عباس الطرابيلي…. يكتب يوم هزمت مصر.. تركيا!!
24 يونيو 1839 يوم لا أنساه أبداً، حتى وإن نسيه غيرى من المصريين.. ولكننى أراه اليوم الذى استعادت مصر فيه كرامتها، بعد انتصار الجيش التركى العثمانى على جيش مصر فى مرج دابق بقيادة قانصوه الغورى عام 1516.. والفارق بين اليومين 323 عاماً.. فإذا كان الأتراك قد هزموا جيش مصر غيلة وغدراً وبالخيانة فى مرج دابق.. فإن جيش مصر رد اللطمة.. وهزم جيش تركيا العثمانية – ولو بعد كل هذه السنين – فى ليلة واحدة ونهار واحد.. وأين؟ ليس بعيداً، بل قريباً من نفس موقع مرج دابق شمال حلب عام 1516 وسبحان الله.. كأن جيش مصر الذى اغتالته الخيانة أمام الأتراك يومها يشبه جيش مصر الذى لم يتمكن من الحرب يوم 5 يونيو 1967 فتم تدميره فى حرب لم يخضها جيش مصر.. ولكن جاءت حرب أكتوبر 73 ليرد الجيش المصرى اللطمة لجيش إسرائيل وينزل به أبشع الهزائم.. وكأن التاريخ يعيد نفسه.. إيه الحكاية؟!
كان الجيش المصرى قد وقف، تنفيذاً لاتفاقية كوتاهية مايو 1833، عند آخر نقطة يتحدث فيها الناس باللغة العربية، إذ شمالها كانت اللغة التركية وذلك تنفيذاً لسياسة محمد على وتعليماته لابنه البطل إبراهيم باشا، ولكن الأمر لم يعجب السلطان محمود، سلطان تركيا الذى مجده محمد على نفسه فأطلق اسمه على «ترعة المحمودية!!» وأخذ السلطان يعد العدة ليسترد هيبته وهيبة تركيا وجمع جيشاً عدده 38 ألف مقاتل.. ووضع عليه واحداً من أكبر قواده هو حافظ باشا يعاونه مجموعة من أكفأ الضباط الألمان، على رأسهم البارون دى مولتكه.. وما إن عبرت قوات تركيا الحدود مع سوريا.. حتى تحرك إبراهيم باشا الذى كان يقود الجيش المصرى، ويتمركز شمال حلب «قرب مرج دابق» وتجمع الجيشان عند نصيبين. وهنا تتجلى عظمة إبراهيم باشا ورئيس أركانه سليمان باشا الفرنساوى.. وعبر الجيش المصرى نهر كرزين، فى عملية مخاطرة رهيبة.. لكى يفاجئ الجيش التركى من الخلف، وبعيداً عن التحصينات التى أقامها الأتراك بإشراف الألمان.. وهى عملية عبور غير تقليدية، تماماً كما كانت عملية عبور جيش مصر لقناة السويس.. تخيلوا!!
ودون الدخول فى تفاصيل المعركة، إلا أنه فى صباح يوم 24 يونيو بدأت المعركة الحاسمة.. وتمكن جيش مصر من تدمير الجيش العثمانى تماماً. وخسر الأتراك 4000 قتيل وجريح، وتمكن جيش مصر من أسر 15 ألف أسير تركى واستولى على 20 ألف بندقية و44 مدفعاً – غير 30 مدفعاً فى حصن بيرة جك التركى.. بل واستولى جيش مصر على خزانة الجيش التركى نفسها.
■ وقضت هذه المعركة على قوة تركيا الحربية.. وأنقذت مصر من احتمال ضياع استقلالها.. وكانت هذه المعركة خاتمة الهزائم التى نزلت بالجيش التركى أمام جيش مصر.. بل إن السلطان محمود نفسه مات يوم أول يوليو 1839 وكان على فراش المرض.. وتقدم جيش مصر نحو الأستانة – عاصمة تركيا أيامها – وبسبب هذا الانتصار قام القبودان أحمد باشا فوزى، قائد الأسطول العثمانى، بتسليم الأسطول كله إلى محمد على بالإسكندرية لتصبح مصر أكبر قوة بحرية وبرية فى البحر المتوسط كله.