نقاط الخلاف والاتفاق بين كلمة السيسى و«إعلان الظهران»
بنظرة مقارنة بين كلمة الرئيس عبد الفتاح السيسى فى أعمال القمة العربية الـ 29، والإعلان الذى خرجت عنه القمة، نجد أن هناك نقاط عديدة من الاتفاق، مقابل نقطتين من الاختلاف.
الصراع العربى الفلسطينى
أما عن نقاط الاتفاق فهى الخاصة بكثير من الأزمات، أولها الأزمة الفلسطينية، حيث شدد الرئيس على حق الشعب فى العيش بسلام وأمان، منددًا بكل الانتهاكات التى يمارسها الاحتلال، مؤكدًا أن مشروع القرار الذى شاركت مصر فى إعداده، وأقرته الجمعية العامة للأمم المتحدة فى ديسمبر الماضى بأغلبية 128 دولة، يعد دليلًا جديدًا على أن الحق العربى فى القدس هو حق ثابت وأصيل غير قابل للتحريف أو المصادرة.
تأكيد الرئيس على الحل السلمى المستند إلى قرارات المؤسسات والمنظمات الأممية والدولية، هو أيضًا ما أكدته توصيات القمة والتى سميت بـ “إعلان الظهران”، والتى شددت على رفض كل الخطوات الإسرائيلية أحادية الجانب التى تهدف إلى تغيير الحقائق على الأرض وتقويض حل الدولتين، ومطالبة المجتمع الدولى بتنفيذ قرارات الشرعية الدولية، وآخرها قرار مجلس الأمن رقم 2334 عام 2016 الذى يدين الاستيطان ومصادرة الأراضى، ودعم مخرجات مؤتمر باريس للسلام فى الشرق الأوسط المنعقد بتاريخ 15/ 1/ 2017، والذى جدد التزام المجتمع الدولى بحل الدولتين سبيلًا وحيدًا لتحقيق السلام الدائم.
فيما طالب الإعلان بتنفيذ جميع قرارات مجلس الأمن المتعلقة بالقدس، والمؤكدة على بطلان كافة الإجراءات الإسرائيلية الرامية لتغيير معالم القدس الشرقية، ومصادرة هويتها العربية الحقيقية، ومطالبة دول العالم بعدم نقل سفاراتها إلى القدس أو الاعتراف بها عاصمةً لإسرائيل.
الأزمات الليبية واليمنية والعراقية
ظهر توافق واضح فى الرؤى بين مواقف القادة والزعماء العرب، وبين ما رآه السيسى فى كلمته، حيث أكد أن الحفاظ على وحدة وسلامة وعروبة ليبيا واليمن والعراق، وقطع الطريق على أية محاولة من التنظيمات الإرهابية، ورعاتها الإقليميين والدوليين، لتمزيق أوصال هذه الأوطان العربية، هى مسئولية تقع على العرب جميعًا، قائلًا: “لن نسمح بأن تظل هذه الدول الشقيقة، مسارح لصراعات دولية وإقليمية، تمزق شعوبها وتدمر مقدراتهم”.
وشدد الرئيس على أن مصر مستمرة فى دعم كل جهد، للحفاظ على وحدة ليبيا واستعادة مؤسسات الدولة فيها، مذكرًا الجميع بأن الجهود المصرية مستمرة لتوحيد المؤسسة العسكرية فى ليبيا، وخلق ضمانة أمنية تتأسس عليها عملية استعادة الدولة الوطنية فى ليبيا والقضاء على الإرهاب.
وأكد الرئيس كذلك التزام مصر بالعمل على استعادة الاستقرار، وتحقيق الحل السياسى العادل فى اليمن، الذي لا يُمكن أن يتأسس إلا على مبادئ احترام وحدة الدولة اليمنية وسيادتها، ورفض منطق الغلَبَة، ومحاولة فريق سياسى فرض طموحاته التوسعية على عموم اليمنيين بالقوة، والاستقواء بالقوى الإقليمية والأجنبية، خاتمًا كلماته فى هذا الصدد بأنه “لا مستقبل فى اليمن إلا بالحل السياسى”.
وهو كذلك ما توافق مع نص إعلان الظهران الذى أكد مساندته لجهود التحالف العربى لدعم الشرعية فى اليمن لإنهاء الأزمة اليمنية على أساس المبادرة الخليجية وآلياتها التنفيذية، ومخرجات مؤتمر الحوار الوطنى، وقرار مجلس الأمن 2216 عام 2015 م وبما يؤمن استقلال اليمن ووحدته الترابية.
ونص الإعلان أيضًا على التشديد على أهمية دعم المؤسسات الشرعية الليبية، وتأييد الحوار الرباعى الذى استضافته جامعة الدول العربية بمشاركة الاتحاد الأوروبى، والاتحاد الإفريقى، والأمم المتحدة، ودعم جهود التوصل إلى اتفاق ينهى الأزمة من خلال مصالحة وطنية وفقًا لاتفاق الصخيرات، وتحفظ وحدة ليبيا الترابية وتماسك نسيجها المجتمعى.
مكافحة الإرهاب
نقطة اتفاق أخرى بين كلمة الرئيس وإعلان الظهران، وهى المتعلقة بمكافحة الإرهاب إينما كان، فالاستراتيجية الشاملة للأمن القومى العربى، والتى طالب بصياغتها الرئيس لمواجهة التهديدات الوجودية التى تواجهها الدولة الوطنية فى المنطقة العربية، وإعادة تأسيس العلاقة مع دول الجوار العربى على قواعد واضحة، هى الحل الأمثل فى ظل الوضع المعقد الذى تعيشه المنطقة.
فيما أكد إعلان الظهران التزام الدول العربية بتهيئة الوسائل الممكنة، وتكريس كافة الجهود اللازمة للقضاء على العصابات الإرهابية، وهزيمة الإرهابيين فى جميع ميادين المواجهة العسكرية، والأمنية، والفكرية، والاستمرار فى محاربة الإرهاب، وإزالة أسبابه والقضاء على داعميه ومنظميه ومموليه فى الداخل والخارج، آملين وقوف العالم الحر لمساندتنا ودعمنا لننعم جميعًا بالسلام والأمن والنماء.
الأزمة السورية
أما عن نقطتى الخلاف، فكانت الأولى حول الأزمة السورية، والتى شهدت تباينًا واضحًا فى الموقفين المصرى والعربى، فقد أكد الرئيس على الإدانة المطلقة لاستخدام السلاح الكيماوى، والمطالبة بتحقيق دولى مستقل ومعاقبة كل من يثبت استخدامه له، وما ينطوى عليه من آثار على سلامة الشعب السورى، ويُهدد ما تم التوصل إليه من تفاهمات حول تحديد مناطق خفض التوتر، والتأكيد على الرفض القاطع لاستخدام أية أسلحة محرمة دوليًا على الأراضى السورية.
أما إعلان الظهران فقد اعترف صراحةً باستخدام نظام الأسد للأسلحة الكيماوية المحرمة دوليًا ضد الشعب السورى.
التسميات
نقطة الخلاف الأخرى كانت خاصة بتسمية توصيات القمة للدول المتهمة بالتدخل فى شؤون البلاد العربية الداخلية، حيث أكد فى أكثر من موضع على إدانة إيران بشكل واضح فى الأزمة اليمنية، وكذلك صراعها مع الإمارات على الجزر الثلاث.
فيما حرص الرئيس عبدالفتاح السيسى على عدم توجيه اتهامات واضحة لأى جهة، واكتفى بالتنديد وبالتهديدات بشكل أكثر تعميمًا.