«السوشيال ميديا».. وزارة الثقافة البديلة
مرت، هذا الأسبوع، ذكرى اثنين من كبار الكتاب المصريين والعرب، وهما نجيب محفوظ المولود فى 11 ديسمبر لعام 1911، ويحيى حقى المتوفى فى 9 ديسمبر 1992، مرت ذكراهما هادئة تمامًا دون أن تذكر وزارة الثقافة أيًا منهما ولو بندوة كالعشرات التى تقام كل أسبوع.
والمسألة لا تتعلق خصيصًا بمحفوظ أو حقى، ولكنها مسألة عامة تعبر عن سوء تقدير لكتابنا الذين، بمجرد رحيلهم، يغيبون تمامًا عن أى مشهد رسمى، وتتجاهلهم وزارة الثقافة بشكل غريب مهما كانت قيمتهم.
وربما كان المثال الأقرب والأكثر إيلامًا هو ما حدث فى الذكرى الأولى لرحيل عبد الرحمن الأبنودى، حيث قدم المجلس الأعلى للثقافة احتفالية باهتة لا روح فيها، وتقريبًا لم يحضر أحد ممن كانوا يتحلقون حول الأبنودى، ويقطعون الطريق إليه فى الإسماعيلية، غير أن وفاته غيرت كل شىء، وحدها مواقع التواصل الاجتماعى هى من التفتت لذكرى رحيل أو ميلاد، واحتفت على طريقتها الخاصة بالراحلين.
تحولت مواقع التواصل الاجتماعى، وفيسبوك على وجه الخصوص، إلى وزارة ثقافة بديلة، تطلق الفعاليات وتستحضر أهم المحطات فى حياة هذا الأديب أو ذاك، عبر نشر صور، أو استعادة فيديوهات من الذاكرة لتنقل صورة حية ومعبرة عن حياته عندما مر من هنا يومًا ما.
الحفاوة التى تبدو على رواد السوشيال ميديا وهم يتفاعلون مع هذه الأحداث تؤكد على أنهم جاهزين للاحتفال، لا تنقصهم الكلمات، وإن دعتهم الوزارة لاحتفالية كبرى لإحياء ذكرى رحيل أو ميلاد أحدهم سيلبون الدعوة بأعداد كبيرة، ولكنهم لا يجدون ذلك، فتحولت منصات التواصل الاجتماعى بهم إلى فضاءات بديلة.
وإذا كان هناك من يرى أن من عيوب السوشيال ميديا أنها ليست إلا واقع افتراضى وعالم موازٍ يساعد على المدى البعيد على الانعزالية ويجعل العلاقات أكثر برودة، فإن هذا العالم الافتراضى يعتبر بديلًا مناسبًا جدًا للواقع عندما يكون أكثر انعزالية، أو أكثر ابتعادًا عن حياة من يعيشون فيه، عن تفاصيلهم وما يشغلهم.