متابعات

أبطال مجهولون فى حرب أكتوبر

التاريخ عادة ما يكتبه المجهولون، الذين ينساهم الجميع عبر الأزمان، ويتذكرون من كانوا قادة أو زعماء.

فى ملحمة أكتوبر 1973 كان الجندى الذى عبر القناة، هو الأكثر تأثيرًا من قادة كبار عظام كانت لهم أدوار كبيرة فى الحرب. بينما كان قادة الأفرع الرئيسية وبعض الأسلحة الهامة أكثر تأثيرا من الذى يليهم فى المرتبة والرفعة، نظرًا لوجودهم على أرض المعركة، وعزمهم على اجتياز المستحيل.

قائمة الشرف كبيرة، وكبيرة جدا، ولا يتسع المقام لذكرهم، لكن فى السطور التالية نحاول أن نعيد النظر فى نصر رمضان، من وجهة نظر أبطال مجهولين عند الكثير، كان لهم الفضل فى إنجاز خطة العبور، ولولاهم، ما كان الانتصار.

الماحي وسلاح المدفعية:
أتمت القوات المصرية الاستعداد لإطلاق النيران طبقا للخطة فى صباح يوم 6 أكتوبر 1973، بعد أن دخلت آخر عناصر الصواريخ “أرض/ أرض” إلى مواقعها. وقدم مدير سلاح المدفعية اللواء محمد سعيد الماحى، تمام الاستعداد، فاشتعلت الحرب ببدء تنفيذ التمهيد النيرانى للمدفعية والصواريخ فى لحظة واحدة على الجبهتين المصرية والسورية في الساعة 2:05 ظهرا.


تحول الشاطئ الشرقى للقناة بالفعل إلى جحيم مشتعل، وفوجئ العدو بأقوى تمهيد نيرانى تم تنفيذه فى الشرق الأوسط طوال تاريخه، حتى أنه لم يتمكن من سحب مراقبيه من فوق الأبراج العالية فوق النقط القوية والحصون.

وسقط على مواقع العدو وقلاعه فى الدقيقة الأولى فقط من التمهيد، نحو 10 آلاف و500 دانة مدفعية، أى بمعدل 175 دانة فى الثانية الواحدة.

بالفعل، نجحت المدفعية وقائدها الماحى، فى فتح جميع الثغرات المخططة فى مواقع الأسلاك الشائكة والألغام على الميل الأمامى للساتر الترابى وحول النقط القوية والحصون، وفى الساعة 2:20 تقريبا، بدأت الموجة الأولى من المشاة فى الاقتحام، ورافق المشاة ضباط ملاحظة المدفعية ووحدات الصواريخ الموجهة المضادة للدبابات.

تمهيد المدفعية النيرانى دمر جميع التحصينات الميدانية للإسرائيليين، بينما نجحت المدفعية أيضا فى إسكان مدافع العدو وشل حركة جميع احتياطاته القريبة، ولم تتمكن دبابة واحدة معادية من صعود الساتر الترابى واحتلال المصاطب لإيقاف عملية العبور.

كان على قوات المشاة الذين عبروا شط القناة أن يقاتلوا آليات الصهاينة المدججة بأحدث الأسلحة، لعدة ساعات، إلا أن دور رجال المدفعية فى هذه المرحلة حال دون ذلك، حيث تم تدمير كل دبابات العدو تقريبا فى صباح اليوم الثانى للحرب.

الدور الذى قام به الماحى ومساعدوه فى سلاح المدفعية كان كبيرا ومؤثرا فى الملحمة، لذا يعتبر هذا الرجل فى مقدمة الجنود المجهولين.

على وحمدى.. نور سلاح المهندسين:
في الساعة 2:20 عصرا عبرت عناصر من المهندسين العسكريين، والذى كان مديره اللواء جمال محمود على، لتأمين المشاة فى حقول الألغام. ثم عبرت عناصر أخرى لتحديد محاور الثغرات فى الساتر الترابى، وتجهيز الأرصفة للمعدات والكبارى، ثم عبرت مجموعات فتح الممرات من المهندسين أيضا، ومعها مدافع المياه، وخلال ساعتين تعدى حجم قوات المهندسين التى عبرت القناة إلى نحو 15 ألف جندى.

وفى الموجة الثانية عبرت نحو 80 وحدة هندسية، فى قوارب خشبية محملة بالأفراد والمضخات والخراطيم، وتم تركيب الخراطيم فى المضخات وثبتت فى نهايتها البشابير ودارت المضخات واندفعت المياه لتشق خط بارليف.

أتم المهندسون إنشاء الكبارى واللنشات على عشرات الطرق فى نظام محكم من حيث المسافات والتوقيتات، وفى نحو من 6 إلى 9 ساعات تقريبا، فضلا عن إنشاء نحو 10 كبارى ثقيلة و10 كبارى مشاة وعدد كبير من المعديات، والتى أصيبت معظمها بقذائف العدو، لكن أعيد إصلاحها أكثر من خمس مرات، وقد استشهد العميد أركان حرب أحمد حمدى قائد أحد ألوية الكبارى فى هذه العملية، وقد قام الرئيس الراحل السادات بإطلاق اسمه على النفق المار أسفل قناة السويس والواصل بين شبه جزيرة سيناء ومدينة السويس، تكريما للأعمال البطولية التى قام بها الشهيد فى الحرب.


علي “مدير السلاح”، وحمدى “الشهيد البطل”، يستحقان أن يكونا فى قائمة الجنود المجهولين لدورهما الكبير فى العبور.

شكرى.. ورعب الصاعقة فى نفوس الصهاينة:
ما إن اندلعت الشرارة الأولى لحرب أكتوبر حتى كانت جماعات من الصاعقة تعبر بقواربها المطاطية على امتداد قناة السويس، وكان لها شرف أن تكون أول مجموعة ترفع الأعلام المصرية فوق مرتفعات سيناء.

هم أول من تسلقوا الحد الأمامى للساتر الترابى بالحبال، واستولوا على مصاطب الدبابات، ثم اندفعت جماعات منهم إلى الشرق حيث أقاموا الكمائن، لاقتناص الدبابات الإسرائيلية، وقاموا أيضا باقتحام بعض المواقع الحصينة حيث دارت اشتباكات عنيفة بين الجانبين، بالسلاح الأبيض وبالأيدى.

وقبل آخر ضوء فى يوم 6 أكتوبر، كانت أعداد كبيرة من طائرات الهليكوبتر تفرغ أعدادا هائلة من قوات الصاعقة فى عمق سيناء، وفى نفس الوقت كانت جماعات منهم تزحف على مياه البحرين المتوسط والأحمر لتصل إلى أهدافها على السواحل.

فى عمق سيناء تمسكت قوات الصاعقة، والتى كان يديرها اللواء نبيل شكرى، فى التمسك بالمضايق الجبلية والممرات، فمنعت قوات العدو من المناورة.

هم أيضا من كان لهم الفضل فى منع بترول سيناء عن العدو، حيث قاموا بنسف وتدمير منشآت ومستودعات البترول فى مناطق “أبو رديس وأبو زنيمة وسدر وشيراتيم”.

استمر رجال الصاعقة في بث الذعر في نفوس العدو منذ بداية الحرب وحتى وقف إطلاق النار، فاستحقوا وقائدهم أن يكونوا من الجنود الذين يجهلهم الكثيرون فى خضم الأحاديث عن حرب أكتوبر.

بوابة الشباب نيوز

جاء إطلاق بوابة الشباب نيوز على الانترنت ليكون وسيلة لمعرفة الاخبار اول باول، ويمثل إضافة قوية في الفضاء الالكتروني، وجاءت انطلاقة الموقع من مصر من قلب الاحداث ليهتم بالثورات العربية والمشاكل السياسية ويغطى الفعاليات الاقتصادية والرياضية ويواكب علوم التكنولوجيا ويغطي اخبار المرآة

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى