حنان مفيد فوزي…. تكتب أشكرك يا رب
مر عام علينا بصوابه وخطئه، بحقه وضلاله، بحكمته وحماقته، برصانته وجنوحه، باستقامته واعوجاجه، بأفراحه وأحزانه، بأزماته وانفراجاته، غابت عنه أرواح، واقتربت إليه قلوب، تغيرت فيه ملامح أحباء وتبدلت معه مواقع أصدقاء، سقطت أقنعة وتلونت وجوه وامتزجت الأوهام بالحقائق وسوء النوايا بالمواقف، فتعلمنا أن الدين معاملة، والأخلاق أفعال، والمسؤولية أدوار، والانتماء عقيدة، والقيم لا تتجزأ والتقوى لا تُباع والشرف لا يُشترى.
أشكرك يا رب على عمر جديد وهبته لنا، ونحمدك على من أبقيته فى حياتنا إيماناً بخيره ومن حجبته عن طريقنا تفاديا لشره، لأنك سائر معنا كل الأيام وإلى انقضاء الدهر. بخوافيك تظللنا وتحت أجنحتك نحتمى وتحفظنا مثل حدقة العين وتدافع عنا ونحن صامتون، ولا يخزى منتظروك.
أشكرك يا رب لأن إحسانك لا يزول وعهد كلامك لا يتزعزع، بمراحم عظيمة تجمعنا وتملأ كل احتياجاتنا بحسب غناك فى المجد، تُشبع بالخير عمرنا فيتجدد مثل النسر شبابنا.
أشكرك يا رب لأنك تجعل مطالع الصباح والمساء تبتهج فلا نكون إلا فرحين لأننا محروسون بإيمان لخلاص مستعد أن يعلن فى الزمان الأخير.
أشكرك يا رب لأنك مجرى القضاء والعدل لكل المظلومين، الأشرار عثروا وسقطوا أما نحن فقمنا وانتصبنا.
أشكرك يا رب لأن الاتكال عليك خير من الاتكال على البشر والرجاء بك خير من الرجاء بالرؤساء، وحدك القادر أن تفعل فوق كل شىء أكثر جداً مما نطلب أو نفتكر.
أشكرك يا رب لأنك أتيت لتكون لنا حياة ويكون لنا أفضل، فأنت خبز الحياة ونور العالم والألف والياء والأول والآخر والبداية والنهاية، الراعى الصالح الذى بذل نفسه فداءً لأحبائه، أشكرك يا رب لأنك نبهتنا أن لا نشاكل هذا الدهر بل نتغير عن شكلنا بتجديد أذهاننا لنختبر ما هى إرادتك الصالحة المرضية الكاملة.
فيا أيها الذى لم يجدد ذهنه، ولم يختبر ثقته والإرادة الصالحة المرضية الكاملة – حتى الآن – أنصت جيداً لما الناس تقولك «اعمل حساب بكره»، افتكر ان ربنا قالك «لا تهتموا بما للغد، يكفى اليوم شره»، ولما الناس تقولك العين بالعين والسن بالسن والبادى أظلم.. افتكر ان ربنا قالك «لا تنتقموا لأنفسكم أيها الأحباء».. «لى النقمة أنا أجازى».
ولما الناس تقولك «ساعة لقلبك وساعة لربك» افتكر ان ربنا قالك «لا يقدر أحد أن يخدم سيدين ولا شركة للنور مع الظلمة». ولما الناس تقولك «معاك قرش تساوى قرش».. افتكر ان ربنا قالك «محبة المال أصل لكل الشرور، الذى ابتغاه قوم ضلوا فى الإيمان وطعنوا أنفسهم بأوجاع كثيرة».
ولما الناس تقولك «الشيطان شاطر»، افتكر ان ربنا قالك «قد أعطيتكم سلطان أن تدوسوا الحيات والعقارب وكل قوات العدو». ولما الناس تقولك «على أد لحافك مد رجليك» افتكر ان ربنا قالك «كل ما تطلبونه فى الصلاة مؤمنين تنالونه».
ولما الناس تقولك «من حبنا حبناه وصار متعنا متاعه ومن كرهنا كرهناه يحرم علينا اجتماعه».. افتكر ان ربنا قالك «أحبوا أعداءكم وباركوا لاعنيكم وصلوا من أجل الذين يسيئون إليكم لأنه إن أحببتم الذين يحبونكم فأى فضل لكم».
ولما الناس تقولك «اللى انكسر عمره ما يتصلح» افتكر ان ربنا قالك «وأعطيكم جمالاً عوضاً عن الرماد وأعوض لكم عن السنين التى أكلها الجراد».
ولما الناس تقولك «غلطة تفوت ولا حد يموت».. افتكر ان ربنا قالك «لا تحزنوا روح الله القدوس الذى به ختمتم ليوم الفداء».
ولما الناس تقولك «إن المرار طافح».. افتكر ان ربنا قالك «يقودك من وجه الضيق إلى رحب لا حصر فيه».
وأخيراً لما الناس تقولك «ما فيش فايدة».. افتكر ان ربنا قالك «وهل يستحيل على الرب شىء».