زلزال عربى ضد قطر.. محطات «تأديب الدوحة»
جاء قرار قطع العلاقات الدبلوماسية مع قطر، اليوم الإثنين، بعد فاصل من مراحل التأزم فى العلاقات بين عدة دول عربية وبين نظام الدوحة، تتابعت حلقاتها سريعا فى الفترة الأخيرة.
ولطالما دعت عواصم خليجية وعربية السلطات القطرية إلى التوقف عن سياستها التى تزعزع أمن واستقرار المنطقة، والتلاعب والتهرب من الالتزامات والاتفاقيات ولكن دون جدوى.
لكن الأمر بلغ أبعادا جديدة بعد كلمة للشيخ تميم بن حمد أمير قطر، بثتها وسائل الإعلام القطرية، فى 24 من شهر مايو الماضي، لخصت الخطوط العامة للسياسة القطرية، التى لا تتسق وكونها عضوا فى مجلس التعاون الخليجى وملتزمه بالخط العام لسياساته.
زلزال خليجى
أعلنت 6 دول، هى السعودية والإمارات والبحرين ومصر واليمن وليبيا، فجر اليوم، قطع علاقاتها الدبلوماسية بقطر، وأخذت قرارات متفرقة بشأن سفر المواطنين، والمجالات الجوية والبحرية الطائرات والبواخر القطرية.
أبرز القرارات
1- قطع العلاقات مع قطر بما فيها العلاقات الدبلوماسية وإمهال البعثة الدبلوماسية القطرية 48 ساعة لمغادرة البلاد.
2- منع دخول أو عبور المواطنين القطريين إلى الدول المقاطعة، وتمهل المقيمين والزائرين منهم مدة 14 يوماً للمغادرة، وذلك لأسباب أمنية واحترازية.
3- إغلاق كافة المنافذ البحرية والجوية خلال 24 ساعة أمام الحركة القادمة والمغادرة إلى قطر ومنع العبور لوسائل النقل القطرية كافة القادمة والمغادرة واتخاذ الإجراءات القانونية والتفاهم مع الدول الصديقة والشركات الدولية بخصوص عبورهم بالأجواء والمياه الإقليمية الإماراتية من وإلى قطر.
ولهذه القرارات أسباب عدة مرتبطة بمواقف وتصرفات الدوحة، من دعمها لجماعات متطرفة عدة، من الإخوان إلى الحوثيين، مروراً بالقاعدة وداعش، وتأييدها لإيران فى مواجهة دول الخليج، بالإضافة لعملها على زعزعة أمن هذه الدول وتحريض بعض المواطنين على حكوماتهم.
انتهت المهلة
وأوضحت السعودية فى بيان أصدرته اليوم أن قراراتها بقطع العلاقات وإغلاق المنافذ أمام قطر، يعود “لأسباب تتعلق بالأمن الوطنى السعودى”، بهدف حماية أمنها الوطنى “من مخاطر الإرهاب والتطرف”.
ويأتى قرار الرياض الحاسم هذا نتيجة للانتهاكات الجسيمة التى تمارسها السلطات فى الدوحة، سرا وعلنا، طوال السنوات الماضية، بهدف شق الصف الداخلى السعودى، والتحريض للخروج على الدولة، والمساس بسيادتها، واحتضان جماعات إرهابية وطائفية متعددة تستهدف ضرب الاستقرار فى المنطقة، ومنها جماعة الإخوان المسلمين وداعش والقاعدة، والترويج لأدبيات ومخططات هذه الجماعات عبر وسائل إعلامها بشكل دائم، ودعم نشاطات الجماعات الإرهابية المدعومة من إيران فى محافظة القطيف من المملكة العربية السعودية، وفى مملكة البحرين الشقيقة وتمويل وتبنى وإيواء المتطرفين، الذين يسعون لضرب استقرار ووحدة الوطن فى الداخل والخارج، واستخدام وسائل الإعلام التى تسعى إلى تأجيج الفتنة داخليا، كما اتضح للمملكة العربية السعودية الدعم والمساندة من قبل السلطات فى الدوحة لميليشيا الحوثى الانقلابية، حتى بعد إعلان تحالف دعم الشرعية فى اليمن.
وأوضحت السعودية أن قطر “دأبت على نكث التزاماتها الدولية، وخرق الاتفاقيات التى وقعتها تحت مظلة دول مجلس التعاون لدول الخليج العربية بالتوقف عن الأعمال العدائية ضد المملكة، والوقوف ضد الجماعات والنشاطات الإرهابية، وكان آخر ذلك عدم تنفيذها لاتفاق الرياض”.
وشددت السعودية على أنها “صبرت طويلا رغم استمرار السلطات فى الدوحة على التملص من التزاماتها، والتآمر عليها، حرصاً منها على الشعب القطرى الذى هو امتداد طبيعى وأصيل لإخوانه فى المملكة”.
إسقاط النظام
وعللت البحرين قرارها بقطع العلاقات مع قطر بإصرار الدوحة “على المضى فى زعزعة الأمن والاستقرار فى مملكة البحرين والتدخل فى شؤونها والاستمرار فى التصعيد والتحريض الإعلامى، ودعم الأنشطة الإرهابية المسلحة وتمويل الجماعات المرتبطة بإيران للقيام بالتخريب ونشر الفوضى فى البحرين، فى انتهاك صارخ لكل الاتفاقيات والمواثيق ومبادئ القانون الدولى، من دون أدنى مراعاة لقيم أو قانون أو أخلاق أو اعتبار لمبادئ حسن الجوار أو التزام بثوابت العلاقات الخليجية والتنكر لجميع التعهدات السابقة”.
وشددت المنامة على أن القرارات تأتى “حفاظا على أمنها الوطنى”، مضيفة أن “الممارسات القطرية الخطيرة لم يقتصر شرها على مملكة البحرين فقط.. إنما تعدته إلى دول شقيقة، أحيطت علما بهذه الممارسات التى تجسد نمطا شديد الخطورة لا يمكن الصمت عليه أو القبول به، وإنما يستوجب ضرورة التصدى له بكل قوة وحزم”.
وختمت مذكرة بأن حكومة الدوحة تستمر “فى دعم الإرهاب على جميع المستويات والعمل على إسقاط النظام الشرعى فى البحرين”.
خطر شديد
بدورها، أكدت الإمارات أن قراراتها جاءت “بناء على استمرار السلطات القطرية فى سياستها التى تزعزع أمن واستقرار المنطقة والتلاعب والتهرب من الالتزامات والاتفاقيات، فقد تقرر اتخاذ الإجراءات الضرورية لما فيه مصلحة دول مجلس التعاون الخليجى عامة والشعب القطرى الشقيق خاصة”.
وشددت الإمارات على “التزامها التام ودعمها الكامل لمنظومة مجلس التعاون الخليجى والمحافظة على أمن واستقرار الدول الأعضاء”، وتأييدها لقرارات السعودية والبحرين المماثلة.
وذكرت أبوظبى أنها “تتخذ هذا الإجراء الحاسم نتيجة لعدم التزام السلطات القطرية باتفاق الرياض لإعادة السفراء والاتفاق التكميلى له عام 2014 ومواصلة دعمها وتمويلها واحتضانها للتنظيمات الإرهابية والمتطرفة والطائفية، وعلى رأسها جماعة الإخوان المسلمين وعملها المستمر على نشر وترويج فكر تنظيم داعش والقاعدة عبر وسائل إعلامها المباشر وغير المباشر، وكذلك نقضها البيان الصادر عن القمة العربية الإسلامية الأمريكية بالرياض تاريخ 21-5-2017 لمكافحة الإرهاب الذى اعتبر إيران الدولة الراعية للإرهاب فى المنطقة إلى جانب إيواء قطر للمتطرفين والمطلوبين أمنياً على ساحتها وتدخلها فى الشؤون الداخلية لدولة الإمارات وغيرها من الدول، مما سيدفع بالمنطقة إلى مرحلة جديدة لا يمكن التنبؤ بعواقبها وتبعاتها”.
إيواء الإخوان
وأعلنت مصر أن قرار قطع العلاقات يأتى “فى ظل إصرار الحكم القطرى على اتخاذ مسلك معاد لمصر، وفشل كافة المحاولات لإثنائه عن دعم التنظيمات الإرهابية، وعلى رأسها تنظيم الإخوان الإرهابى، وإيواء قياداته الصادر بحقهم أحكام قضائية فى عمليات إرهابية، استهدفت أمن وسلامة مصر، بالإضافة إلى ترويج فكر تنظيم القاعدة وداعش ودعم العمليات الإرهابية فى سيناء، فضلاً عن إصرار قطر على التدخل فى الشؤون الداخلية لمصر ودول المنطقة بصورة تهدد الأمن القومى العربى، وتعزز من بذور الفتنة والانقسام داخل المجتمعات العربية وفق مخطط مدروس، يستهدف وحدة الأمة العربية ومصالحها”.
خلية تجسس
أعلنت الحكومة اليمنية قطع علاقاتها الدبلوماسية مع قطر، متهمة الدوحة بدعم الحوثيين فى البلاد، وأعلنت فى بيان صادر عنها، أن الحكومة بقيادة الرئيس عبد ربه منصور هادى، أصدرت قرارا بإنهاء مشاركة القوات القطرية فى التحالف العربى لدعم الشرعية فى اليمن.
كشفت مصادر يمنية مطلعة، مفاجأة مدوية بشأن اكتشاف خلية تجسس مشتركة بين قطر وإيران فى مكتب الرئيس اليمنى عبدربه منصور هادى.
وبحسب ما ذكرته صحيفة الاتحاد الإماراتية، فإن الخلية زرعت من قبل قيادات موالية لحزب الإصلاح “الإخوان” فى اليمن، وكانت مهمتها رصد اتصالات الرئيس هادى من خلال تسجيل مكالماته الهاتفية، علاوة على نسخ وتسريب الوثائق الخاصة بالرئاسة لجهات فى الدوحة، التى توصل بدورها ما يجرى فى الرئاسة اليمنية إلى استخبارات إيرانية.
تضامن ليبيا
أعلنت ليبيا، اليوم الإثنين، قطع علاقاتها مع دولة قطر، وقال وزير الخارجية فى الحكومة المؤقتة، المنبثقة شرعيا عن مجلس النواب، محمد الدايرى، إن بلاده قررت قطع علاقاتها مع دولة قطر تضامنا مع الأشقاء فى مملكة البحرين والمملكة العربية السعودية ودولة الإمارات العربية المتحدة وجمهورية مصر العربية.
وأضاف الوزير: “سجل قطر فى اعتداءاتها المتكررة والعديدة على كرامة الشعب الليبى بعد ثورة 17 فبراير لطالما أغضب قطاعات عريضة من الشعب الليبى”.
تضامن آسيوى
أعلنت جزر المالديف، والتى تقع فى المحيط الهندى فى قارة آسيا، وكل سكانها مسلمون، اليوم الإثنين، قطع علاقاتها الدبلوماسية مع قطر، وذلك بعد اتخاذ كل من السعودية والإمارات والبحرين ومصر واليمن وحكومة شرق ليبيا قرارات مماثلة.
بداية تفاقم الأزمة
تفاقمت مع نشر كلمة الأمير القطرى، تميم بن حمد، على وكالة الأنباء الرسمية والتلفزيون الرسمى، وأبرز ما فيها:
1- قاعدة العديد الأمريكية سبب فى حماية بلاده “من أطماع بعض الدول المجاورة”، مؤكدا أنها “الفرصة الوحيدة لأمريكا لامتلاك النفوذ العسكرى بالمنطقة”.
2- لدى قطر تواصل مستمر مع إسرائيل، مشيرا إلى أن التوتر مع الولايات المتحدة لن يستمر “بسبب التحقيقات العدلية تجاه مخالفات وتجاوزات الرئيس الأمريكى”.
3- “إيران تمثل ثقلا إقليميا وإسلاميا لا يمكن تجاهله”، وبلاده تحتفظ بعلاقات قوية مع الولايات المتحدة وإيران فى وقت واحد، كما وصف تميم ميليشيات حزب الله اللبنانية بأنها حركة مقاومة.
4- ليس من المصلحة التصعيد مع إيران، خاصة أنها قوة كبرى تضمن الاستقرار فى المنطقة.
وفى اليوم التالى لهذه التصريحات أعلنت قطر أن موقع وكالة الأنباء تم اختراقه وليس هناك تصريحات للأمير.
وبعد أيام قليلة من كلمة الأمير، بثت وسائل الإعلام الإيرانية تفاصيل مكالمة بين أمير قطر والرئيس الإيرانى، تضمنت التزاما بتعزيز العلاقات بين البلدين وتقويتها “رغم العقبات”.
ونشرت قناة “الجزيرة” كاريكاتيرا مسيئا للعاهل السعودى الملك سلمان لتعود وتسحبه، وفى اليوم التالى نشر موقع “ميدل إيست آى” باللغة الإنجليزية، المملوك لقطر، ويصدر من لندن، كاريكاتيرا أكثر إساءة للعاهل السعودى، وفقا لما ذكرته شبكة “سكاى نيوز”.
ولم تصدر أى بادرة عن قطر تشير إلى احتمال فك الارتباط بينها وبين التنظيمات والجماعات المتطرفة والإرهابية التى تدعمها ماليا وسياسيا، بل وتوفر لها غطاء قانونيا بإيواء قياداتها فى قطر.
انتهت المهلة ونفد الصبر.. وفى صباح اليوم 5 يونيو أعلنت البحرين والسعودية ومصر والإمارات واليمن وليبيا واليمن قطع العلاقات مع قطر وإغلاق كافة الحدود معها.