«جنود المنسى».. تحية عسكرية وبكاء على قبر الشهيد
بزاوية إنسانية مختلفة، تحدثت افتتاحية مجلة “روز اليوسف”، فى عددها الصادر اليوم السبت، عن الشخصية المصرية وسر قوة المصريين، عبر قصة لأحد جنود القوات المسلحة.
وكشفت المجلة النقاب عن قصة لأحد جنود الشهيد أحمد منسى، تظهر مدى تماسك رجال الجيش المصرى، وارتباطهم بقاداتهم.
وقالت الحكاية التى انفردت بها “المجلة”..
إن لم تكن من أهل مصر “المحروسة” وأرهقك عناء البحث عن سر تلك الشخصية المصرية “الجبارة”، فالإجابة ستأتيك عبر السطور التالية.. ستعرف: لماذا لا ينكسر أهلها فى الأزمات؟ ولماذا ينتفضون يدا واحدة كلما ألم بهم خطب أو مصيبة؟ ستدرك، على وجه اليقين، ما لم تستطع عليه صبرا، أو تحط به خبرا، ستدرك أن الروح المصرية أبقى وأعز من أن تهزم فى أى وقت من الأوقات.. روح عصية على “الملمات”.. فإن سألوك يوما عن مصر، فحدثهم عن أن أهلها فى رباط وثبات.
فقبل أيام قليلة.. كان أحد ضباط القوات المسلحة ينتقل بسيارته إلى جوار سكنه بمدينة العاشر من رمضان، لاحظ الضابط جنديا يرتدى زى القوات الخاصة يترجل حول محلات المنطقة.. كان الجندى يسأل عن منزل لا يعرف له عنوانا!
استوقف الضابط، الجندى وأظهر له الكارنيه العسكرى حتى يطمئن.. سأله الضابط ماذا تفعل هنا؟ فتنقلك بالزى العسكرى “الأفرول” هكذا ليس سليما.. إلا أن إجابة الجندى، الذى احتبست الدموع فى عينيه، أصابت الضابط بالذهول.
قال الجندى: “بسأل عن منزل الشهيد عقيد أحمد منسى، كان قائد كتيبتى، وماحضرتش جنازته، علشان كنت فى الوحدة، ودى أول إجازة أنزلها بعد استشهاده، وتابع: “عاوز أعزى أسرته يا فندم.. وما اعرفش أى حاجة غير إنه ساكن فى العاشر”.
سأله الضابط: اسمك ايه؟
فقال: جندى مقاتل: خفاجى يا فندم.
فسأله الضابط مجددا: “إنت منين يا خفاجى؟
فقال: من المنيا يا فندم
احتبست الدموع أيضا فى مقلتى الضابط، وقال للجندى “خفاجى” لن أتركك إلا وأنت تؤدى واجب العزاء فى قائدك.. تكفل الضابط بتأمين معلومات الوصول إلى منزل أسرة الشهيد.. ثم تحرك الاثنان بالسيارة.
وعندما ضغط الضابط على الجرس: نظر حمزة “نجل الشهيد” من بلكونة المنزل.. ففوجئ الضابط بـ”خفاجى” يؤدى التحية العسكرية لنجل الشهيد، طالبا نزوله لتعزيته.
وبعد أداء العزاء.. طلب خفاجى زيارة قبر الشهيد.. فذهبوا جمعيا إلى هناك.. وأمام ضريح أحمد منسى، وقف خفاجى ليؤدى “بثباب شديد” التحية العسكرية لقائده، قبل أن ينهار ويجهش فى البكاء بصوت مرتفع.
انفجرت –أيضا- فى تالك اللحظة دموع الضابط، الذى رافق خفاجى، ودموع عدد ممن كانوا فى المقابر وقتها. ظل خفاجى يدعو لقائده، ويقرأ القرآن لفترة طويلة، لكن لم تتوقف دموعه –فى أى لحظة من اللحظاتت- حتى أوصله الضابط إلى محطة الأوتوبيس.. إنها مصر لو تعلمون.. وهؤلاء أهلها لو تدركون.