الاعلام الاخوانى .. يدخل مرحلة الموت الإكلينيكى
دخلت المنظومة الإعلامية لجماعة الإخوان الإرهابية، خلال الأشهر الماضية، مرحلة الموت الإكلينيكى، بعد الكشف عن صراعات واتهامات بالسرقة من ناحية، وتوقف التمويل القطرى الداعم لها، ولو جزئيًا، من ناحية أخرى.
وتعانى الآلة الإعلامية للجماعة الإرهابية، التى تبث سواءً من قطر أو تركيا من خلافات حادة، لم يستطع أطرافها حبسها أو التكتيم عليها، لتخرج إلى السطح، وتتصدر هاشتاجاتها مواقع التواصل الاجتماعى.
«خناقة الخونة»| فضائح ابن القرضاوى والتميمى تشعل «فيس بوك»
أولى الأزمات كانت اتهام قيادات قناة “الشرق” لرئيسها الهارب أيمن نور، بسرقة أموال القناة، التى تبث من تركيا، ورواتب العاملين والإداريين بها، بعد دعوة نور لجمعية عمومية طارئة للقناة الإرهابية فى أحد فنادق العاصمة إسطنبول، ومفاجأته الجميع بتغيير موعد اللقاء وصولا إلى إعلان نتائجه أيضًا دون حضور الأعضاء “سيف الدين عبد الفتاح، عبد الرحمن يوسف القرضاوى، هيثم أبو خليل، سامى كمال والفنان هشام عبدالله”، وهو ما نتج عنه توجيه اتهام إلى “نور” بإهدار أموال القناة والتنكيل بالعاملين.
لم تقف الأمور عند ذلك الحد، بل وصل الأمر إلى خروج العاملين بالقناة، ليؤكدوا احتيال أيمن نور عليهم بحصوله على ملايين الدولارات، رغم معاناتهم من عدم دفع رواتبهم، لأشهر.
إغلاق «الجزيرة» طريق المصالحة العربية
فى الخامس من يونيو الماضى، قطع الرباعى العربى: مصر والسعودية والإمارات والبحرين، علاقاتهم مع قطر، لدعم الدوحة للإرهاب، وأصدرت دول المقاطعة بيانا حددت فيه مطالبها، لإعادة العلاقات، أبرزها إغلاق قناة “الجزيرة” التى اعتادت على بث سمومها ضد مصر والدول العربية، وتبنى خطابات تحريضية ضد قادتها وشعوبها.
ومنذ بداية الأزمة الدبلوماسية مع قطر، تدور أحاديث بين موظفين فى شبكة الجزيرة، عن وقف الدوحة لتمويل الشبكة، إذا تلقت قطر “ضربات مالية كبيرة”، بسبب المقاطعة، ما يهدد بحسب وصف موظفين فى الشبكة بـ”اختفاء شبكة الجزيرة تماما”، وتعليق أحدهم: “أفضل صفقة لحل أزمة قطر هى إغلاق الشبكة خصوصًا فروع الشبكة فى مصر والسعودية”.
وعزز هذا التوجه، قيام المملكة العربية السعودية بقطع بث قنوات الجزيرة داخل المملكة، وإزالة دولة الإمارات العربية المتحدة لشركة “بين سبورتس”، التابعة للجزيرة من موجات البث الهوائى، ما جعل الشبكة تفتقد الملايين من جمهورها العربى المستهدف بتوصيل الرسالة.
إغلاق «هافنجتون بوست»
فى ضربة موجعة للإعلام الإخوانى، بات الموقع الأمريكى المشبوه “هافنجتون بوست”، الذى يُديره الإخوانى ضاح خنفر، المُدير العام لشركة “إنتجرال ميديا ستراتيجيس”، المُدير التنفيذى السابق لشبكة “الجزيرة” القطرية، على بعد خطوات قليلة من إعلان إغلاقه نهائيًا.
وبحسب تقارير صحفية، أبلغت إدارة الموقع الأمريكى، الإخوانى خنفر، برفض تجديد استخدام الاسم الأمريكى للنسخة العربية من الموقع الشهير، ورفضت كل الضغوط والعروض التى تم تقديمها لتجديد التعاقد، رافضة الإعلان عن أسباب قرارها.
ويبدو أن إدارة الموقع تنبهت أخيرًا للكوارث والأخطاء المهنية البشعة التى يرتكبها الموقع بنسخته العربية، ما أدى إلى الإساءة لاسم وسمعة الموقع الشهير، فيكفى أن الموقع كان مُصرًا على إعلان دعم وتأييد جماعة الإخوان الإرهابية المُتطرفة، وإبداء التعاطف مع العناصر الإرهابية، الأمر الذى تسبب فى كثير من الأزمات وأفقد الموقع مصداقيته لدى عموم المتابعين.
التقارير أشارت إلى أن القرار الذى سيختفى بسببه اسم “هافنجتون بوست عربى” من الفضاء الإلكترونى، خلال أيام، جاء بعد عقد اجتماعات كثيرة داخل إدارة شركة “إنتجرال ميديا ستراتيجيس”، لمناقشة العواقب المتوقعة للقرار، خاصة أن قوة الموقع الرئيسية مصدرها الاسم الأمريكى، كما أن الإدارة قررت اختيار اسم بديل لـ”هافنجتون بوست عربى”، مع تغيير الـ”دومين” الخاص بالموقع، كما تم الاتفاق على تقليل عدد العمالة عبر إنهاء العقود.
الملاحقة دولية
عقب ثورة 30 يونيو، أعلنت الخارجية المصرية عن إجراء اتصالات دولية لغلق الفضائيات التابعة لجماعة الإخوان، والتى تحرض على القتل وهدم مؤسسات الدولة من خلال بثها عبر أقمار صناعية أوروبية، بينها القمر الفرنسى “يوتل سات”.
وشهدت تلك الفترة، رفع دعاوى قضائية لوقف بثها، ومنها: قناة “الشرعية” و”مصر الآن”، و”25 يناير” و”أحرار 25″، والتى توقف بعضها بالفعل.
ووُصمت قنوات “الجزيرة” القطرية، و”مكملين” و”الشرق” و”رابعة” التى يتم بثها من تركيا بأنها قنوات إخوانية تسعى إلى تدمير مصر، ما أدى إلى فقدانها القاعدة الجماهيرية التى كانت تحظى بها.
كما صعد نجم الإعلام الليبرالى والخاص فى مصر، وأخذ على عاتقه، كشف الحقائق وتعريتها للرأى العام المصرى، وكشف الكثير من المحتوى الإعلامى المضلل الذى كان يبث من قنوات مصرية أو عربية أو أجنبية، يروج للشائعات أو يقدم “حقائق مزيفة”، أدى ذلك إلى نبذ الشارع المصرى لقنوات بعينها.
مشاركون فى الخيانة
تحفل سجلات العار والخيانة للبلدان العربية، بأسماء عدد كبير من الإعلاميين والفنانين، الذين سافروا إلى قطر وتركيا، بحثا عن الدولارات وشهرة “اللايكات” عبر مواقع التواصل الاجتماعى.
فيكفى معرفة أن قناة الشرق تتكلف وحدها 40 مليون دولار شهريًّا، وأن مذيعًا مثل معتز مطر يحصل على راتب شهرى يصل إلى 120 ألف دولار شهريًّا، فيما يتقاضى المعدون الشباب بالبرنامج رواتب قيمتها 8 آلاف دولار شهريًّا.
أما محمد ناصر فيحصل شهريا على 85 ألف دولار، والفنان المغمور هشام عبدالله فيحصل على راتب يصل إلى 45 ألف دولار شهريًّا، أما محمد شومان فيحصل على راتب شهرى قيمته 25 ألف دولار، أما المعد رامى جان الذى تحدث عنه أيمن نور فى التسريب الذى ظهر له الأسبوع الماضى فيحصل على 5 آلاف يورو شهريا من قناة الشرق.
وتشمل دولارات دعم الإرهاب، إقامة خمس نجوم فى الدوحة وإسطنبول للإعلاميين والمعدين وأسرهم، وإنشاء استديوهات للبرامج، وتجهيزها بأدواتها المختلفة، فضلا عن حجز ترددات الأقمار الصناعية.
منابر تتحدث لنفسها
تعمل المنابر الإعلامية الإخوانية سواء المواقع الإلكترونية أو القنوات الفضائية على فبركة الأحداث بالدول العربية، وخصوصا مصر، وبث مشاهد مفبركة عن مسيرات احتجاجية، فضلا عن استقطاب الإعلاميين المستقلين عبر قوائم بريدية تحمل اسم الرسالة تروج للفكر الإخوانى
وأصبح تأثير المنابر الموالية للإخوان غير ملموس فى الشارع المصرى، نظراً لاعتماد خطابها على المبالغة والحشد، ما أفقدها المصداقية حتى عند القطاع المتعاطف مع الإخوان من الجمهور، فى الوقت الذى تشهد فيه قنوات الأخبار فى مصر تطورًا خلال الفترة الأخيرة، وأصبحت هناك أصوات يثق فيها الجمهور على اختلاف توجهاته.
وجاء قرار حجب المواقع التابعة للإخوان والمقربين منها، ليعد ضربة قاضية للجماعة، منتصف العام الماضى، حيث شمل 21 موقعا، وهو ما يغلق منفذا ضخما للتنظيم فى نشر رسائله التحريضية.
كما تراجعت شعبية الوجوه الإعلامية التقليدية غير المهنية، ما ساهم فى تغيير مفاتيح المشهد الإعلامى، وساعدت على الحد من تأثير وسائل الإعلام الإخوانية، وأضعفت مصداقيتها وشعبيتها.
أضف إلى ذلك العنصر الأهم، وهو كون الجمهور المصرى واعيًا، وقادرًا على التمييز بين الخطاب الموضوعى القائم على الحجة والمعلومة، والخطاب التحريضى القائم على الأكاذيب والمبالغات، وبالتالى فإن تضخيم الأحداث وانتزاع الأخبار من سياقها، وتلوين الحقائق، لم يعد يجدى نفعًا، أو يترك أثرًا على الجمهور.
ونظرًا للعزلة التى تعيشها هذه القنوات بعيداً عن نبض الشارع، وخروجها من المنافسة على نسب المشاهدة، وعدم خضوعها لأى تقييم علمى، جعلها تبالغ فى تقدير حجمها وتأثيرها، وتتصور أن صوتها مسموع، بينما فى الحقيقة هى تتحدث لنفسها فقط!