مصطفى كامل سيف الدين …. يكتب سعادة ناقصه
سر السعادة الحقيقية يكمن فى الرضا عن قناعة نفسية، وفكرية، ووجدانية، بأن ما أنت فيه هو أفضل وضع عما تتمناه، أو يتمناه غيرك.
من الوهلة الأولى لقراءتك للعنوان تظن أن الكاتب مجنون، ويشوب عقله بعد النقصان، ربما كذلك إذا كنت من الذين يظنون أن اكتمال النعم شيء جميل، ولكن لابد أن تعلم أن نقصان النعمة عين كمالها، وأن هذا النقصان الموجود فى الشيء يرفع من حقيقة السعادة. وفى الحقيقية أنت تحصل على جزء من السعادة، وليست السعادة الكاملة. وفى هذه الدنيا يتشوق كل إنسان للحصول على السعادة الكاملة الدائمة دون زوال، وهذا شيء لن يحصل طالما الإنسان مازال على قيد الحياة، إنما السعادة الكاملة الحقيقة فقط عند الله، يقول تعالى { وَأَمَّا الَّذِينَ سُعِدُوا فَفِى الْجَنَّةِ خَالِدِينَ فِيهَا مَا دَامَتِ السَّمَاوَاتُ وَالْأَرْضُ إِلَّا مَا شَاءَ رَبُّكَ ۖ عَطَاءً غَيْرَ مَجْذُوذٍ} (هود: 108)
ربما نقصان شيء، أو عدم أخذه فى وقت ما يظهر أشياء تكاد لا تعرفها، أو تراها لولا هذا النقصان، ولو علم الإنسان الخير من الله فيما أصابه، وأبعد عنه هم ومصيبة أكبر بكثير؛ لرضى بالواقع الذى قدره الله له، والإنسان فى حياته معرض للفتن والمحن، فالحياة مبنية على المشاق، فيقول ابن الجوزى فى صيد الخاطر: “من يريد أن تدوم له السلامة، والنصر على من يعاديه، والعافية من غير بلا، فما عرف التكليف، ولا فهم التسليم”، فالدنيا لا تصفو لأحد، ولو أخد منها ما يريد، وكذلك قال أبو الحسن التهامي: “طُبِعَتْ على كَدَر وأنت تريدُها صفواً من الأحزان والأكدار.. و مُكَلفُ الأيام غَيْرَ طِبَاعِهَا مُتطلبٌ فِى المـــاء جَذوةَ نار”.
وتذكر دائمًا أن الفرحة التى يشوبها بعض النقص، ربما هى أفضل من انعدام وجودها من الأساس، ورؤية نقص الشيء، أو اكتماله ربما تختلف من شخص لآخر، فهناك أناس يرون أناس أنهم ناقصون فى شيء ما، ولكن بعيونهم هم فقط، على الرغم من أنهم لا يدركون أنهم أيضًا ينقصهم التقدير بعقولهم القاصرة على الأمور المرئية، وغير المرئية.
فعقلك هو من يحتم عليك هل أنت فى حالة النقصان أم الكمال، وتذكر دائمًا أن المستقبلات العقلية، والنفسية، والوجدانية، أنت قادر على توجيهها، واستيعابها على حسب فهمك للأمور، وكن على يقين أن السعادة الحقيقة الكاملة، والأبدية هى عند دخولك الجنة، ورؤية وجه ربك الكريم.