نص كلمة الرئيس أمام الاجتماع السنوى لدول مجموعة الـ77

كد الرئيس عبدالفتاح السيسى، أن مبادئ السياسة الخارجية المصرية تشمل تعزيز التعاون بين دول الجنوب، بهدف جعل النظام الدولى أكثر إنصافًا وعدالة.
جاء ذلك، فى كلمة السيسى أمام الاجتماع السنوى الـ42 لوزراء خارجية دول مجموعة الـ77، الذى يعقد فى نيويورك.
وأكد أن أولوية القضاء على الفقر بمثابة الهدف الأسمى الذى تتجه إليه الجهود المشتركة من أجل رفعة شأن الإنسان، والعبور بمواطنينا لتخطى منزلق الحاجة إلى آفاق التنمية المستدامة القائمة على المساواة.
وفيما يلى نص كلمة الرئيس:
“السيد الرئيس محمود عباس، رئيس دولة فلسطين،
السيدة ماريا اسبينوزا، رئيسة الجمعية العامة،
السيد أنطونيو جوتيريش، سكرتير عام الأمم المتحدة،
السيدات والسادة الوزراء ورؤساء الوفود،
بداية أود أن أرحب بكم فى هذا الاجتماع رفيع المستوى لمجموعة الـ77 التى تشرف مصر برئاستها هذا العام، وللمرة الثالثة فى تاريخ المجموعة.. وبينما اضطلعت مصر بدور ريادى لتأسيس هذه المجموعة فى منتصف عقد الستينيات من القرن الماضى، ما زالت بعد نصف قرن من الزمان فى طليعة الداعمين للحركة.
فمبادئ السياسة الخارجية المصرية تشمل تعزيز التعاون فيما بين دول الجنوب بهدف جعل النظام الدولى أكثر إنصافًا وعدالة، وأن تظل أولوية القضاء على الفقر بمثابة الهدف الأسمى الذى تتجه إليه جهودنا المشتركة من أجل رفعة شأن الإنسان والعبور بمواطنينا لتخطى منزلق العوز والحاجة إلى آفاق التنمية المستدامة القائمة على المساواة.
الحضور الكريم،
إن التحولات السياسية والاقتصادية والتقنية ذات الوتيرة المتسارعة وتأثيرها على مختلف مناح الحياة تمثل منعطفًا مفصليًا ستكون لتبعاته أثار ستغير من نمط الحياة فى عالمنا المعاصر، وعلى دولنا وشعوبنا التى تمثل 80% من سكان هذا العالم، وأحد أهم أوجه هذه التحولات هى “التكنولوجيا البازغة”، وأثرها على فرص العمل.
فى هذا السياق، نلاحظ جميعًا ما أتاحه الانترنت والهاتف المحمول من مجال للتواصل ونمو التجارة، وما ترتب عليهما من نشأة خدمات وفرص عمل جديدة، ولكننا نعى جميعًا أن النفاذ لتلك التقنيات، التى أضحت أساسية، ليس متساويًا، فضلًا عن أن النفاذ للتقنيات البازغة مثل الذكاء الاصطناعى والنانو والبيوتكنولوجى يُعد أكثر صعوبة، وهو ما يطرح بضرورة التعامل مع الفجوة التكنولوجية القائمة بين الشمال والجنوب من جهة، وداخل الدولة الواحدة من جهة أخرى.
السيدات والسادة،
تأتى أثار التكنولوجيا البازغة على تشغيل الشباب والقدرات الإنتاجية كأحد أهم التحديات أمام الدول النامية، إذ يمثل توفير فرص العمل للشباب فى القطاعات الإنتاجية تحديًا لغالبية الدول النامية، خصوصًا مع تنامى دور التكنولوجيا البازغة وآثرها على سوق العمل، ومن ثَم فإنه يتعين على المجموعة تحديد رؤية مشتركة إزاء تلك القضية بما يُمكن من تناولها بالمحافل الدولية المعنية بشكل يتسق مع مصالح الدول النامية، أخذًا فى الاعتبار التداعيات الاقتصادية والاجتماعية للبطالة، خصوصًا لفئة الشباب.
لذلك، أولت الرئاسة المصرية للمجموعة، خلال الفترة الماضية، اهتمامًا بموضوع التكنولوجيا البازغة، وكيفية تسخيرها لأغراض التنمية، وقد استهدف ذلك دفع المجموعة لمناقشة تلك الموضوعات والتعامل معها، فضلًا عن بحث سُبل ضمان عدم استغلال التكنولوجيا لترسيخ عدم المساواة بين الشعوب أو داخل المجتمعات، وإنما تساعد على تصحيح تلك الاختلالات، بما يعاوننا جميعًا على تحقيق التنمية المستدامة لشعوبنا.. وتأمل مصر فى أن تستمر المجموعة خلال الفترة المقبلة فى أن تولى أهمية خاصة بتلك الموضوعات.
إذًا، دعونا نتفق فى هذا الصدد على أن ننطلق من أولوياتنا وما نحتاج إليه من تنمية فى قطاعات أساسية كالصحة، والتعليم، والغذاء، والمياه والطاقة، بحيث نبحث سويًا فى كيفية تشجيع التطبيقات التكنولوجية المؤثرة على أرض الواقع فى المجلات السابق ذكرها، وينبغى أن نحرص كل الحرص على تفضيل تلك التقنيات التى توفر فرص عمل جديدة ولا تقضى على فرص قائمة.
ولاشك أن منهجًا تعاونيًا يقوم على تبادل الخبرات بين الدول النامية، وتيسير التعاون بين مراكزنا البحثية، وشركاتنا ورواد أعمالنا لمواجهة تحديات التنمية سيضمن تسخيرًا للتكنولوجيا لأغراض التنمية المستدامة، وتعزيزًا لطاقاتنا الانتاجية، وتوفيرًا لفرص العمل خصوصًا بين الشباب.
الحضور الكريم،
مثلما قدمت مجموعتنا فى السنوات الماضية إسهاماتها التى نتج عنها اعتماد الجمعية العامة للأمم المتحدة عام 2015 لخطة التنمية المستدامة 2030، بما تضمنته من أهداف وغايات طموحة وواسعة النطاق، تأكيدًا على محورية التنمية وعلى ضرورة تعزيز جهود المجتمع الدولى نحو استكمال مسيرة الأهداف الإنمائية للألفية وإنجاز ما لم يتحقق فى إطارها، فيجب أن تأخذ مجموعة الـ77 مرة أخرى بزمام المبادرة والتعاون مع الجهات الفاعلة الأخرى للبدء فى التناول المنهجى للتعامل مع قضايا التكنولوجيا البازغة فى عالم ما بعد أجندة التنمية 2030.
كما لا يفوتنى أن أشير إلى قضية تغير المناخ، وما تمثله من تحدٍ يواجه الدول النامية فى تنفيذ أجندة التنمية المستدامة، وتقوم مصر بصفتها رئيس مجموعة الـ77 بالتفاوض باسم الدول النامية خلال مؤتمر الدول الأطراف 24 لاتفاقية الأمم المتحدة الإطارية لتغير المناخ، ونبذل مساعينا من أجل دفع الجهود الدولية لتنفيذ بنود اتفاقية باريس لتغير المناخ، خصوصًا تلك المتصلة بحشد موارد التمويل اللازمة لدعم جهود الدول النامية فى مواجهة تحديات تغير المناخ، وبناء القدرات، ونقل التكنولوجيا.
وأنوه هنا إلى استضافة مصر لمؤتمر الدول الأطراف الـ14 لاتفاقية الأمم المتحدة للتنوع البيولوجى فى مدينة “شرم الشيخ”، نوفمبر المقبل، لتناول جهود تنفيذ أجندة التنمية المستدامة.
السيد والسادة،
لقد حرصنا خلال رئاستنا الحالية للمجموعة على دفع الجهود الرامية لإصلاح المنظومة التنموية للأمم المتحدة للاستجابة بشكل أكبر للمتطلبات والاحتياجات التنموية للدول الأعضاء، إلا أن جهودنا المشتركة فى العمل الجماعى الدولى نحو تنفيذ أهداف التنمية المستدامة لن تنجح سوى من خلال توفير التمويل اللازم، وتهيئة المناخ الدولى الملائم لتدفق الموارد اللازمة للتنمية، وخصوصًا الدول النامية، من خلال معالجة المشكلات الهيكلية القائمة بالمنظومة الاقتصادية والمالية والتجارية العالمية، وهو ما ينسحب بطبيعة الحال على جهود التعامل مع تحديات التكنولوجيا البازغة وأثارها المختلفة.
السادة الحضور،
أعرب مجددًا عن خالص التقدير لجهودكم من أجل نصرة مبادئ مجموعة الـ77، ودعمكم للرئاسة المصرية، وسنظل من جانبنا أوفياء للوعد وللمبادئ التى أسسناها سويًا وعملنا على تحقيقها على مدار 5 عقود منذ إنشاء المجموعة.
فى الختام أهنئكم أخى الرئيس محمود عباس على تولى فلسطين لرئاسة مجموعة الـ77 خلال العام المقبل، وأؤكد لكم أن مصر، وجميع الدول الأعضاء بالمجموعة، ستكون داعمة لكم ولرئاستكم، التى نثق فى اضطلاعكم بها بحكمة، واقتدار، ومسئولية تجاه مصالح كل الدول الأعضاء.
شكرًا”.