توجه الرئيس عبد الفتاح السيسى، عصر اليوم الأحد، إلى العاصمة المجرية بودابست فى زيارة رسمية للمشاركة فى القمة الاستثنائية، التى يعقدها تجمع دول “فيشجراد” مع مصر.
ويضم التجمع المجر وبولندا والتشيك وسلوفاكيا، والتى تعد مجتمعة خامس أكبر اقتصاد فى أوروبا والـ12 على مستوى العالم.
ويحضر الرئيس السيسى، مع رئيس وزراء المجر اجتماع المنتدى المصرى المجرى لرجال الأعمال، بمشاركة ممثلى الشركات والقطاع الخاص من البلدين، لبحث سبل تطوير التعاون التجارى والاقتصادى المشترك، واستعراض الفرص الاستثمارية المتاحة بمصر.
علاقات ممتدة
ارتبطت مصر والمجر بعلاقات قديمة بدأت رسميا عام 1928، حيث كانت مصر هى أولى الدول التى افتتحت فيها المجر بعثة دبلوماسية عام 1939، كما تم إرسال أول سفير مصـرى إلى المجـر عام 1948.
وبعد الحرب العالمية الثانية، ومع توثيق مصر لعلاقاتها مع الاتحاد السوفيتى، وتبنيها سياسات اشتراكية بعد ثورة 1952، نمت العلاقات المصرية المجرية وتشعبت، وازداد حجم التبادل التجارى، حيث استوردت مصـر من المجر الكثير من المعدات الزراعية والصناعية الحديثة.
مضت سنوات أخرى وفى أثناء الحقبة الشيوعية أقبل الطلاب المصريون على الدراسة بالجامعات المجرية واتجه أغلبهم إلى دراسة الطب والهندسة والزراعة، وتخرج من الجامعات المجرية ما يقرب من 600 طالب، عادوا إلى مصر للتدريس بالجامعات المصرية فيما تولوا أرفع المناصب، الأمر الذى دفع المجر، لتكريمهم وكان أشهر هؤلاء الدكتور مصطفى أنور، والدكتور السيد حسن، والدكتور سمير راضى.
فى ديسمبر عام 2006 قام الرئيس المجرى بزيارة ناجحة لمصـر استقبله خلالها الرئيس الأسبق حسنى مبارك، وذلك بعد فترة من الهدوء والفتور الذى شاب العلاقات بين البلدين، على إثر تحول المجر إلى السياسات الرأسمالية، وانضمامها فى عام 1999 لحلف الشمال الأطلنطى، ومن بعده عام 2004 إلى الاتحاد الأوروبى.
فى عامى 2007 و2008 وقعت مصر والمجر على عدد من الاتفاقيات أهمها اتفاقية للتعاون الاقتصادى، وتأسست لجنة مصرية مجرية مشتركة عقدت أول لقاءاتها فى القاهرة فى نوفمبر 2008، وتوجت هذه العلاقات بزيارة مهمة إلى المجر قام بها الرئيس مبارك عام 2009 على رأس وفد كبير من المسؤولين ورجال الأعمال، تبعها فى العام 2010 زيارة إلى مصر قام بها رئيس وزراء المجر.
تحرص المجر بشكل عام على اتخاذ مواقف متوازنة ومتوافقة مع المواقف المصرية خاصة بشأن القضية الفلسطينية وقضايا الشرق الأوسط، حيث ترفض المجر الاستيطان الإسرائيلى، وتؤيد مراقبته من خلال قوات دولية، وتعكس تصريحات المسؤولين المجريين الإشادة بدور مصر ومواقفها المعتدلة فى القضية الفلسطينية ودعم الاستقرار فى الشرق الأوسط.
بعد تولى الرئيس السيسى الحكم فى منتصف عام 2014، وجه له رئيس وزراء المجر دعوة رسمية لزيارة بودابست، بعد أن قدم له التهنئة بفوزه فى الانتخابات الرئاسية، كما أعرب فى رسالته عن رغبة بلاده فى تعميق علاقاتها بمصر والانفتاح نحو الشرق، فيما أكد أن مصر شريك استراتيجى، وأن بلاده تأمل فى استمرار العلاقات الممتازة بين البلدين.
وفى شهر مايو 2015، توجه الرئيس السيسى لزيارة المجر، والتقى رئيس وزرائها، وتبادل معه الرؤى بشأن العلاقات والقضايا ذات الاهتمام المشترك، وتعزيز التعاون، مما يدفع فى اتجاه تعزيز الصداقة بين البلدين.
الصعيد العسكرى:
فى فبراير 2017 التقى الفريق أول صدقى صبحى القائد العام للقوات المسلحة وزير الدفاع والإنتاج الحربى بالسيد إيشتيفان شميتشكو وزير الدفاع المجرى خلال زيارته الرسمية لدولة المجر، حيث عقد الوزيران جلسة مباحثات ثنائية رفيعة المستوى على صعيد التعاون العسكرى والأمنى، تركزت على حول مجالات التصنيع الحربى ونقل وتبادل الخبرات بين القوات المسلحة لكلا البلدين فى العديد من المجالات.
ا
السياسة الخارجية المجرية:
اتسمت سياسة بودابست الخارجية بالتوازن داخل الاتحاد الأوروبى، وبخاصة حيال الأزمة الأوكرانية، مؤكدة أنه لا يمكن تحقيق الأمن فى المنطقة بعزل روسيا.
وأدت استقلالية صانع القرار المجرى فى الكثير من القضايا إلى توتر العلاقة مع الولايات المتحدة، حتى إن كثريا من السياسيين الأمريكيين حذروا بودابست من تقاربها مع روسيا، وبلغ الأمر حد التهديد بتعليق الإعفاء من تأشيرة دخول الأراضى الأمريكية.
على الصعيد الاقتصادى
تسعى مصر لتحقيق أعلى استفادة مما تتمتع به هذه البلاد من إمكانيات اقتصادية وتجارية واستثمارية ملموسة، حيث يزيد إجمالى ناتجها المحلى عن 206 مليارات دولار ويبلغ متوسط نصيب الفرد فيها من الناتج المحلى حوالى 20 ألف دولار سنويا.
وتتمثل أهم الصادرات المصرية للمجر فى، القطن والخضروات والفاكهة والإسمنت والأسمدة والسجاد، أما أهم الواردات فهى الأجهزة الكهربائية والزجاج والألومنيوم والكيماويات العضوية والمطاط والوقود.
وبحسب الخبراء والمتخصصون فقد أصبحت مصر الشريك التجارى الأول للمجر فى العالم العربى عام 2014.
كما أنها وقعت فى 5/6/2015 مذكرة تفاهم لتوريد 700 عربة قطار من المجر إلى مصر.
وبحسبة اقتصادية يمكن اكتشاف أن حجم الصادرات المصرية للسوق المجرى شهدت ارتفاعا بنسبة 198% خلال الربع الأول من 2017، بينما انخفضت الواردات من المجر من 45.77 مليون يورو إلى 28.6 مليون يورو بتراجع 37% فى الربع الأول من 2017.
أما فيما يتعلق بالاستثمارات المجرية فى مصر خلال الربع الأول من العام الجارى فقد بلغت نحو 41.45 مليون دولار بإجمالى 58 شركة.
الصعيد الثقافى
تشمل العلاقات المصرية المجرية أوجها عديدة للتعاون الثقافى والتعليمى والفنى، من خلال برنامج تم توقيعه بين وزارة التعليم العالى فى مصر ووزارة القوى الإنسانية بحكومة المجر خلال الفترة 2015- 2017.
وبموجب البرنامج الموقع بين البلدين، تستقبل المجر 100 طالب مصرى فى جامعاتها سنويا، من خلال منح كاملة تتحملها حكومة بودابست، ويحصل من خلالها هؤلاء الطلاب على درجات البكالوريوس والماجستير والدكتوراه فى مجالات التكنولوجيا والهندسة والاقتصاد والعلوم الطبية، وغيرها من التخصصات.
فرص التعاون
تنطوى العلاقات بين مصر والمجر على العديد من الفرص، وتحمل آفاقا للتعاون بين البلدين، خاصة فى المجال الاقتصادى، حيث يمكن لمصر أن تنطلق بصادراتها إلى الأسواق المجرية، ومنها إلى أسواق شرق ووسط أوروبا مستغلة موقع المجر الجغرافى كدولة جوار للعديد من دول هذه المنطقة.
كما تمثل المجر أهمية إضافية لمصر باعتبارها دولة عضوا فى الاتحاد الأوروبى، مما يسهم فى تعزيز علاقات مصر بمجمل دول الاتحاد وإمكانية فتح أسواق جديدة فى عدد من دول أوروبا.
