«كلوت بك».. شارع تعرض للظلم .. اعرف تاريخ شارع الدعارة الاول فى مصر !
شارع كلوت بك، بمجرد ذكر اسم هذا الشارع تستحضر الأذهان فورًا، المعلومات الراسخة فى العقول عن المكان الذى اشتهر قديمًا بأنه أشهر شوارع ممارسة البغاء والملاهى الليلية، بل وأصبح مركزًا للعوالم والراقصات، والذى تحول فى عصرنا الحالى إلى أحد أشهر أماكن تمركز ورش بعض الصناعات الصغيرة، ومحلات بيع الملابس.
وبعيدًا عن تاريخ الشارع المخزى كون شهرته جاءت من ممارسة البغاء وانتشار الملاهى الليلية، إلا أن الشارع له من اسمه ما يشرفه أيضًا، حيث أطلق عليه هذا الاسم نسبة للطبيب الفرنسى أنطوان براثيليمى كلوت المعروف بـ”كلوت بك”، الذى كان أحد أهم أطباء العصر الحديث، كما أنه مؤسس مدرسة طب – مستشفى القصر العينى حاليًا – فى عهد محمد على باشا.
وافتتح شارع كلوت بك، فى حوالى عام 1872، وقد قضى الطبيب الفرنسى، الذى ولد عام 1793، فى جرنيوبل، فى فرنسا، معظم حياته فى مصر، بعدما عهد إليه محمد على باشا بتنظيم الإدارة الصحية للجيش المصرى، وصار رئيس أطباء الجيش قبل أن يمنحه محمد على باشا لقب “بك” تقديرًا لجهوده فى النهضة الطبية التى أحدثها فى مصر.
أقنع كلوت بك، محمد على باشا، بتأسيس “مدرسة الطب”، فى أبى زعبل، وتولى إدارتها، وكانت أول مدرسة طبية حديثة فى الدول العربية، والتى نقلت بعد ذلك إلى قصر العينى، والذى أصبح اسمها فيما بعد.
بالعودة إلى شارع كلوت بك – الأزبكية حاليًا – فإن الشارع، أيضًا، كان أحد أشهر أسواق تجارة الغلال والحبوب قبل مجىء الحملة الفرنسية على مصر، وهو ما دعا نابليون بونابرت إلى اختياره محلًا لإقامة جنوده حتى يضمن لهم الإمدادات الغذائية الضرورية، ما أدى إلى هجرة سكانه، وبوصول الجنود الفرنسيين إلى المنطقة، كانت تلك بداية ظهور العديد من الحانات الصغيرة والملاهى الليلية وبيوت الدعارة المرخصة، التى أصبح الجنود الفرنسيين أشهر روادها.
أما “كلوت بك”، فإنه كان قد بذل جهودًا كبيرة فى مقاومة الطاعون الذى حل بالبلاد عام 1830، وعنى بتنظيم المستشفيات، وهو الذى أشار بتطعيم الأطفال ضد الجدرى، وفى عام 1847، كان “كلوت بك”، أول من استخدم البنج فى مصر فى عمليات خاصة بالسرطان والبتر، كما أثرى “كلوت بك”، المكتبة الطبية العربية، بالعديد من المؤلفات الطبية.
وفى عام 1849، عاد إلى مرسيليا، بعد أن ساد مصر حالة من الإهمال فى عهد عباس حلمى الأول، ورغم ذلك، عاد إلى مصر عام 1856، فى عهد محمد سعيد باشا، الذى قرر إعادة افتتاح مدرسة الطب فى احتفال ضخم، وفى عام 1858، عاد “كلوت بك”، إلى فرنسا بسبب حالته الصحية، وتوفى “كلوت بك”، فى مرسيليا، عام 1868، وقد تم تكريمه بإطلاق اسمه على شارعين فى القاهرة، وجرينوبل.
أين ذهبت فتيات كلوت بيك؟
عشرات الحانات والفنادق احتضنت مئات البغايا قبل إلغاء ممارسة البغاء عام 1949، فما كان منهن إلا الاتجاه إلى الأعمال السينمائية أو الرقص.
يقول هلال: “في الأفلام السينمائية الأبيض والأسود ستجد وراء المطرب أو المطربة عشرين راقصة، هن باغيات كلوت بيك بعد إنهاء المهنة رسمياً”.
من بيع وشراء الحبوب والفاكهة إلى التجارة في الخمور والجسد وصولاً إلى التجارة في قطع غيار الأجهزة الكهربائية، هكذا ظل شارع كلوت بيك مفعماً بالحركة من رواده وسكانه.
وما زالت رائحة القاهرة الخيديوية تفوح من بعض زواياه، وتأخد الزائر إلى القرن التاسع عشر.
لا وجود لمحال الخمور في شارع كلوت بيك اليوم.
لعلّ ذلك يرجع إلى أنه أصبح أكثر شعبوية من باقي شوارع وسط البلد، وصار خطاً لسير عربات النقل الجماعي القادمة من العتبة إلى رمسيس.
أما الفنادق فقَلَّت مقارنة بالماضي وحلت مكانها مخازن تجارية، لم يبقَ سوى فنادق متهالكة تراوح أسعار الليلة فيها بين 35 و60 جنيهاً، بحسب نظافة الغرفة، وإذا كانت فردية أو بمشاركة آخرين.