مقالات

نهال علام …. تكتب فى بيتنا مدمن

بقلم الكاتبة والاعلامية نهال علام نائب رئيس مجلس الإدارة والتحرير

نصف مشاكل المُجتمع السبب فيها المجتمع نفسه!والسبب الرئيسي في تفاقُم المشاكل التي تؤرق المُواطِن هي الطريقة التي يُفكِّر بها ذات نَفْس المُواطِن!

فالمشاكِل هي ضيوف تَحِل علي حياتنا ، مصيرُها الرحيل ، شأنها شأن كُل طارِقٍ غريب ،من هؤلاءِ معدومِي الأحساس والضمير، تفتح له بيتك فيتوغل فيه ، تشاركه حياتك فيقلبها رأساً علي عَقب، يتَمَكن من مفاصِل دِماغَك فيعيد تشكيل أهوائك ،يزرَع الشك في قَلبك فيغير خارِطة رأيك.

ولكن أستستسلِم لذلك الزائر البغيض أم ستقاوم بضراوة هذا الجاحِد العنيد؟
مشاكلنا تتعقد كبكرةِ الصوف عندما نحاول أن نداريها ونُخفيها عن عيون الآخرين، فتُصبح كخنجرٍ في الضلوع ، ينغُز قلبك كلما طرقت وجهك إبتسامة أو غافلتك دَمعَة لتنساب بسلامة !

الُمطلقة تخشي المواجهة، والمريض يهاب الشماتة، والمُدمن يتحاشي الْعِقَاب !

نتعامَل مع مشاكلنا كما إعتادت الخادمات الصغيرات في أفلام الأبيض وأسود مع التراب ! بإخفائه تحت السجادة خشية الْعِقَاب وتكاسلاً عن التخلص منه دُونَ أسباب!

ولكن هناك جروح يجب أن تنكأ ، فلا أمل في شفائها إذا لم نعالجها من جِذورها، ولعلّ أشد تلك الجروح هو أن يكون في بيتنا مُدمناً!

الإدمان مشكلة مشاكل العَصر ، يتساوي قدماً مع قدم مع الإرهاب ، فكلاهما يستهدف الأمن القومي للوطن، مستخدماً شبابه لأشعال النيران في مستقبله ، لتلتهم في طريقها حاضره وماضيه!

شريحة الشباب تُمثل٦٠٪؜ من قوام الوطن ، أي أن دولتنا عفية صبية آبية وبهية، ولذا فهي مطمَع للكارهين ومطمَح لأحلام الحاقدين، وبحسبة بسيطة إذا ضُرب شبابها في مقتل أنكفأت ولن تحط منطَق!
والأزمة الحقيقية أننا كمجتمع شركاءٌ في صناعةِ الكارثة، لا نمتلك الوعي الكافي للتعامل مَع تلك الأزمة.

نبحث عن المتعاطي كمن يحاول أن يمسك بحرامي! ينتهي الأمر بتسليمه للشرطة والباقي معروف، فما تصبح تلك النهاية إلا بداية لسيناريو مألوف !
وربما لو تعاملنا مع المُتعاطي أنه مشروع مُتعافي يبحث عن فُرصة ! نجت بغيره عندما وجدها صدفة، لأختلف الأمر كثيراً !
ولوجدنا الإقبال علي طابور المتعافيين أطول من المتعاطيين.

لا يوجد مُدمن سعيد وراضي بحاله، تبدأ رحلةُ الإدمان ل٧٠٪؜ مِنْهُم علي سبيل الهزل الذي سريعاً ما ينقلب إلي الجد ، ينفلت قطار السيطرة وتصلُ الأمور لمراحل بائسة!

وللأسف نحن مُجتمع يشارك بعزم في صناعةِ المُدمن، ننظر له علي أنه مُجرِم ، خطأه لا يغتفر إلا بعزلِه وَلو الأمر في أيدينا لكان بموتِه.
الإدمان كابوس يُدمر حياة المُدمن ،و يؤرق مضاجع أهله ، ويُعكِر صفو مُجتَمعه !

لِذَا علينا أن نمِد له يداً تدعُمه،وقلباً يحتويه، وعقلاً يُراجعه ولساناً يعِدُه بأن عفا الله عن ما سَلَف ، و حسماً يتوعده إذا حاول أن يعود إلي ما سَبَق.
يَخْرُج المُدمن من أسوار المصحة التي يبقي فيها مؤقتاً ، لتحاصرُه أسواراً مِن نظراتِ الناس سيظل فيها دائماً.

المُخطئ في مجتمعنا له عقوبتين! فترة يقضيها من حياته في سجون العدالة القانونية، وما تبقي من حياتِه في سجن النظرة المجتمعية!

الإرهاب والإدمان قنبلتان مدويتان في وجهِ المُجتمع، فإذا لم يجتَمع علي قلبِ رجلٍ واحد ! فليتَدَبَر أمرنا الله الواحد!
و ليفيق كُل حالِم بأن لا حَل إلا الأمن! يا أُيها المتواكل المراجعة الأمنية ما هي إلا جزء من العِلاج لن يكتمل إلا بالمراجعة الفكرية والتنمية الثقافية والوعي المجتمعي.

لن تتخلص مِصْر من أمراضها الأجتماعية بعصا القانون وَحدُه ، فأكبر وأعظم وأكثر قوانين في العالم لدينا، لكن الوعي الغائب يحول دُونَ التنفيذ السليم للقانون.

القوي الأمنية بذراعيها جيش مِصْر العظيم ، وشرطتها الباسلة إذا تتضافَر عملها بقوي مِصْر الناعمة سنسطُر تاريخاً جديد لبلدنا الحبيب .

فلنفتح أبواب مراكز الشباب والمسارح ودور العَرض والمكتبات وحفلات الموسيقي ولنراعي الخِطَاب الإعلامي الذي يتسلل للبيوت ولنجتهد لنصنع دراما علي خُطي الهجان وليس علي نهج رمضان!
فليعود المُشرف الإجتماعي في المدارس ، وفرق الكشافة ، و الأنشطة الفنية ، والتربية الرياضية ، و الرحلات المدرسية للأقصر وأسوان وغيرها من الأماكن الشاهدة علي حضارة مِصْر الخالدة.

لنحتوي الأبناء دُونَ أن ننفرهم بأبواقِ الحِكمة ، لنطرق أبوابهم ونفتح آذاننا علي أن لا نُغلق أحضاننا!
ولنتقبل الأمر أننا أمامَ جيلٍ مُختلف ، “مظلوم” بكل التحديات والتغييرات السريعة التي يواجهها ، و ” ظَالِم ” عندما ظَلَم نفسه بتقوقُعه في شرنقته التكنولوجية وعالمه الإفتراضي مُنفرداً، رافضاً مشاركةِ الكِبار لجهلهم بالكثير من الأمور و سعيهم وراء الماضي والأصول!

كُلُّنا مسؤولون و مشاركون و مساهمون في صناعة الأزمة، فلنتكتل لحَلها! فالحل لن ينتهي بينَ يدي ظابط الأمن ودكتور الشحن ، فتلك بداية القصة التي يكتب نهايتها المُجتمع بنفورِه ورفضِه ولتُه وعجْنُه لِكُل من في بيتُه مدمناً!

فلتضرع لله شكراً إذا كنت من الناجين من مطرقةِ الإدمان ، وتَصَدَق بالكلمة الحسنة والروح المتصالحة و والنَفس المتواضعة مع كُل أُسرة تعاني من إبتلاء المخدِرات، ولا تجعل أسوَد أيام الأسرة المنكوبة يومان ! يَوْمَ ما عرِفَهُم الأدمان ويَوْم ما عَرِفوك أيها الإنسان!

بوابة الشباب نيوز

جاء إطلاق بوابة الشباب نيوز على الانترنت ليكون وسيلة لمعرفة الاخبار اول باول، ويمثل إضافة قوية في الفضاء الالكتروني، وجاءت انطلاقة الموقع من مصر من قلب الاحداث ليهتم بالثورات العربية والمشاكل السياسية ويغطى الفعاليات الاقتصادية والرياضية ويواكب علوم التكنولوجيا ويغطي اخبار المرآة

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى