مقالات

مفيد فوزي …. يكتب مقال حر في بلد حر..

-1-

جاحد، من ينكر أن ابن الجمالية عبدالفتاح السيسى حاكم مصر رجل شقيان يسعى ليل نهار ليقفز بمصر من حالة الجمود ليحلق بها فى أجواء الوفرة والخير ولا أقول الرخاء.

جاحد، من ينكر أن الرجل لا يعرف النوم العميق الذى وصفه شكسبير بأنه السعادة، وأمامه تلال من المشاكل تكومت بفعل السنين ولا أغفل مسؤولية الناس، فالمواطنة كانت شعاراً براقاً ولازال، والناس تعرف حقوقها «المنحة يا ريس» قبل واجباتها! وفى سنوات الفوضى صارت البلطجة أسلوب حياة واستدعى هذا الشدة، ولكنه جعل القانون حكماً مع أن بيده كل السلطات، ولم تكن السلطة فى يد السيسى أداة بطش، مع أنه يجوز له الأداء الحازم بكل صوره وهو يحارب إرهاباً فى الداخل والخارج ليخلص البلد من بقايا السموم والعقوق.

والرجل كان يرى عملية «خطف مصر»: أرضها، ثرواتها، تاريخها، وكان مسؤولاً بالزى العسكرى، وكابن من أبناء القوات المسلحة تجرى فى عروقه الدماء المصرية، استشعر الخطر والخوف على مصر، حيث كان رأس السلطة يومئذ مرشدهم يردد «طظ فى مصر». أكاد أتصور الأيام والليالى التى عاشها المشير السيسى يقظاً لا ينام إلا إغفاءة الفجر التى كان نابليون يقول عنها «مجرد إغفاءة كأنى نمت الليل بطوله»، كان الناس- الكتلة السكانية الضخمة- قد بلغت حد الضجر والضيق والمرارة المفقوعة وليس بيدها شىء.

هنا يزور الإلهام المشير السيسى وتبدو عظمة الله فى هذا السيناريو الإلهى الذى يخلصنا من الخطف المنظم لهوية مصر، وتسقط دولة الظلم والظالمين وتخرج مصر بأكملها تقول لدولة المرشد: لا يصفون ما جرى بالانقلاب على الشرعية، أى شرعية يتحدثون عنها؟ لقد كان مبارك حصيفاً يوم تنازل عن سلطاته للمجلس العسكرى. وكان طنطاوى حصيفاً يوم أنقذ مصر من حرائق تلتهمها قبيل إعلان نتائج الانتخابات، وما كانت هى النتيجة الحقة والعادلة، المهم أنقذنا ابن الجمالية الجرىء الجسور من صلف الإخوان والاعتداء على كنائس الله وهياكله المقدسة، وعاد السلام بصعوبة إلى ربوع الوادى، ثم جاء السيسى برغبة ملايين مصر رئيساً جاداً يجمع فى معادلة نادرة بين الحزم والشدة والحنان.

عرفناه رجلاً لا يعرف «المهيصة»، عرفناه يقدس «الوقت»، أثمن ما عند البشر، عرفناه متواضعاً مع البسطاء وكبيراً مع الكبار، ومن حاكم يعبث ببنطلونه مع ميركل ألمانيا إلى حاكم يحمل له حكام العالم التقدير والاحترام. واشتهر بيننا بهدوء النبرة وابتسامة النصر والتفانى بالكلمة الحلوة. ذلك الرجل يقود سفينة مصر بمجاديف الصبر والفهم والنجاح بالأبناط، وشهد الشعب على عصر من إصلاح العطب ومحاولة تسهيل الحياة بمد خطوط مترو بتوقيتات يحفظها مخه الكمبيوتر.

-٢-

أكتب هذه السطور عن قناعة، فلست أريد أو أحلم إلا بمناخ سليم تتضاءل فيه علامات الاستفهام، فيعمل الناس ويبدع الفنانون وليس أصعب ما نواجهه هو مناخ تتعدد فيه الأسئلة حتى تثقب الأدمغة، جاء ابن الجمالية إلى سدة الحكم ليجعل السؤال متاحاً والإجابة متاحة، وفى ظنى أن هذا الحاكم لعله أكثر حكام مصر ثقافة معاصرة وفهماً للواقع ومحيطاً بإيقاعات العصر وإيماناً بالشباب، فما توقف حاكم هذه الوقفة عند الشباب. إن السيسى قارئ جيد للتاريخ ورغم أن خلفيته مخابراتية، ورب قائل إنه يرى مصر من خلال تقارير. لا، إنه مدرسة مجابهة الواقع وإدراك معطياته، والمصرى «فراز» بطبعه ويعرف النفيس من الخسيس، إنه أيضاً أكثر حكام مصر وقوفاً مع ذوى الإعاقة، إنه أكثر حكام مصر اهتماماً بالصحة وطوابير المنتظرين لعمليات، إنه الحاكم الذى اعتمد على تطوير تعليم مصر على يد عالم اختاره بنفسه، هو أيضاً صاحب نظرية تقليص المسافة بين الحاكم والمحكوم فأتى بشباب يجلس إلى جوار الوزراء المسؤولين والرئيس نفسه فى باقة ديمقراطية.

أكتب كلماتى بحبر المحبة والصدق ولست طامعاً فى أى مكان، فقد أديت واجبى بالكلمة المكتوبة فى زمان عبدالناصر وعوقبت بالفصل لأنى كشفت للرئيس مسرحية صا الحجر، وفى زمن السادات، حذر كمال أبوالمجد من سطورى «الغميقة»، على حد وصفه، وفى زمن مبارك حُذفت لى حلقات كاملة من «حديث المدينة»، حيث كان النظام يخشى الرأى المعلن على الشاشات، وفى زمن الإخوان أوقفونى بنعومة شديدة درج عليها صلاح عبدالمقصود وزير إعلامهم الهارب.

أكتب كلماتى وأعلن عدم رضائى عن «محتوى الشاشات»، إنه ذلك الصنف الذى لا يفضله الرئيس، برامج اجتماعية ضحلة ومعادة بالأسئلة والإجابات كأنها «أكل بايت»، وبرامج ضاحكة أقرب إلى الزغزغة، وماتت الشاشة الجادة ذات المحتوى الذهنى الذى يمثل قوة المناعة للشعب، فلا يسهل مطلقاً عدواه من احتجاجات فى الشمال أو الجنوب يسهل تمريرها إلى جسد مصر.

أكتب كلماتى بصدق النية معبراً عن عدم رضائى لعبارة بتكليف من الرئيس أو يوجه الرئيس بكيت وكيت أو حسب توجيهات الرئيس، فلست أشك لحظة أنها عبارات صحفية اعتادت الجرائد عليها وليست تعليمات، فالرئيس – فيما أعلم – يرحب بالمبادرات التى تأتى على لسان وزير ويرحب فيما أعلم بخيال وزير يكسر أنماط الحلول بحل جديد. إن «التوجيهات» قد تغلق مجال «الاجتهادات» وعقول مصر ليست «الاتحادية» وحدها. إن وزراء مصر وكلهم خبرات فى مجالاتهم هم على قمة السلطة الإدارية ومهم التسلح بالخيال والمبادرات وإلا صاروا موظفين كبارا فى الاتحادية. وعظمة حاكم مصر الآن شوقه البالغ إلى حلول غير نمطية تختصر الزمن وتسحب التكشيرة من فوق الجباه.

إن الإرادة السياسية قادرة تماماً على «تقييم» جهد السادة الوزراء والمحافظين، وهو ليس بالظهور التليفزيونى ولا بالأحاديث الصحفية، إنما بمعايير مختلفة، أهمها رضا الكتلة السكانية عن الأداء.

إن تقديم إنجازات البلد على الشاشات تنقصه الحرفية والمهنية العالية، فمازال ناس مصر البسطاء يتصورون أن العاصمة الإدارية لأغنياء مصر وحدهم، ومازال بسطاء مصر يسألون عن إنتاج الصوبات، فلا أحد يرد على الأسئلة الحائرة!.

-٣-

يقينى – وصححوا لى – أن عبدالفتاح السيسى يضع أمامه بخط قلمه عدداً من المهام هذا الصباح وينفذها ربما من السادسة صباحاً، وفهمت أن من يعمل مع السيسى يتعب ويتحمل، ولكن الجالسين فى الكافيهات لا يدركون حجم مسؤوليات الرجل. إننا نفاجأ باستبدال موظفين كبار فى منطقة ما من مصر، لابد أنه اكتشف عبر المسؤول عنهم أنهم أقل من المسؤولية الملقاة على عاتقهم، ولهذا فالأسماء الجديدة فى مفكرته «السيسى ما يضيعش وقت» وإذا اضطر لطول المدة فلابد أن لها أسبابا أهمها التأنى فى الاختيار، حيث عرف الناس ما لم يعد الآن سراً أن أكثر من جهة سيادية لها رأى فى هذا الاختيار ويؤخذ برأيها، وللرئيس حق القبول أو الاعتراض وفقاً للمصلحة العامة.

إن بعض الاختيارات تفشل رغم الكفاءة لأنها تمر بدائرة سوداء فى مصر اسمها «الشائع عن فلان كذا أو الشائع عن فلانة كيت وكيت»، ومن يختارون يفضلون الحيطة وتجنب الصداع وكم خسرت مصر كفاءات لأنها مرت بدائرة «الشائع عنه». إنى أتعجب تماماً حين أخمن فى جريدة ما، أى جريدة: ده تبع مين؟! مخابرات أم أمن وطنى؟!! إنها تقسيمات غريبة وتعود إلى الأذهان من زمن عبدالناصر، اتحاد اشتراكى؟ أم رئاسة؟ أم تنظيم طليعى؟ وما أدراك ما التنظيم الطليعى؟! يجب محو هذه التبعيات، فنحن أولاد المحروسة مصر جميعاً وتظللنا سماء واحدة وتجفف ملابسنا شمس واحدة ونشرب من نيل واحد تزاحمنا فيه إثيوبيا بسد لا نعرف مداه!.

-٤-

وليس هذا المقال وليد دفقة جرأة ولا أقراص حبوب الشجاعة، إنما هو مقال حر فى بلد حر، مقال يمليه ضميرى وكانت أفكار المقال وخواطره معتقلة فى صدرى، فأفرجت عنها، بعض ما كتبت يتهامس به الناس ولكن مثلى لا يتهامس فى زمن السيسى وقد عشت نصف قرن وأكثر بين يدى قلم «أوظفه» فى خدمة بلد وعشت عمرى أتكلم فى الإذاعة بخواطر لها طعم الدبابيس وتجولت بكاميرا حديث المدينة مع الراحلة نادية كمال ومن بعدها المخرج المهذب أحمد معوض، ندوس أرض مصر، وفى أحيان كثيرة أرض العالم، أرصد الظواهر وأحلل الأحداث، وفى حديث المدينة «كتاب مصر المرئى» حاورت وزراء الداخلية ورؤساء الوزارات وحاورت العسكريين: أبوغزالة وكمال حسن على ويوسف صبرى أبوطالب، وفى زمان مبارك جلست أمامه محاوراً ٥ مرات، أربع مرات أمام عدسة حديث المدينة ومرة فى رئاستى لصباح الخير، ومازلت وفياً لرئيس عشنا معه ثلاثين عاماً يسبقه الولاء للسيسى لست مضطرا لحبوب شجاعة وأنا أكتب ما فى صدرى فى زمن القائد الجسور الذى جاءت به الأقدار لينهض بمصر بعد انكسار ويسدل الستار على مسرحية «مصر المخطوفة»!.

فقط أردت أن أضع نقاطاً فوق حروف أعنيها ويهمنى طرحها بلا خوف أو تردد.

بوابة الشباب نيوز

جاء إطلاق بوابة الشباب نيوز على الانترنت ليكون وسيلة لمعرفة الاخبار اول باول، ويمثل إضافة قوية في الفضاء الالكتروني، وجاءت انطلاقة الموقع من مصر من قلب الاحداث ليهتم بالثورات العربية والمشاكل السياسية ويغطى الفعاليات الاقتصادية والرياضية ويواكب علوم التكنولوجيا ويغطي اخبار المرآة

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى