ننشر ..كلمةد.ابتهاج عبد القادر الكمال وزير الشئون الاجتماعية والعمل في الجمهورية اليمنية امام الدورة 46 لمؤتمر العمل العربي

معالي الاخوة الوزراء
الأستاذ فائز المطيري مدير عام منظمة العمل العربية
الحاضرون جميعا
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
يسرني في البدء ان انقل اليكم تحيات فخامة الأخ رئيس الجمهورية عبدربه منصور هادي، كما اعبر عن الشكر والتقدير لفخامة الرئيس عبد الفتاح السيسي لرعايته الكريمة للدورة (46) لمؤتمر العمل العربي والشكر والتقدير أيضا″ لمنظمة العمل العربية لجهودها في عقد هذه الدورة في جمهورية مصر العربية.
لاشك ان جدول اعمال المؤتمر يتضمن موضوعات في غاية الاهمية وفي مقدمتها تقرير المدير العام حول علاقات العمل ومتطلبات التنمية المستدامة.
ان اختيار هذا الموضوع يعكس مدى اهتمام المنظمة بواحدة من اهم القضايا التي يتطلب التركيز عليها في ظل ما يشهده عالمنا من متغيرات وتطورات متسارعة.
ونعبر عن اتفاقنا التام مع ما تضمنه تقرير المدير العام من افكار حول علاقات العمل ومتطلبات التنمية المستدامة. ان تحقيق التنمية المستدامة بأبعادها الاقتصادية والاجتماعية يتطلب تطوير لتشريعات العمل تتوافق مع معايير العمل الدولية وتنمية للمهارات بشكل تستجيب لاحتياجات سوق العمل المتغيرة وحوار ثلاثي فاعل بين أطراف العمل الثلاثة لضمان استدامة الوظائف.
ولم يعد بالإمكان تحقيق النمو الاقتصادي ونمو العمالة والحد من الفقر دون الاخذ بعين الاعتبار تطوير علاقات العمل حيث ترتبط بدورها باستدامة العمالة القائمة والمستقبلية ونوعيتها.
تستند التنمية المستدامة الى علاقات متبادلة التعزيز بين النمو الاقتصادي ونمو العمالة. فالتنمية المستدامة تشمل من منظور عالم العمل حجم العمالة ونوعية بيئة العمل، ولا یمكن إحراز الهدف المحوري لبرنامج العمالة العالمي المتمثل في تعزیز حجم العمالة ونوعيتها بشكل مستدام إلا من خلال إدماج احتياجات الأجيال الحالية والمستقبلية في سياسات الاقتصاد الكلية.
وقد عملت الحكومة على اعداد مشروع قانون للعمل بالتعاون مع أصحاب والعمال ومنظمة العمل الدولية يتوافق مع معايير العمل الدولية ويستجيب لمتطلبات التنمية المستدامة.
وفيما يتعلق بتعزيز دور الاقتصاد الأزرق لدعم فرص التشغيل، فان الاقتصاد الأزرق يلعب دورا مهما في تعزيز النمو الاقتصادي ونمو العمالة حيث يمتلك اليمن شريطا ساحليا بطول 2500 كم و 11 ميناء مجهزة لاستقبال السفن والبضائع وتقديم الخدمات وموارد بحرية متنوعة وميزات سياحية بحرية جاذبة للسياحة وتعتبر من القطاعات الواعدة لتعزيز النمو الاقتصادي وخلق فرص عمل واسعة لتشغيل الايدي العاملة وقد وضعت الحكومة سياسات قبل اندلاع الحرب لتعزيز القطاع البحري وقطاع النقل لتساهم في تعزيز الاقتصاد الوطني ونمو العمالة ومعالجة مشكلة البطالة. لهذا نتفق مع تقرير منظمة العمل العربية على أهمية التركيز على تعزيز دور الاقتصاد الأزرق لدعم فرص التشغيل في البلدان العربية. فضلا عن تعزيز التعاون والتنسيق بين بلداننا العربية وبين اطراف الإنتاج الثلاثة في هذا المجال فالتحديات التنموية التي تواجه المنطقة العربية على صعيد البطالة وخلق فرص عمل ليست بمعزل عن القضايا السياسية ويتطلب ذلك جهودا مكثفة لمواجهة هذه التحديات لصون الأمن والاستقرار في البلدان العربية.
حضرات السيدات والسادة
ينعقد هذا المؤتمر في ظل ظروف صعبة لازالت تواجه اليمن واليمنيين بسبب انقلاب الحوثيين والاستيلاء على السلطة. فقد ادى الانقلاب واستمرار الحرب الى انعكاسات سلبية على التنمية وسوق العمل حيث تراجع النمو الاقتصادي وتعطلت الانشطة الاقتصادية ودمرت البنية التحتية، وبالمحصلة النهائية تزايدت معاناة الفقراء وارتفعت معدلات الفقر والهشاشة لتصل الى 85% في عام 2018 وأصبح أكثر من 20 مليون شخص يحتاجون للمساعدات الانسانية منهم 10 مليون طفل.
وبالرغم من صعوبة الأوضاع الاقتصادية وبفضل الجهود المتواصلة التي تبذلها الحكومة وبدعم من التحالف العربي لتحسين معدل النمو الاقتصادي يشهد هذا العام استقرارا نسبيا في الأوضاع الاقتصادية واستقرارا في أسعار الصرف للعملات الأجنبية مقابل الريال بعد ان شهد تدهورا غير مسبوقا.
ولتحسين الأوضاع المعيشية لموظفي الدولة أصدرت الحكومة قرارا بزيادة المرتبات بنسبة 30% لكافة موظفي الجهاز الحكومي والعسكري والمتقاعدين ساهمت هذه الخطوة في تحسين أوضاع الموظفين لمواجهة التزايد المستمر في تكاليف المعيشة بسبب استمرار الحرب في اليمن وتفاقم تداعياتها على فئات سكانية واسعة.
وفي هذا السياق اقرت الحكومة موازنة عام 2019 مع استئناف تصدير النفط وتحسين الموارد المالية مما سيؤدي استمرار صرف مرتبات موظفي الدولة في معظم المحافظات المحررة وغير المحررة بالرغم من سيطرة الانقلابيين على الموارد وعدم توريدها الى البنك المركزي.
كما تقوم الحكومة بالتعاون مع البنك الدولي ومنظمة اليونيسيف وشركاء محليين بتوزيع المساعدات النقدية لنحو1,500,000 شخص في اطار صندوق الرعاية الاجتماعية.
وبالرغم من حرص الحكومة على معالجة اشكالية البطالة المتفاقمة والمتراكمة منذ سنوات بسبب تردي الاوضاع الاقتصادية والفقر تعطلت كل جهود الحكومة مع انسحاب المانحين واعادة ترتيب اولوياتهم والتركيز باتجاه المساعدات الانسانية. ولا زالت الحكومة تبذل جهودا كبيرة مع المانحين لإعادة استئناف تنفيذ المشاريع التنموية الى جانب المساعدات الإنسانية بهدف تنشيط الاقتصاد وسوق العمل وخلق فرص عمل وتحسين سبل العيش الكريم.
وقد تمكنت الحكومة من تنفيذ مشروع تعزيز الصمود الريفي بالتعاون مع منظمة العمل الدولية في اربع محافظات لحج ، الحديدة ، ابين ، حجة وبلغ عدد المستفيدين اكثر من 8 الف شخص لكن هذه البرامج تظل محدودة الأثر وغير كافية لامتصاص البطالة.
وازاء تفاقم اوضاع سوق العمل في اليمن وتراجع الاستثمارات الخاصة والحكومية وارتفاع معدلات البطالة اجدها مناسبة لدعوة منظمة العمل الدولية والمانحين لتوسيع تدخلاتهم في مجال التشغيل والعمل اللائق وتفعيل خطة تشغيل الشباب كأولوية قصوى في ظل الظروف الصعبة التي تواجه التنمية بشكل عام وسوق العمل بشكل خاص، فلا يمكن السيطرة على البطالة والحد من الارهاب دون توفير فرص كافية لتشغيل الشباب بالإضافة الى برامج لخلق فرص عمل وتحسين الأوضاع المعيشية للنازحين واللاجئين في المخيمات.
من جانب اخر امتدت انعكاسات الصراع على عمالة الاطفال بما ذلك تجنديهم واستخدامهم في النزاعات المسلحة حيث تشير البيانات بأن حجم الاطفال العاملين بلغ نحو 1.5 مليون طفل قبل الازمة وادى تردي الاوضاع الاقتصادية وفقدان مصادر الدخل لدى الكثير من الاسر الى تسرب حوالي 2 مليون طفل حسب منظمة اليونيسف للالتحاق بسوق العمل ، ويتوقع ان تأثيرات الازمة قد ادت الى اتساع حجم عمالة الاطفال في سوق العمل وان تكون قد سجلت ارقما″ جديدة وهذا يعني ان ما بين مليون الى ثلاثة مليون طفل اصبحوا خارج نطاق الحماية الاجتماعية ويتعرضون لمخاطر صحية واجتماعية واشكال متعددة من الاستغلال خاصة ان تزايد حجمها ودوافعها مرتبط بارتفاع معدلات الفقر والنقص في التعليم الذي تعاني منه معظم المناطق المتأثرة بالصراع ، لهذا لابد من برامج لتوسيع نطاق الحماية لتشمل عمالة الاطفال.
وفي هذا السياق تسعى الحكومة بالتعاون مع المكتب الاقليمي لمنظمة العمل الدولية – بيروت الى تنفيذ برنامج لمدة عامين لمنع تجنيد الأطفال دون سن الثامنة عشر في النزاعات المسلحة واعادة ادماجهم في المجتمع والحيلولة دون اعادة تجنيدهم، والتي برزت كظاهرة في ظل الصراع القائم وتعد واحدة من الانتهاكات الجسيمة التي تطال هذه الفئة العمرية من الاطفال وتشكل تحديا″ للحكومة لمدى التزامها بالاتفاقيات التي وقعتها دوليا″ لضمان حماية الطفولة. كما تقوم الحكومة بتنفيذ خطة لمنع تجنيد الأطفال بالتعاون مع منظمة اليونيسف تحرز الخطة تقدما ملموسا.
وفي إطار تعزيز العمل اللائق حرصت الحكومة على تفعيل الحوار الثلاثي بين أطراف الانتاج الثلاثة لمعالجة قضايا العمل والعمال خلال فترة الصراع وما بعد الصراع باعتباره آلية ناجحة لضمان تنفيذ تشريعات العمل وضمان مصالح وحقوق أطراف الانتاج الثلاثة وما يلزم من سياسات وبرامج لمواجهة تحديات سوق العمل.
وتنفيذا لقرار الحكومة بنقل العاصمة مؤقتا الى عدن فقد حرصت الحكومة على تعزيز البنية المؤسسية لوزارة الشئون الاجتماعية والعمل والصناديق التابعة لها للقيام بتنفيذ مهامها والتركيز على القضايا التي تستهدف معالجة تداعيات الحرب من خلال تفعيل العلاقة مع المانحين وتوفير برامج الحماية الاجتماعية وتحسين خدمات مراكز الاحداث والمعاقين والمسنين وخدمات رعية الاطفال الايتام غير المحميين اسريا ، كما اعطت الحكومة الاولوية للبرامج الهادفة الى تحسن الدخل والتخفيف من البطالة وتعزيز الصمود الريفي من خلال برنامج النقد مقابل العمل.
ختاما″، لا يسعني في مقامي هذا الا ان اعبر عن الشكر والتقدير لمنظمة العمل العربية لجهودها في تنظيم انعقاد هذه الدورة، والشكر والتقدير لجمهورية مصر العربية لاستضافة انعقادها مع تمنياتي بان تساهم النتائج التي توصلت اليها في تحقيق تطلعات شعوبنا في الرقي والازدهار.
شاكرة لكم حسن استماعكم والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته