مقالات

نهال علام …. تكتب عيد ميلاد سعيد سيدي الرئيس

بقلم الكاتبة والاعلامية نهال علام

سيدي الرئيس تحية طيبة لسنوات عمرك الطيبة،
وبعد….

كل عام وسيادتكم بخير، عام جديد نسأل الله فيه أن يمدك بالصحة والعافية والقدرة على مواصلة ما بدأته، طريق لم يكن أبداً مفروشاً بالورود، بل محفوفاً بالألغام والوقود، أعانك الله على استكمال الرسالة وتأدية الأمانة، التي بحثت عنك ولم تبحث عنها فأصبح التكليف لا التشريف هو القَصد بيت القصيد.

سيدي الرئيس.. يوم مولدك الذي يوافق اليوم العالمي للرجال صدفة ذات حكمة، فما أنت عليه هو خُلق الرجال الحقة، والقدرة على تحدي الأمور الجسام والعقليات العضال من الشيم النادرة، لذا فهل تسمح لي يوم عيدك أن أصارحك بما يشغِل بالي ويُزعج حالي!

سيدي.. أشعر بالخوف، يعتريني القلق، وينتفض قلبي من الحيرة ومشاعر الغيرة على الوطن الذي نتشارك محبته باخلاص، وسعى كلانا بجِد في طريقِ خلاصِه من الخونة ومنعدمي الاخلاص، كلٍ بما أوتي من سعتِه، فعملي هو الحروف والكلمات التي تطير كالفراشات تبحث عن اللا مألوف، صناعة الفكرة شاغلي الأعظم وغزل الكلمة ملاذي الآمن في هذا العالم الصاخب، ولكن تقلقل عالمي الصغير وطائر شغفي الأليف عندما صدر الحكم الأخير على أحد المفكرين!
سيدي.. لا تربطني بالرجل سابق معرفة ولن أدعي أنني احد مريديه ولا واحدة من متابعيه ،حقاً لم أبحث عن أرائه إلا بعد إدانته وأصدقك القول ؛ذلك حال الكثيرين وخاصة من المدافعين ،فالمقصد ليس شخص وإنما الفكرة، وليشهد الله ان قولي هذا ليس دفاعاً عن أفكاره وإنماً تساؤلاً عن ماهية أخطائه !
فليضحد الرأي بالرأي طالما لم يحرض على قتل أو عنف أو فتنة أو خيانة وطن، فهو لم يحلل دماً ولم يُحرِم حلالاً، فقط طَرَحَ أفكاراً نقاشية بشأن مواضيع تراثية وأحداث تاريخية .
كم كنت أتمنى أن يُبارز بالعقل ويُحاكم بالمنطق ويُسجن في بحور البحث يقضي فيها ما بقي من عمره، ونقضي نحن ما تبقى من أيامنا نشاهد ونفكر ونقرأ ونبحث ونتعلم ونُعلِم.

سيدي الرئيس.. تعلمنا مِنك ألا نخشى ولكن ماحدث ألقى في قلوبنا الخشية، اقتدينا بك وسرنا على دربك عندما طلبت منا التفكير ولكن أصبحنا نواجه التكفير، سألتنا ان نحترم الآخر ولو كان بلا عقيدة فهاجمنا آخر مدعياً أنه من حُراس العقيدة.

سيدي.. أثق في فطنتك ومتابعتك المستفيضة للأمور وأعلم أن مِصر التي نتمناها هى الجمهورية التي تحترم القضاء ولا تناقش أحكامه، وليست مؤسساتنا القضائية بمجال للسجال حول نزاهتها ،ولكن القوانين المعمول بها هي التي نأمل من سيادتكم التدخل ليتم مراجعتها.

سيدي.. شاشات الفضائيات مليئة بأبواق الفرقة ومحترفي إثارة الجدل فلم يحاكم من دعى لنكاح الميتة ولا زواج المسيار وزواج الصغيرات السمينات وارضاع الكبير والدفاع عن ملك اليمين وهدم الأثار، أما مثيري الفتنة بتحريم الأعياد والترحم على الأموات وتهئنة الأقباط يعيثون في العقول فساداً دون مراجعة، فمن أمِن العِقاب أساء الأدب فخرج علينا من يشهد أن الجن يسرق ولحم الانسان يؤكل دون أدب !وإذا انتقلنا للمنصات فهو عالم العجائبيات الافتاء حق للجميع والتشدد هو روح الدين القويم ومن يختلف يُسَب ويُلعَن ويحلّ دمه دون رمشة ضمير، وجود المرأة على الأرض خطيئة ومشاركتها الحياة رذيلة لذا فكل ما تتعرض له السيدات من مضايقات في نظرهم فضيلة.

سيدي.. كم أشعر بالعظمة عندما تناديني أنا وأمي وأختي وابنتي بعظيمات مِصر، ولن ننسى يوماً دورك التاريخي في السعي لانتصار المرأة حققنا الكثير في عهدك ،وستذكر الصفحات أن قرابة ثلث المناصب الوزارية ومجلس النواب شغلتهم المرأة بفضلك ،وصلت المرأة للمجالس النيابية وتربعت عرش المنصات القضائية بدعمك سيدي، ولكن تلك المرأة عندما تترك مكتبها وتنزل لتواجه مجتمعها يساء استقبالها والفضل يعود لأبواق الجحيم ومشايخ التفكير( السفلي) أمناء مفاتيح النعيم.

سيدي الرئيس.. كل عام وسيادتكم بخير ،حفظك الله لنا بكل الخير، وليتقبل الله دعواتي الصادقة لك، فلقد قدمت لمصر الكثير والكثير برغم ما يحيطك من عراقيل ولكن بفطنتك استطعت ان تهزم القيود وتصرع التحديات والفروض ،أعدت لمصر مكانتها الدولية وللمواطن قيمته البشرية، ولكن لا زال هناك هذا الإرث الثقيل وأنا أعيي يا سيدي أنه بحاجة لباعٍ طويل ،فمن الممكن أن نشيد الطريق في شهر ولكن لنشكِل وعى المواطن ليحافظ على الطريق نحن بحاجة لعقود !

ولكن أول الدَرب خُطوة وحدك سيدي القادر على إتخاذها، فمن أعاد بناء الكنائس وطالب بحرية المعتقدات، وطالب بتقبل الآخر وفرض وجود المرأة لإيمانه بحقها وناشد بتعديل تشريعات الطلاق ويحرص على المطالبة بتجديد الخطاب الديني هو أنت سيدي ،لذا فعيوننا تتطلع لك وآمالنا متعلقة بك بأن تمحو عن جبين الوطن تلك التهمة الفكرية فهي ازدراء لمكانة مِصر الثقافية، ونتطلع لقانون فاعل لما يمس النسيج المجتمعي من عنف وفتنة وفُرقة فذلك هو الازدراء الحقيقي ،ازدراء الإنسانية.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى