وفى تقرير خاص استعرض موقع “سكاى نيوز” مشوار باسم أمين، الذى اختار منذ طفولته أن يمضى فى طريق شغفه مدفوعا بموهبة حقيقية وذكاء شديد، ليصنع اسمه بين أبطال لعبة الشطرنج.
باسم أمين هو طبيب مصرى (32 عاما)، ورغم أنه ليس حديث العهد بالبطولات والألقاب الكثيرة التى حصدها، لكن تدوينة لأحد رواد مواقع التواصل الاجتماعى سلطت عليه الضوء مؤخرا، ليصبح حديث الجميع فى مصر وخارجها.
بدأ مشواره مع اللعبة فى طفولته المبكرة، وحقق أولى البطولات فى عمر السادسة، ووصل إلى أن أصبح أول عربى وإفريقى يدخل تصنيف أفضل 100 لاعب فى الشطرنج، ويصنف رقم 32 فى يونيو 2019، ورقم 42 فى يناير 2021، كل هذه النجاحات لم تجعل أمين يندم على استقالته من وزارة الصحة، وهجر مهنة الطب.
يعود أمين بالذاكرة إلى نقطة التحول فى رحلته مع لعبة الشطرنج، عندما كان فى الخامسة من عمره، وأثناء اللعب مع والده سقطت رقعة الشطرنج على الأرض، فعرض عليه والده بدء جولة جديدة، فما كان من الطفل الصغير إلا أن أخبر والده بأن لا حاجة للبدء من جديد، لأنه يحفظ أماكن كل قطع الشطرنج على الرقعة قبل سقوطها، ومن هنا قرر الوالد جلب المدربين للطفل الموهوب، ليضع قدمه على طريق مهيب من البطولات والنجاحات.
بالرغم من أن الصورة المطبوعة فى أذهان كثيرين عن “الشطرنج”، أنها لعبة بسيطة وتُمارس لتمضية الوقت فقط، لكن الحقيقة أن لعبة الشطرنج بالإضافة إلى فوائدها المهولة فى تعزيز القدرات الذهنية، فإنها أيضًا أعتمدت أداة تعليمية بالمدارس فى نحو 30 دولة حول العالم.
وفى هذا السياق يوضح أمين أن لعبة الشطرنج ليست للتسلية على المقهى كما يتخيلها البعض، لكنها لعبة تتطلب كثير من المجهود الذهنى، والتدريب المتواصل، للتأهل للبطولات العالمية، ناهيك عن كونها علم توضع حوله الكتب والمراجع.
وعن أول بطولة اقتنصها أمين فى مشواره الحافل بالذهب، يقول إنه حصل على المركز الثانى فى بطولة الجمهورية للناشئين تحت 12 عام وهو فى عمر 6 سنوات، وبعدها بدأ مشواره مع الأندية المحلية فى مصر، حيث كانت البداية لمدة عامين مع نادى الشمس فى الدورى الممتاز.
يروى باسم أمين بتأثر تفاصيل الرحلة الأولى له خارج مصر بصحبة والده، أثناء المشاركة فى بطولة العالم للناشئين تحت 10 سنوات عام 1997 بمدينة كان فى فرنسا، فيقول: كانت البداية مبشرة فى هذه البطولة، وبالرغم من الهزيمة فى أول مباراة، إلا أننى انتصرت فى 6 مباريات متتالية، من بينها الفوز على الأمريكى “هيكارو ناكامورا” المصنف حاليا الأول على العالم فى الشطرنج الخاطف.
ويتابع: مَثلت البطولة الأولى تحديا كبيرا، خاصة أننى لم أكن أمتلك بعد خبرة المشاركة فى بطولات كبرى، وحصلت على المركز 27 خلالها، لكن فى بطولة العالم عام 1998، حصلت على المركز السابع، ثم سابع العالم تحت 16 سنة فى اليونان 2003، وثانى مكرر العالم تحت 16 سنة فى اليونان 2004.
وأضاف: “فى فرنسا عام 2005 حصلت على المركز السادس العالم ببطولة العالم تحت 18 سنة، ثم برونزية العالم تــحــت 18 سنة فى جورجيا 2006، وأخيرا برونزية العالم تــحــت 20 سنـــة فى تـركـيـا عام 2008، وهو العام الدراسى الذى لم أوفق فيه بالفرقة الثالثة بكلية الطب واضطررت لإعادته”.
وعن مشوار الاحتراف فى أوروبا الذى لا يعرفه كثيرون، يقول أمين: ألعب حاليا لاعبا محترفا لثلاث أندية فى أوروبا؛ “فيرنهايم” فى ألمانيا، “فاسا” فى السويد، و”كليشى” فى فرنسا، بالتزامن مع اللعب لنادى الشرقية للدخان فى مصر.
وتعد مسألة تنظيم الوقت بين الأندية الأربعة تحديا قويا، يوضح أمين كيف يواجهه: “أتنقل بين مصر والبلدان الثلاثة؛ ألعب مبارياتى فى مصر يوم الجمعة، بينما فى ألمانيا والسويد تكون يومى السبت والأحد، أما اللعب فى الدورى الفرنسى مع نادى كليشى، فهو بطولة مجمعة لمدة 12 يوما، وتُنظم فى أواخر مايو أول يونيو من كل عام، وبهذا يكون اللعب للأندية الأربعة أمرا ممكنا”.
من الأمور التى يحتفى بها محبو الشطرنج فى مصر والمنطقة العربية، حصول باسم أمين على جميع الألقاب الدولية فى لعبة الشطرنج، ليكون بذلك العربى والإفريقى الأول الذى يحوز كل هذه الألقاب، إذ يحمل حاليا لقب أستاذ دولى كبير (GM) وهو اللقب الرسمى الأهم، الذى يتطلب الوصول إلى 2500 نقطة فى التصنيف الدولي، إضافة إلى تحقيق نتائج مع أساتذة دوليين كبار فى 3 بطولات مؤهلة.
ويقول أمين إن اللعبة بها ثلاث ألقاب فبالإضافة إلى اللقب الأكبر والأهم، أستاذ دولى كبير، يوجد أستاذ اتحاد (FM)، وهو أول لقب فى اللعبة، وقد حصلت عليه عندما فزت ببطولة العرب تحت 10 سنوات عام 1999، أمَّا اللقب الثانى، فهو أستاذ دولى (IM)، وحزت هذا اللقب عندما فزت ببطولة إفريقيا للشباب تحت 20 سنة عام 2004.
وفى الآونة الأخيرة اشتهر أمين بلقب سوبر جراند ماستر (SGM)، وهو اللقب الرابع ويؤكد لاعب الشطرنج العالمى أنه لقب غير رسمى، لكن متعارف عليه فى أوساط لاعبى الشطرنج والمهتمين باللعبة، ويطلق على من يصل إلى 2700 نقطة فى التصنيف الدولى، وقد وصل أمين إلى هذا الرقم فى نوفمبر 2017.
من اللافت أن جميع وسائل الإعلام تداولت معلومة مفادها أن باسم أمين تلقى العديد من عروض التجنيس، لكن اللاعب كشف حقيقة هذه التصريحات، قائلًا لم يكن الأمر بهذه الصورة التى يروّج لها الإعلام، لافتًا فى البداية إلى أن جميع فرص اللعب لمنتخبات دول أخرى فى لعبة الشطرنج لا تشترط التنازل عن الجنسية الأم، كل ما فى الأمر أن اللاعب يغير هوية المنتخب الذى يلعب له فى الاتحاد الدولى للشطرنج فقط، وهو أمر معتاد فى أوساط اللعبة.
ويستطرد: بعض الناس تعتبر عدم التخلى عن تمثيل منتخب مصر سذاجة، لمجرد عدم وجود عائد مادى من ورائه، وإذا أردت أن ألعب باسم أى دولة فالأمر فى غاية اليسر بدون أى عروض، وتحقيقه لا يتطلب سوى اختيار الدولة التى أريدها، لكن ببساطة أنا سعيد باللعب باسم مصر، ولم أشعر أبدًا بأى رغبة فى تغيير هذا الأمر.
