النص الكامل| «حكاية وطن».. السيسى يقدم كشف حساب الفترة الرئاسية الأولى
بدأ الرئيس عبد الفتاح السيسى، بمطالبة حضور مؤتمر “حكاية وطن”، بالوقوف دقيقة تحية وتقدير واحترام لمصر وشعبها العظيم، متابعا: “الوقفة دى مش حداد، الوقفة دى تحية للشعب الكريم”.
وأضاف “السيسى”، خلال كلمته فى مؤتمر “حكاية وطن” أن ما تم إنجازه خلال الأربع سنوات لم يكن يتحقق إلا بالمصريين، وشعب مصر، وكل مصرى ساهم فى الإنجاز الذى حدث، متابعا: “الحكاية مش حكاية حكومة ولا قيادة، حكاية ناس شبعت من الجوع، وشربت من العطش”.
وواصل أن الشعب المصرى أكرم بلده وشرفها أمام دول العالم، مضيفًا: “أنتم أكرمتم مصر، وشرفتم مصر، وقسما بالله أنا صادق فى كل كلمة بقولها”.
وتابع أن اجتماع اليوم، هو على مشارف انتهاء فترة رئاسية جديدة، كما اعتبرتوها مهمة إنقاذ وطن، خضناها سويا، وسط داومة وأخطار جثيمة تحيط بالوطن، مشيرا إلى أنه يجب أن نستخلص الدروس والعبر من الماضى لكى نرسم خارطة المستقبل.
وأكد أن الشعب المصرى لم يُعانى الفترة الماضية، مضيفا:”بالعكس، هو الجندى اللى بيحارب بيقول أنا رايح أحارب وزعلان، ده بالعكس فرحان علشان هيدافع عن وطنه وبلده، والجبهات والحروب ليست فقط جبهات القتال، بل كل أم قدمت ابنها كل زوجة قدمت زوج كل ابنة قدمت أب، دول قاتلوا، ربنا يكرمكم زى ما انتم أكرمتم أنفسكم”.
وأشار الرئيس إلى أن ما أنجزته مصر هو ثمرة لحلم صاغه الشعب المصرى العظيم بتماسكه وتلاحمه، رافضا أن يخضع لغير إرادته الحرة، صامدًا ليتحدى التحدى ذاته، موضحا أن المصريين استطاعوا ببصيرتهم النافذة أن ينقذوا بلادهم من مسار مظلم، وسيكتب التاريخ تضحيتهم بحروف من نور.
وأوضح أن الأطماع الخارجية والإرهاب وجدوا ضالتهم فى انتفاضة الشعوب، ووجدوا الفرصة سانحة لتفكيك الدول العربية، مشيرا إلى أن الخسائر الناجمة عن الأحداث التى شهدتها دول مثل العراق وسوريا واليمن وليبيا وصلت حوالى 900 مليار دولار.
وكشف السيسى إنه كان قد وصل لأقصى طموحه عندما تولى رئاسة الجيش المصرى، وكان يشعر أن مهمته انتهت، متابعا: “لم أكن أريد أى منصب أخر أو سلطة بعد أن كنت قائد للجيش المصرى العظيم، ولم أتردد للحظة فى أمام تكليف المصريين له بالترشح لرئاسة الجمهورية”.
وأضاف أنه يشعر بفخر شديد وهو يحضر أى جلسة فى الخارج أو أثناء جلوسه مع ضيوفه من خارج مصر، مشيرًا إلى أن هذا الشعور نابعا من أن الشعب المصرى صمم على بناء المستقبل، متابعا أن الشعب المصرى كان فى غمار معركة أخرى لا تقل شراشة عن مواجهة الإرهاب، وهى معركة زراعة الأمل وإرساء أساس سليم ومتين لمستقبل هذا الجيل والأجيال المقبلة، ووضع حجر أساس لبناء دولة ديمقراطية مدنية حديثة.
وواصل أنه اهتم بالمشروعات الصغيرة والمتوسطة، وتم إنشاء مدن صناعية متخصصة، موضحا أنه تم تخصيص 200 مليار جنيه قروض مخفضة من أجل الشباب.
ولفت إلى أن إطلاق المشروعات القومية ساعدت فى القضاء على ظاهرة قوارب الموت والهجرة غير الشرعية، متابعا: “مطلعش قارب واحد منذ عام لأوروبا، ومش هيطلع تانى إن شاء الله، عشان المشاريع القومية”، موضحًا أن مشروع قناة السويس أبهر العالم”.
وتابع أن علينا الوقوف وقفة حقيقية نستخلص الدروس والعبر مما سبق من أجل رسم الطريق إلى المستقبل.
وأشار إلى أن مشروع قناة السويس وأنفاقها الأربعة الجديدة، أبهر العالم بسبب احتشاد المصريين لجمع مبلغ 64 مليار جنيه له، متابعا: “لو المصريين عاوزين يعملوا المشروع ده دلوقتى، هيجمعوا 3 أضعاف المبلغ ده”.
وقال الرئيس: إنه “حرص على أن تصاحب قرارات الإصلاح حزمة من إجراءات الحماية الاجتماعية”، مضيفًا “إيمانى راسخ ولا يتزعزع بأن وعى الشعب هو أقوى ركائز الوطن”، متابعا: “مصر لن تضيع معى أبدا”.
وكشف أنه تم إنجاز 11 ألف مشروع فى مدة زمنية أقل من 4 سنوات بتكلفة 2 تريليون جنيه، متابعا “المشروعات دى بمثابة 3 مشروعات فى اليوم الواحد، إياك بس مش تقولوا الفلوس دى جات منين، عارفين يعنى إيه 2 تريليون جنيه”.
وواصل أنه كان هناك اهتمام كبير بالمرأة فى الفترة الماضية منذ توليه رئاسة البلاد، حيث أنها تُمثل 15% من البرلمان، و20% من الحكومة، متابعًا: “خلى بالكم بقى يا رجالة”، ما أشعل قاعة الحضور بالضحك والتصفيق”.
وأكد الرئيس أن الشعب المصرى وقود تلك الأمة وأملها فى النهوض والاستمرار، ما استدعى الحضور داخل قاعة مؤتمر “حكاية وطن” للهتاف، “إحنا معاك يا ريس، إحنا وراك يا ريس”، ليرد السيسى: “لا والله.. أنا مش عاوز حد جنبى، ولا حد ورايا، أنا عاوزكم قدامى”.
وأضاف أن رواتب الموظفين فى الدولة ارتفعت من 80 مليار جنيه فى عام 2011 إلى 230 مليارًا تقريبا فى الفترة الحالية، متابعا: “إحنا ممكن نقول الرقم ده كده ومانقفش قدامه كتير، لو أنا بستلف 150 مليار جنيه، الفايدة من 15% لـ 20% خلال خمس إلى سبع سنوات الـ150 مليار يبقوا 300 مليار إحنا بنستلفهم، وبندفع الفايدة ومنقدرش نقف عشان الأجور تتدفع، عشان الناس مينفعش متقبضش، وهنفضل نستلفهم عشان الناس تقبض”.
وواصل: “أنا بتكلم عن مرتبات بس الـ 150 مليار بيبقوا السنة اللى بعدها 180 وبتبقى 210، على آخر السنة بالمنظر ده هنبقى 300 مليار، والحل إن لو كان دخلى ألف وعليا 500 لازم يبقى دخلى 2000 ويفضل الرقم 500 برده”.
وتابع: “لما بنتسلف 150 مليار بعد 5 سنين بيبقوا 300، وخمس سنين كمان يبقوا 600 مليار، والفلوس دى عشان خاطر المرتبات بتاعت الناس، وواحد يجى يقولى انتوا بتستلفوا ليه؟، طب أنا أعمل إيه”، مؤكدا أنه يجب على الجميع الصبر والعمل على الإصلاح الاقتصادى، فبدونه لن يكون بمقدور الدولة أن تسد الديون الخارجية.
وأضاف أنه منذ بداية العام المالى الحالى، تم رفع حد الإعفاء الضريبى إلى 7200 جنيه سنويًا، وهو ما يعنى زيادة أخرى فى دخل الفرد، متابعا: “قمنا بتدشين مشروع وطنى طموح لتحسين حياة المصريين، نجح فى الوصول لمياه الشرب النقية إلى نسبة 96% من الأسر المصرية فى كل أرجاء البلاد”.
وأشاد الرئيس بما فعله الشعب المصرى خلال فترته الرئاسية: “الشعب المصرى شرفنى وأكرمنى”، مضيفا أنه كان يرى أن تأخر اتخاذ الإجراءات الاقتصادية “خيانة للشعب”.
وتابع أنه اختار التوقيت الأنسب من أجل طرح الإجراءات الاقتصادية، مستطردًا: “الناس كانوا قالوا هننزل الشارع ونتظاهر يوم 11-11، وناس فى الحكومة هنا قالتلى أجل قرارات الاصلاح لبعد التاريخ ده، قولتلهم لا، أنا مش هاخدع الشعب”.
وأكد أن أكثر ما حرص عليه منذ أن تولى منصب رئاسة الجمهورية، هو القضاء على آفة تهدد حياة الشعب، وباء فيروس سى، مضيفا “أنه بفضل الله بعد ملحمة جهد وعناء رائعة، تم تقديم العلاج إلى 1.4 مليون مريض، بتكلفة 3.7 مليار جنيه، والوصول بنسبة الشفاء إلى 97 %، مع القضاء على قوائم انتظار المرضى لتلقى العلاج”.
وأشار إلى أن كلمة مصر أصبحت مسموعة فى المحافل الدولية، مؤكدًا أن هامتها أصبحت عالية ورايتها خفاقة وكرامتها مُصانة، متابعا: “قرار مصر فى كل الظروف مستقل، ليه مش علشانى أنا، عشانكم انتم”، مشددًا “والله والله قرار مصر مستقل مائة فى المائة”.
واستشهد الرئيس عبد الفتاح السيسى، ببيت الشرع “وقف الخلق جميعا ينظرون كيف أبنى قواعد المجد وحدى”، معلقا: “المفروض يتقال وقف الخلق جميعا ينظرون كيف نبنى قواعد المجد وحدنا”
واختتم السيسى، كلمته خلال مؤتمر “حكاية وطن” قائلا: “أنا بشكركم على حسن الاستماع، تحيا مصر.. تحيا مصر.. تحيا مصر”.
وفيما يلى نص كلمة الرئيس:
“بسم الله الرحمن الرحيم
السيدات والسادة
أبناء شعب مصر العظيم،
نجتمع هنا اليوم .. ونحن على مشارف انتهاء فترة رئاسية .. أو فترة تكليفكم لى بمهمة قيادة هذا الوطن العزيز .. أو كما اعتبرتها مهمة انقاذ وطن .. والحفاظ على حاضره ومستقبله .. خضناها سويًا وسط أجواء عاتية تعصف بالإقليم.. ودوامة من سقوط وانهيار لدول المنطقة.. وأخطار جسيمة تحيط بالوطن فى كافة الاتجاهات.
وقبل أن نستعرض سويا ما حققناه وما أنجزناه .. فإنه من المحتم علينا أن نستعرض ما كان من تحديات تواجهنا .. فلكى نمتلك القدرة على رسم خارطة للمستقبل .. فإنه من الواجب علينا أن نستخلص الدرس والعبرة من الماضى.. ونقيم الواقع على أساس من الموضوعية والتجرد.
ولذلك فإننى أجد أنه من الواجب على.. أن أتقدم إليكم بكشف حساب فترتى الرئاسية.. فى كل مجالات العمل الوطنى.. من خلال جلسات للنقاش والحوار.. وتبادل الرؤى.. تتسم بالشفافية والمصارحة.. نستعرض خلالها التفاصيل والبيانات.. فى إطار عرض للأرقام والحقائق المجردة.. وتحليلها على أساس علمى وفنى.
سنروى سويا “حكاية وطن” .. ما بين الرؤية والانجاز .. كيف كنا؟! .. كيف أصبحنا؟! .. وستكون الرواية رواية الصدق وحده ولا شيء سواه.
وأقول لكم الحق .. إن ما أنجزته الأمة المصرية العريقة على مدار الفترة السابقة .. إنما هو ثمرة لحلم .. صاغه هذا الشعب العظيم بعزيمة وتحدى .. منذ أن قرر أن يثور على من حاول سلب آماله وتطلعاته .. واختطاف وطنه وسرقة هويته .. فكانت “حكاية الوطن” هى إرادة وإصرار أمة.
إنها رواية شعب عظيم.. استطاع فى أربعة سنوات.. بتماسكه وتلاحمه ووحدته.. أن يقف صامدا.. متحديـا التحدى ذاته.. واجتاز بقوته وصلابتـه أعتى المخاطر.. وقصة شعب عظيم رفض أن يخضع لغير إرادته الحرة.. أو أن يرضخ إلى مصير تأباه عزته وكرامته وشموخه.
أبناء الشعب المصرى العظيم ..
لقد استطاع المصريون بوعيهم العميق.. وببصيرتهم النافذة.. أن ينقذوا بلادهم من مسار مظلم .. تحيطه نذر اقتتال داخلى .. ومؤامرة تسعى لتفكيك دعائم الدولة.. وإفشالها.. وإنهاك مؤسساتها.
لقد وقف أبناء هذا الوطن العزيز بشجاعة ضد الإرهاب .. وبذلوا تضحيات هائلة في معركتهم لإعادة الأمن والاستقرار ضد أعداء الحياة والإنسانية.
وكان فى صدارة هذه المعركة أبناؤنا من رجال القوات المسلحة والشرطة المصرية .. والذى سيكتب التاريخ تضحياتهم وبطولاتهم بحروف من نور فى سجل النضال الوطنى المصرى.
وعلى الجانب الآخر.. كان المصريون في غمار معركة أخرى .. لا تقل شراسة أو نبلا عن معركة مواجهة الإرهاب.. وهى معركة بناء المستقبل.. وزراعة الأمل.. وإرساء أساس سليم متين.. لمستقبل هذا الجيل.. والأجيال المقبلة.. ووضعنا سويًا حجر الأساس لمشروعنا الوطنى الهادف.. لبناء دولة مدنية ديمقراطية حديثة.. فى وطن حر ناهض.. بأيدى أبناء شعب كريم قوى.
الإخوة والأخوات ..
إن تاريخ الأمم ليس حلقات منفصلة.. أو جزر منعزلة.. بل هو سياق متصل.. يزدهر بالنضال والانتصارات.. التى تولد من رحم الصمود والمعاناة.. وعلى الدوام كانت أمتنا أمة عظيمة.. صانعة للفخر والمجد.
ولكى نستطيع العبور للمستقبل.. علينا أن نقف وقفة حقيقية.. لنستخلص الدروس والعبر لما سبق.. ونوثق لما تحقق توثيقا حقيقيا.. ثم نرسم ملامح الطريق إلى المستقبل.
السـيدات والسـادة،
الحضـور الكريـم،
إن ما نحياه اليوم .. هو الناتج لما قمنا به بالأمس .. وعلى مدار خمسين عاما مضت.. تعرضت أمتنا لضربات عنيفة ومتتالية.
ودعونى أذكركم بتلك اللحظة .. التى كادت أن تنكسر فيها إرادتنا الوطنية.. حين تعرضت لعدوان آثم فى يونيو 1967 ..والذى ما زلنا حتى اليوم نعانى من أثـاره وتداعياتـه.
ثم كان العبور للنصر فى أكتوبر .. والذى أعاد الكرامة الوطنية قبل الأرض.. وتوحدت الأمة العربية كلها تحت لواء النصر.. وما لبثت المنطقة أن تستقر .. حتى تفجرت الحرب العراقية الإيرانية ..التى امتدت على مدار ثمانى سنوات كاملة.. حصدت خلالها أرواح مئات الآلاف.. وأهلكت عشرات المليارات من الدولار اتمن أموال الشعبين.. وتأثرت الدول حولهما.. وراحت مقدرات الشعوب المجاورة فى صراع لا جدوى منه .. ولا طائل إلا الخراب والدمار.
ولم تكد الأمة أن تخرج من أتون هذه الحرب .. حتى تعرضت لهزة أكثر عنفا .. وجرحا أكثر عمقا .. حين فوجئنا جميعا بالغزو العراقى للكويت عام 1990.. وعلى مدار عقدين من الزمان عصفت الحروب بالعراق .. وجرى ما جرى من تدمير لمقدرات الشعوب .. وإراقة لدماء الملايين.. وإهدار غير مسبوق للموارد العربية.
وقبل أن تتبدد سحب الحروب من سماء منطقتنا العربية.. حل عام 2011 بأحداث ألمت بالمنطقة.. انفجر خلالها الغضب المكنون فى الصدور.. وكانت الثورات طامحة للتغيير نحو الأفضل.. قبل أن تعتليها قوى الشر والظلام باسم الدين تارة.. وباسم الحرية والديمقراطية تارة أخرى.. ووجدت القوى صاحبة المخططات والأطماع فى الثروات والمقدرات العربية ضالتها فى انتفاضات الشعوب ..
وما آلت إليه من وصول الجماعات حاضنة التطرف وراعية الإرهاب إلى السلطة.. ووجدت الفرصة سانحة لإسقاط الدول العربية .. والإجهاز على مقدرات الأوطان.. وتفكيك أوصالها.
وكانت الخسائر الناجمة عن الأحداث التى شهدتها دول مثل سوريا، والعراق، وليبيا، واليمن هائلة وضخمة.. وقد حددت بعض التقديرات الدولية حجم هذه الخسائر بحوالى 900 مليار دولار فى البنية التحتية.. وخلفت أكثر من “مليون و 400 ألف” قتيل.. وأكثر من “15 مليـون لاجـئ”، ومن قبلهم كانت أفغانستان، والصومال، وما عانته من ويلات الحروب.. والاقتتال الداخلى.
إننى لا أتحدث عن مؤامرات متصلة.. ولكننى أنبه … إلى أن الغفلة هى التى تصنع المؤامرة.. والضعف يبعث على العدوان.. والتفكيك والانقسام والتشرذم هى معاول الهدم .. التى نهديها بأيدينا لأعداء الأمة لتحقيق أطماعها.
السيدات والسادة،
إننى منذ أن بدأت ممارسة حياتى العملية والمهنية .. كنت أراقب مقدمات ما يجرى فى منطقتنا.. وأتابع عن كثب إرهاصات ما يحدث على أرض مصر خلال العقود الماضية.
وفى مرحلة معينة.. كنت قد توقعت مبكرًا وأدركت أن مصر هى الهدف الرئيسى.. والجائزة الكبرى.. لمن أراد بهذه الأمة شرًا.
وحين تنهض مصر وتستقر.. تنهض الأمة العربية بأسرها وتستقر.. وتتوارى الدول من حولها إن هى توارت.. غير أن وعى هذا الشعب العظيم كان بالمرصاد لما يدبر لبلاده.. وكانت إرادة اللـه داعمة لمصر وللمصريين.. وظلت عنايته تظلل أرضها الطيبة التى تجلى بنوره عليها.
أبناء مصر الكرام ..
كنت أظن.. وليس كل الظن إثم.. أن نهاية مسيرتى المهنية لخدمة الوطن.. هى حين كنت وسط ممثلى فئات وطوائف المجتمع المصرى.. فى الثالث من يوليو عام 2013 منحازًا.. ومعى رجال القوات المسلحة لإرادة شعبنا العظيم.
وكنت أعتبر أن قمة طموحى قد وصلت إليها.. حين توليت قيادة الجيش المصرى العريق.
وأشهد الله سبحانه وتعالى.. أننى ماكنت طالبا لمنصب أو سلطة.. ولا متطلعا لأى مهام أخرى بعد انتهاء مهمتى في قيادة الجيش المصرى.. الذى أفخر بالانتماء إليه.. وأعتز بدوره الوطنى.. ولكننى لم أتردد أمام تكليفكم لى بالترشح لرئاسة الجمهورية.. وتوليت الأمانة.. وقررت أن أكون مواطنًا مصريًا اخترتموه للقيام بمهمة إنقاذ وطن.. وحماية أمة.
ومنذ اللحظة الأولى.. اخترت الصراحة طريقًا.. فصارحتكم بحجم التحديات والمخاطر.. وحقائق الأوضاع.. على الأصعدة السياسية، والأمنية، والاقتصادية، والاجتماعية.
وقلت لكم بكل وضوح.. إن إعادة بناء الدولة المصرية .. وإحداث تغير حقيقى فى حياة المصريين وأبنائهم.. يستلزم منا جميعا العمل الشاق.. والتضحيات الجسام.. والإخلاص والتجرد.. حتى نصل جميعًا إلى الهدف المنشود.
وقد أبلغتكم فى غير ذات مرة.. إننى بمفردى لا أستطيع أن أحقق شيئًا.. لكننا معا نستطيع أن نقهر أعتى التحديات.. وأن نصنع لبلادنا مجدًا يليق بها.. وتاريخا تفخر به الأجيال المقبلة.. وسبيلنا نحو ذلك هو التوحد حول الوطن.. والاصطفاف من أجله.
شعب مصر العظيم،
منذ أن بدأنا مسيرة العمل الوطنى معا منذ الثامن من يونيو عام 2014.. كانت الرؤية واضحة فى ذهنى.. ومستمدة من آمال وتطلعات هذا الشعب الكريم.. وكان اختيارى واضحا، حيث قررت أن أقتحم المشكلات.. وأواجه التحديات.. في مسارات متوازية.. من أجل إيجاد حلول حقيقية.. لا ترتكز إلى الحلول الوقتية التى تؤدى إلى مزيد من التفاقم بعد حين.
وقد كانت فلسفة مسار العمل الوطنى في هذه الرؤية.. قائمة على أهداف أربعة هى:
أولا: توفير فرص عمل لملايين الشباب المصرى.. لتقليل نسب البطالة.. واستيعاب حجم التدفق الهائل على سوق العمل.. ولاسيما من العمالة المصرية العائدة من مناطق الأزمات فى البلدان العربية.. وذلك من خلال إطلاق حزمة من المشروعات العملاقة ذات الطابع القومى.. وكان فى مقدمة ما حرصنا عليه فى هذه المشروعات.. هو الاعتماد على الخامات والأيادى المصرية.. والشركات الوطنية.
ثانيـا: تقديم مصر بصورة جديدة إلى العالم .. كساحة عمل وبناء فى كافة المجالات.. وسط منطقة تموج بالاضطرابات والخراب والدمار .. حتى تعود إلى مصر مكانتها الإقليمية والدولية التى تليق بها.. وهو الأمر الذى تحقق بالفعل.
ثالثا: إنشاء قاعدة صلبة للبناء الصناعى.. من أجل تحويل مصر إلى مركز صناعى دولى متقدم.. من خلال تشييد البنية الأساسية اللازمة لإنشاء هذا المركز.. عبر إقامة شبكة طرق هائلة.. وأنفاق تربط الضفة الشرقية والغربية لقناة السويس.. وإنشاء محطات توليد للطاقة الكهربائية.. ومحطات مياه الشرب والصرف الصحى.. ومطارات حديثة.. وموانئ متطورة.. ومناطق صناعية متخصصة.. مما يمهد الطريق لجذب الاستثمارات الخارجية.. وبما يحقق تحسين مستوى الخدمات المقدمة للمواطن.
رابعًا: تحصين الدولة المصرية في مواجهة التحديات والتهديدات والمخاطر.. وتعزيز عناصر القوى الشاملة للدولة.. ولاسيما القدرات العسكرية.. من أجل الحفاظ على الأمن القومى .. وحدود الدولة.. وتأمين السلام.. والدفاع عن مقدرات هذا الوطن ومكتسباته وثرواته.
وعلى مدار فترة مسئوليتى حققنا طفرة غير مسبوقة فى مؤشرات التنمية الاقتصادية.. أوجزها فيما يلى:
أولا: ارتفاع الاحتياطى النقدى إلى 37 مليار دولار.. بعد أن كان 16 مليار دولار فى 2014.
ثانيا: انخفاض ميزان العجز التجارى فى العامين السابقين.. بمقدار 20 مليار دولار.. منهم 4 مليار دولار زيادة فى الصادرات المصرية للخارج.. بالإضافة إلى انخفاض الواردات بمبلغ 16 مليار دولار.
ثالثا: كما انخفضت معدلات البطالة من 13.4% إلى 11.9%، ويأتى ذلك فى ضوء توفير فرص عمل كثيفة فى المشروعات القومية الكبرى وبما يصل إلى 3.5 مليون عامل.
رابعًا: انخفاض معدلات التضخم من 35% إلى 22% خلال الشهر الحالى.. ونستهدف الوصول بها إلى نسبة 13%
خامسًا: تراجع عجز الموازنة العامة كنسبة للناتج المحلى الإجمالى.. من16.7% عام 2013.. إلى 10.9% عام2017.
سادسًا: ارتفع تدفق الاستثمارات الأجنبية المباشرة بنسبة 14% فى العام المالى2016/2017.
وقد بلغ إجمالى حجم استثمارات مشروعات التنمية منذ منتصف 2014 نحو تقريبًا 400 مليار جنيه.. فى مشروعات الإسكان والتشييد ومياه الشرب والصرف الصحى والتنمية العمرانية.
وللقضاء على ظاهرة العشوائيات والمناطق غير الآمنة وتوفير المسكن الملائم للمصريين.. شرعت الدولة فى تنفيذ خطة متكاملة للإسكان الاجتماعى.. تستهدف فئات الشباب.. وكذلك القضاء على العشوائيات.. حيث تم بناء 25 ألف وحدة سكنية.. لتوفير مسكن ملائم لقاطنى المناطق العشوائية والخطرة.. كما تم تنفيذ 245 ألف وحدة إسكان اجتماعى للمواطنين.. بتكلفة إجمالية بلغت 32 مليار جنيه.. وجارى تنفيذ 355 ألف وحدة بتكلفة 71 مليار جنيه.
ولتعظيم أحوال الدولة.. وتحسين البنية التحتية والاستثمارية.. وتسيير حركة نقل المواطنين والبضائع.. تم تحقيق نهضة ضخمة فى مجال تطوير شبكة الطرق القومية.. حيث بلغ ما تم إنشاؤه وتطويره من طرق.. حوالى 7000 كم بتكلفة إجمالية تخطت الـ85 مليار جنيه.
وعلى مسار موازى.. كانت مواجهة أزمة انقطاع الكهرباء منذ يوليو 2014.. وسد العجز المزمن فى توليد القوة الكهربية.. فى مقدمة أولويات الدولة.. حيث تم إضافة قدرات كهربية بلغت 25 ألف ميجاوات من الطاقة التقليدية والمتجددة حتى يونيو 2018.. تكافئ حوالى 12 ضعف قدرة السد العالى.
ولتوفير احتياجات الدولة من الوقود.. سواء لاستخدام المواطنين أو للاستخدامات الصناعية والاستثمارية.. فقد تم تنفيذ خطة طموحة لتطوير قطاع البترول.. من خلال توقيع 62 اتفاقية بحث واستكشاف.. حيث تضاعفت الاحتياطيات المضافة من اكتشافات الغاز الطبيعى 8 أضعاف عن مثيلاتها.. خلال الفترة من 2010 إلى 2014.. لتصل إلى 36.8 تريليون قدم مربع.. وتم تنفيذ مشروعات لتنمية حقول الغاز الطبيعى بإجمالى استثمارات بلغ 12.6 مليار دولار.. ليصل إنتاجها إلى 5 مليون قدم مربع فى اليوم بزيادة قدرها 130% عن الفترة من 2010 إلى 2014.
الإخوة والأخوات،
لم يشغلنا الحاضر وتحدياته عن العمل فى إطار رؤية بناء المستقبل وصياغته بما يمهد الطريق من أجل حياة أفضل للأبناء والأحفاد.
لقد استشرفنا متطلبات الغد بالموائمة مع ضرورات اليوم، وكانت رؤية مصر 2030 هى الرؤية الوطنية التى تشمل كل مجالات العمل الوطنى.. وانطلقنا في تنفيذها بعزم وإصرار.. ليأتى الجيل التالى الذى سيحمل مسئولية البلاد، ويستكمل خطواتها ومراحلها، ويرفع بناء مصرنا الجديدة.
وقد ارتكزت هذا الرؤية على (زيادة الرقعة العمرانية على أرض مصر لمواجهة الزيادة السكانية المتنامية، والتى تمثل تحديًا كبيرًا.. فقد بلغ تعداد المصريين الآن ما يفوق مائة مليون نسمة، ومن المقدر أن يصل هذا الرقم إلى 150 مليون نسمة في عام 2030، ولذلك فقد كان من الحتمى أن نبدأ على الفور فى بناء عدد من المدن الجديدة المتطورة تواكب متطلبات الحياة والتقدم فى عصر جديد.
وانطلقنا وفق خطة مدروسة ومرسومة، نقيم العاصمة الجديدة و13 مدينة أخرى فى شمال الدلتا وشرق القناة بسيناء، والساحل الشمالى، وفى صعيد مصر.. توفر المسكن اللائق، وفرص العمل الواسعة.. والمرافق والخدمات المتطورة لعشرات الملايين من المصريين خلال السنوات المقبلة.
وجنبا إلى جنب مع بناء المدن الجديدة، شرعنا فى إقامة مشروع عملاق ..
هو استصلاح وزراعة مليون ونصف المليون فدان.. فى إطار خطة طموحة تستهدف استصلاح 4 ملايين فدان، وهوما يعادل قرابة نصف مساحة الرقعة الزراعية التى امتدت على أرض مصر منذ عمق التاريخ، إضافة إلى مشروع آخر لإنشاء مائة ألف صوبة زراعية تعادل فى إنتاجها مليون فدان.
ومع كل ذلك.. شرعنا فى إقامة مشروعات كبرى للاستزراع السمكى بشمال الدلتا.. وشرق القناة.. بجانب مشروعات ضخمة لمزارع الإنتاج الحيوانى والداجنى.
وغايتنا من كل ذلك.. هى توفير الاحتياجات الغذائية للمواطنين والقادمين الجدد من المواليد.. فى بلد يعتمد على الاستيراد فى جانب كبير من غذائه، كذلك زيادة المعروض من المحاصيل والخ.