متابعه منى الطايل
“البيت وقع بفعل فاعل.. إزاى البيت يقع مرة واحدة كدا رغم أنه مكانش آيل للسقوط؟”.. بهذه الكلمات بدأت إحدى سكان عقار سيدى جابر المنهار حديثها، مشيرة إلى أن حريقًا نشب فى شقة بالطابق الأول قبل شهور فى ظروف غامضة ومن بعدها ظهرت تصدعات بالعقار.
فى ساعة مبكرة من صباح اليوم الجمعة، انهار عقار مكون من 7 طوابق بشارع القدس متفرع من إبراهيم الشريف، بمنطقة مصطفى كامل، بجوار السكة الحديد شرقى الإسكندرية، ما أدى إلى توقف حركة القطارات، حيث كان مجاورًا لشريط السكة الحديد، فيما تبحث قوات الحماية المدنية عن 4 مفقودين تحت الأنقاض.
أفاد شهود عيان بالعقارات المجاورة بأنه فى تمام الثالثة والنصف من فجر الجمعة، فوجئوا بانهيار العقار دون سابق انذار، بينما أصدرت محافظة الإسكندرية قرارًا بإخلاء العقارات المجاورة حرصًا على سلامة السكان.
قال محمد حافظ، أحد سكان المنطقة، إن “البلتاجى”، أحد سكان العقار، لم يستطع إخلاء شقة والدته التى تزوج فيها لعدم وجود بديل، مضيفًا: “يا بيه هو لو عنده بديل كان اتجوز فى شقة أمه؟ ربنا يصبر أهله ويصبر أهل زوجته.. دى عروسة جديدة متهنتش”.
وأشارت بدرية عبداللطيف، من سكان العقار المنهار، إلى أنهم تركوا شقتهم دون نقل الأثاث خوفًا على أرواحهم بعدما صدر قرار من حى شرق بإخلاء العقار تمهيدًا لهدم الطابقين السادس والسابع وترميم الباقى.
وأوضحت أنها قررت أن تسكن مع شقيقتها لحين انتهاء الترميم إلا أنها فوجئت فجر اليوم بهاتف يخبرها أن العقار قد انهار تمامًا، متابعة بينما علامات الحزن ترتسم على وجهها فى لحظة واحدة فقدنا مسكننا ولا نعلم ما سيؤول إليه مصيرنا.
كانت تقف بجوارها جارتها التى حاولت تهدئتها، وتقول إن هناك أسرتين داخل العقار وهم الآن تحت الأنقاض لأنهم رفضوا قرار الإخلاء لعدم وجود مسكن بديل لهم، مشيرة إلى أنها استيقظت من النوم على صوت الانهيار فالعقار انهار مرة واحدة ولم تكن هناك أى دلائل تشير إلى أنه سينهار.
وتعيش آلاف الأسر فى المدينة الساحلية معظمها من محدودى الدخل، فى عقارات آيلة للسقوط صادرة لها قرارات إزالة، إلا أن تلك القرارات أصبحت “حبرا على ورق” بعد رفض السكان إخلاءها وانتظار الموت أسفلها لعدم قدرتهم على شراء أو حتى إيجار مسكن بديل.
ويرجع الدكتور هشام سعودى، خبير التخطيط العمرانى، تكرار انهيار عقارات الإسكندرية، إلى قِدم عدد كبير من المبانى، خصوصًا بالأحياء القديمة وغياب الصيانة الدورية لها، ما يؤدى إلى انهيارها، بالإضافة إلى مساهمة حالة الفوضى التى أعقبت ثورة 25 يناير فى إنشاء العديد من المبانى المخالفة التى لم تراعِ فيها المعايير الهندسية للبناء وتأثيرها على العقارات القديمة المجاورة لها.
وحول الشق القانونى يقول المستشار أسامة كشك، رئيس محكمة استئناف الإسكندرية سابقًا، إن مسؤولية انهيار أى عقار تقع أولاً على صاحبه ثم المحافظ ورؤساء ومهندسى الأحياء، مطالبًا بتقديم مسؤولى الأحياء للمحاكمة لتقاعسهم فى اتخاذ الإجراءات اللازمة لإزالة العقار وتنفيذ القانون وتباطؤه فى حماية المواطنين، مما يعرضهم للموت.
