخلات تؤدى إلى مخرجات، بدايات تؤدى إلى نهايات، جنون مستمر تحركه نفس الشرور والأشرار.
تسوية الضرورة لا توجد ضرورة لاستمرارها.