ثقافه وفن

فى ذكرى ميلاده| أحمد زكى.. العبقرية خالدة رغم أنف الموت

أسمر نحيل بعين متقدة بذكاء، خرج إلى جمهوره فى السينما بطلا لأول مرة فى دور أمام العمالقة سعاد حسنى ورفقائها فى فيلم “شفيقة ومتولى”.

كان خروجه عظيما مهيبا كما يخرج كل صاحب أسطورة من كتب التاريخ، مكللا بالمهابة حاملا لون الأرض السمراء المبتلة المشبعة بأثر الشمس اللافحة، وحملها – سعاد – صريعة فى نهاية الفيلم، ميمما وجهه شطر الجنوب بملامح حفرت فيها اللوعة الممزوجة بشهوة الانتقام، وبعينين تنزان دما، “يبكى بنات الناس اللى تبيع عرضها في القحط وزمانه”، فى مشهد خرافى الإخراج والتمثيل.

المولود في 18 نوفمبر من عام 1949، كان وسيما فى نظرته، راقيا فى دموعه، ومظهره الذى رآه البعض مشعثا، استطاع أن يصنع به ما يحلم بتقليده كل ممثل، رغم أن بداية الإحباط كانت من رمسيس نجيب منتج فيلم الكرنك، الذى استبعده من الفيلم، قائلا “ما ينفعش الولد الأسود ده يحب سعاد حسني”، وهو ما اعتبره الفنان الأسمر “ذكرى مؤلمة نشكر رمسيس عليها لأنها فتحت لى باب الطموح”.

لم يكن حدث “نجيب” هو الوحيد فى الرفض والممانعة، بل فى العام 1969، رفضه مدير مسرح أوبريت احتفالية القاهرة سعد أبو بكر، بعد أن رشحه المخرج الألماني للأوبريت، إيرفن لابستر، قبل أن يتبناه صلاح جاهين، صانع الأوبريت نفسه، ليقدمه فى نهاية رحلة الأعمال لـ”هو وهى”.

انطلق النمر الأسود من “هاللو شلبى”، حتى وصل عائما على الشهرة وحب الجماهير إلى “نهر الملح”، فى رحلة من العبقرية التمثيلية التى انتهت إلى موت أنيق، رغم ندرة المرض، الذى عاش به وانتهى به، بعد أن ترك للدنيا ابنه الوحيد هيثم من زوجته الممثلة الراحلة هالة فؤاد، التى أبقى على رباطها المقدس حتى وفاته، فلم يتزوج من نجلاء فتحى التى تعلق بها خلال تصوير فيلمه “سعد اليتيم”، ولا شيرين سيف النصر فى أثناء أحداث “سواق الهانم”، ولا حتى رغدة “توأمه”، كما وصف، التى شاركته رباعية “كابوريا” و”الإمبراطور” و”استاكوزا”، و”أبو الدهب”.

أحمد زكى كان غيورا على فنه، للدرجة التى جعلته يستشعر الندية من صديقه محمود عبد العزيز، وبينما كان يصور عبدالعزيز مشاهده فى فيلم “الشقة من حق الزوجة”، كان زكى يصور رائعته “المدمن”، فى موقعى تصوير متقاربين، ليمر الأخير على “لوكيشن” الساحر، “زاغدا” مخرج الشقة من حق الزوجة: “مش كنت جبتنى أنا أعمل الفيلم ده، أنا غيران بصراحة من محمود”.

الراحل الكبير لم ينهى مشواره إلا بلقب كبير كذكائه، لقب “ملك التقمص”، بعد أن انتقى رموزا هى الأكثر ثراءً عبر التاريخ، فى 4 سير ذاتية بدأها بتقديم شخصية طه حسين فى مسلسل “الأيام” عام 1979، وتبعه بشخص “ناصر 56″، الذى تقمصه ببراعة مدهشة، ليعقبه بـ”أيام السادات”، لبطل الحرب والسلام ذى الشارب الكث والنبرة الحادة المميزة، ثم فى النهاية عبدالحليم حافظ، الذى تأثر فيه بمرضه قبل رحيله بقليل.

كان فنانا مدمنا للتمثيل بقدر عبقريته.. حتى على سرير الرحيل المبكر عن عمر لا يتعدى الـ55 عاما، يوم 27 مارس 2005، أدى مشهدا تمثيليا مع ملك الموت، وهو ما كشفه طبيبه ياسر عبدالقادر، فى حوار تليفزيونى، مؤكدا أنه كان يجلس مع زكى قبل وفاته، قبل أن يجسّد الأخير مشهد الوفاة مع ملك الموت، إذ شهد بعينيه حوارا يجريه الفنان مع “ملك الموت”، مطالبا إياه تجهيز “صوان العزاء” ومن ثم العودة إليه لقبض روحه، رحم الله الفنان الأسمر أحمد زكى.

بوابة الشباب نيوز

جاء إطلاق بوابة الشباب نيوز على الانترنت ليكون وسيلة لمعرفة الاخبار اول باول، ويمثل إضافة قوية في الفضاء الالكتروني، وجاءت انطلاقة الموقع من مصر من قلب الاحداث ليهتم بالثورات العربية والمشاكل السياسية ويغطى الفعاليات الاقتصادية والرياضية ويواكب علوم التكنولوجيا ويغطي اخبار المرآة

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى