د.أمانى ألبرت…. تكتب الشيزوفرينيا الافتراضية

ابتكر كثير من مستخدمى فيسبوك أسماء وهمية وأسماء شخصيات اعتبارية لا تمت لواقعهم بصلة، ربما هى موجودة فقط فى عالم أحلام يقظتهم. ولما تخفوا وراء هذه الأسماء لم يعودوا يخافوا شىء، فلا شيء يخجلهم فمهما قالوا لا أحد يعرفهم، فتجدهم يتحدثون ضد القيم بوجه مكشوف، يناطحون ضد الصواب بجرأة، يتنطعون بهجوم لاذع على الآخرين، يشتمون يسبون بألفاظ بذيئة، يتهمون الآخرين وسط ضوضاء أخلاقية أصابت مشاهديها بدوار يشبه رائحة انفجار ماسورة مجارى.
وما المشكلة، فعبر هذا الفضاء الافتراضى الفسيح لا يوجد رقيب، ولا أحد يعرفهم فلا مشكلة من إظهار فجاجتهم دون مساحيق تجميل. ربما فى العالم الواقعى هم يتمسحون فى القيم والمبادئ ولكنهم فى العالم الافتراضى يمارسون الانحراف كيفما شاءوا، يمارسون الشيزوفرينيا الافتراضية فيسترون عيوبهم أمام الناس ولكن فى الفضاء الواسع ينساقون وراء فجاجتهم.
ما يذكرنى بفيلم “دكتور جيكل والسيد هايد” المقتبس عن رواية اسكتلندية للمؤلف روبرت لويس والذى يدور حول شخص له طبيعة مزدوجة، طيب جدا ولكنه فى نفس الوقت شرير بشكل مذهل، فقد كان يشرب مصل دم يحوله إلى شخص شرير فيقتل وينغمس فى الملذات، وشيئاً فشيئاً أصبح يتحول لا إراديًا، فلم يعد هناك إمكانية للسيطرة على عملية التحول.
وللأسف، جزء من هذه الشيزوفرينيا الافتراضية، ما نراه من هجوم على بعض أبناء الفنانين، فهؤلاء ربما فى الواقع لا يمتلكون الجرأة للتعبير عن آرائهم، ولكنهم فى العالم الموازى يصبحوا ذوى رأى فيتنمرون ويسبون وكأنها نفس عملية التحول اللاإرادى من الطيب إلى الشرير، متجاوزين حدود اللياقة والآدب بالسباب والشتائم.
تناقض عجيب رغم المسافات الكبيرة بين عالم الواقع والفضاء الإليكترونى الافتراضى، وحله الأمثل هو عدم التعامل مع ذوى الأسماء الحركية فربما يتخفون ورائها بفجاجة أو حتى عدم التعامل مع ذوى الأسماء المعلومة ولكنهم يمارسون الشيزوفرينيا الافتراضية!