“البلاستيك هو الحل”.. مصر تودع النقود الورقية 2020.. وخبراء يكشفون مزاياها
أثارت تصريحات البنك المركزي المصري، حول اعتزامه إنتاج وطباعة النقود البلاستيكية المصنعة من مادة “البوليمر” في عام 2020، جدلًا واسعًا فى الأوساط الاقتصادية والشعبية حول هذه العملة وتداعياتها المتوقعة في مختلف المجالات.
ووفق بيان المركزي، فإنه سيتم إنتاج العملة البلاستيكية عبر مطبعة البنك المركزي الجديدة، التي سيكون مقرها العاصمة الإدارية الجديدة، لتودع مصر بذلك عهد النقود الورقية وتدخل عهد النقود البلاستيكية.
أجرينا تحقيقًا حول “العملات البلاستيكية” ماذا عنها ؟ وآلية استخدامها ؟ وما هي إيجابيات تداولها في السوق المصري مقارنة بالعملات الورقية ؟ وما عائد هذا الاستخدام اقتصاديًا ؟ وماذا لو نجحت مصر في التصنيع ؟ .. كل هذه التساؤلات تجيب عنها السطور التالية :
نقود البوليمر
ذكرت دراسة كندية، أن العالم يتجه لإنتاج نقود مصنوعة من البلاستيك نظرًا لانخفاض أثرها على البيئة مقارنة بأوراق “البنكنوت”، فضلًا عن انخفاض تكلفتها وطول عمرها الافتراضي.
وخلصت الدراسة التي أجراها البنك المركزي الكندي، إلى أن النقود الورقية مكلفة للغاية ولها آثار بيئية خطيرة، وتوصلت إلى أن الأثر البيئي الناشئ عن دورة حياة أوراق نقدية بقيمة 3 مليارات يورو تم إنتاجها في العام 2003، يعادل الأثر البيئي الناشئ عن قيادة سيارة حول العالم بعدد 9235 مرة.
أكثر أمانًا
بحسب تصريحات البنك المركزي المصري، فإن أول دورة لاستخدام العملات البلاستيكية في السوق المصري ستكون في عام 2020، وسيتم تطبيق ذلك على فئة الـ 10 جنيهات، وفي حال نجاح التجربة سيتم تعميمها على جميع الفئات من النقود، وهو ما أثني عليه الخبراء ووصفوه بالاتجاه الإيجابي من قِبَل البنك المركزي لتطوير شكل العملة والمواد المستخدمة في تصنيعها.
فيقول الدكتور علي الإدريسي خبير الاقتصاد، إن العملات البلاستيكية أكثر أمانًا من الورقية من حيث عمرها الافتراضي وسماكتها، فضلًا عن جانب التكلفة حيث إنها أقل في تكلفة إنتاجها من الورقية.
توجه عالمي
مصر ليست الأولي في الاتجاه إلى العملات البلاستيكية المصنوعة من مادة “البوليمر” فسبقتها أكثر من 20 دولة، من بينها كندا ونيوزيلندا وإنجلترا، أما البداية فكانت في أستراليا منذ عام 1988.
يرجع الخبراء والمتخصصين في الاقتصاد وأسواق المال، دوافع الاتجاه إلى العملات البلاستيكية في مصر إلى أن هناك توجهًا عالميًا لاستخدامها بدلًا من الورقية، وأيضًا الاعتماد على الاقتصاد غير النقدي والتعامل من خلال الخدمات المصرفية المتعارف عليها “ماكينات الصرف الآلي” أو ” ATM” وذلك تحقيقًا للشمول المالي حسب تصريحات “الإدريسي” لـ”بوابة الأهرام”.
ما هو الشمول المالي ؟
هو إتاحة فرص مناسبة لجميع فئات المجتمع، سواء المؤسسات أو الأفراد، لإدارة أموالهم ومدخراتهم بشكل سليم وآمن، عن طريق توفير خدمات مالية مختلفة من خلال القنوات الشرعية (المصارف والبنوك)، بأسعار مناسبة للجميع ويكون سهل الحصول عليها، بما يضمن عدم لجوء الأغلبية للوسائل غير الرسمية التى لا تخضع لأية رقابة وإشراف، والتى من الممكن أن تعرضهم لحالات نصب أو تفرض عليهم رسومًا مبالغًا فيها.
خطوة ضرورية للشمول المالي
دخلت مصر بالفعل أعتاب المجلس الأعلى للمدفوعات والشمول المالي، ولكي تصبح تعاملاتنا إلكترونية يجب أن تكون هناك عملة تتوافق مع هذه الأنظمة حيث تشهد ماكينات الصراف الآلي صعوبة في صرف بعض العملات الورقية، وذلك في أحيان كثيرة والتوجه إلى استخدام العملات البلاستيكية سيقضي على مثل هذه المشكلات، ويتوافق بشدة مع اتجاه المجلس الأعلى للمدفوعات بعدم الاعتماد على التعاملات النقدية “الكاش” في المستقبل، وأيضًا يتوافق مع الشمول المالي في تناغم واضح يدعم اكتمال إستراتيجية عدم الاعتماد على التعاملات النقدية، ما أكده وائل النحاس الخبير الاقتصادي لـ”بوابة الأهرام” بأن العملات البلاستيكية خطوة ضرورية لتحقيق الشمول المالي.
دورة الاستخدام
العملة الحالية وهي الورقية دورة استخدامها من 6 إلى 8 شهور، وهو ما يجعل تلفها سريعًا حيث تصل خسائرها من 1.5% إلى 2% من الناتج المحلي للدولة، وتلحق هذه الخسائر باقتصاد الدولة نتيجة لتلف العملة الورقية، أما العملات البلاستيكية فإن دورة استخدامها من 2.5 إلى 3 أعوام، وتشهد أستراليا حاليًا أبحاثًا لمحاولة رفع مدة الاستخدام إلى 5 سنوات لزيادة عمرها الافتراضي، مما يوفر على الدولة تكلفة إنتاج العملة الورقية.
صعوبة تزويرها
يعاني سوق المال بعض العملات المزورة.. تلك حقيقة لا يمكن إنكارها.. ومن أقوى مميزات العملات البلاستيكية أن إمكانية تزويرها صعبة بنسبة 97% فتكاد تكون معدومة بسبب دقة التصميم والطباعة.
البداية مع الـ 10 جنيهات
تفعيل قرارات المجلس الأعلى للمدفوعات مع الشمول المالي الذي سيقلل من التعامل النقدي في المستقبل يشير بقوة إلى أن العملات البلاستيكية هي المواكبة للعصر والاستراتيجيات الاقتصادية القادمة، لذا تتوجه مصر لاستخدامها في 2020 وسيتم تطبيقها على فئة الـ 10 جنيهات لأن هذه الفئة من النقود هي الأكثر تداولاً بين الناس، وفي حال نجاح التجربة سيتم تعميمها على جميع الفئات المالية، حسب تصريحات وائل النحاس خبير أسواق المال .
ظهور الاقتصاد غير الرسمي
في حال نجاح تجربة العملات البلاستيكية في مصر سيلجأ ذوو الأموال المدخرة إلى إظهار هذه الأموال لوضعها في البنوك حتى يتمكنوا من التعاملات المادية بعد الشمول المالي الذي سيجعل كل التعاملات من خلال ماكينات الصراف الآلي، وبذلك ستظهر الأموال المدخرة من الكثير ووجودها في البنوك بدلًا من ادخارها مع أصحابها سيكون إيجابيًا بالنسبة لاقتصاد الدولة، حيث سيتم دمج الاقتصاد غير الرسمي في الاقتصاد الرسمي.
مصر تنافس عالميًا
مصر لن تتوجه فقط إلى تداول العملات البلاستيكية وإنما تعتزم تصنيعها أيضًا، وسوف تشهد العاصمة الإدارية الجديدة مقر المطبعة، مما يجعلها تدخل في المنافسة حيث يتداول استخدام العملات البلاستيكية أكثر من 20 دولة ولكن يقوم بتصنيعها 3 دول فقط وهي أستراليا التي بدأت في عام 1988 فأصبحت الدولة الأم لتصنيعها، واليابان وإنجلترا، بينما اتجهت إيطاليا للتصنيع وفشلت في التطبيق لاعتبارات إقليمية فخرجت من المنافسة حسبما أضاف “النحاس” لـ”بوابة الأهرام”.
جذب دول إفريقيا
تمركز مصر في دول إفريقيا يعد خطوة إيجابية لصالح دخولها المنافسة في تصنيع العملات البلاستيكية، وذلك في حال نجاح التجربة في 2020 ومن السهل جذب دول أخري خاصة الدول الإفريقية حيث تعد مصر أول دولة إفريقية في تصنيع العملات البلاستيكية وثاني دولة إفريقية في تداول هذه العملات، حيث سبقت غانا إلى استخدامها.
سلبيات العملة الورقية
العملات الورقية “البنكنوت” لها عدة سلبيات، أهمها أنها ليست صديقة للبيئة، مما جعل الخبراء يصفون الورقة بأنها “ذات سمعة سيئة” حيث تنقل الأمراض، إضافة إلى سرعة تلفها حيث يدوم استخدامها من 6 إلى 8 شهور، كما أنه يسهل تزويرها، وأيضًا تسهل وجود الاقتصاد غير الرسمي في الأسواق، مما أكده الخبير الاقتصادي وائل النحاس قائلاً :”العملات البلاستيكية خطوة أساسية في مكافحة الفساد”.
توصيات لصالح مصر
الجنيه المصري لا يمثل عملة نقدية فحسب وإنما يمثل لوحة تشكيلية بالتصميم الموجود عليه وهو مسجد قايتباى، ومع اتجاه مصر لتصنيع عملات جديدة يقترح وائل النحاس خبير أسواق المال من خلال “بوابة الأهرام” استغلال هذه العملات في الدعاية للسياحة المصرية والتاريخ الفرعوني من خلال اقتناء تصميم جديد تراثي وجذاب يسهم في زيادة الحصول على العملة خاصة من الأجانب، كما أن ذلك سيوجد استخدامًا جديدًا للعملة غير استخدامها النقدي، حيث سيقوم البعض بالاحتفاظ بها كتذكار بسبب اللوحة التشكيلية الموجودة في التصميم، فضلًا عن أنه قد يمكن الحصول عليها بثمن أكثر من قيمتها الفعلية لأجل الاحتفاظ بها، مما يزيد التهافت عليها، خاصة من قِبل الأجانب.