مقالات

مفيد فوزي …. يكتب صحافة الأربعميت نسخة!

-١-

الجيل الذى رضع كلماتى على مدى النصف قرن الذى أحمله على ظهرى، يدرك أن الكتابة منطق يدخل العقل وليس سوقية تخاصم الذوق وتنبذها، والجيل الشاب الذى رآنى محاوراً أكثر من ثلاثين عاماً على الشاشات فطن إلى أن الحوار فن لا يصدر بأوامر، وفطن أكثر أنه مهارات شخصية وليس إملاءات، وأنا أنتمى لعالم الكلمة وهى الصحافة التى خدمتُ فى بلاطها منذ أول يناير عام ٥٧، نعم هذا النهر الطويل من خدمة مصر أياً كان حاكمها، حقيقة دامغة فى الصحف والمجلات محفوظة الأرشيف، ومرجعية لمن يريد التنقيب عن خبر أو حكاية.

وقد عشت توزيع الصحف بالملايين، نعم كان فى مصر قارئ للصحف وكان مهتماً، وكانت الصحف تلبى رغبات قارئها، وكانت تبدع فى الأفكار مما يغرى القارئ ليس بالقراءة وحدها بل- على حد قول أيقونة الحروف سناء البيسى، التى جمعنى معها حوار منذ أيام- يحتفظ بنسخة الجريدة أو المجلة.

باختصار كانت الصحف الورقية هى «خبز المواطن»، والوصف لأحمد رجب، ولا أكتمك سيدى القارئ أنى أتونس بأسماء أحمد رجب وهيكل وسناء البيسى وصلاح منتصر، فهذه الأسماء شكلت صحافة مصر ردحاً من الزمن، لقد ارتفعت مجلة «صباح الخير» إلى مائة ألف نسخة يوم كتب الأستاذ رؤوف توفيق عن «مصرع سلوى حجازى فى حادث طائرة»، ووصل نفس التوزيع تقريباً يوم تصديت لحادث سقوط زوجة فى بلاعة، وهل كان بفعل الجن أم خُطفت؟ أريد أن أقول إن الصحافة كانت مزدهرة قبل ظهور الموبايل، وحين تطورت خدمات الموبايل وأصبحت شاشة الحياة تراجع توزيع الصحف وهبط كثيراً إلا فيما ندر، أصبح الناس يوفرون ثمن شراءالصحف ماداموا يطلعون عليها بيسر وسهولة، وبالتالى حدث خلل فى التوزيع وضغطت الصحف كمية المطبوع حين لاحظت عن كثب كمية المرتجع. والمرتجع مصطلح معناه النسخ التى لا تُباع، ومن هنا حدثت انتكاسة فى توزيع الصحف إلى حد مخيف، صارت بعض الجرائد الورقية توزع بالكاد «أربعميت نسخة»، وتضاءل توزيع المجلات بالضرورة وصارت عبئاً مادياً على إدارات المؤسسات، ومع ذلك تصدر!

-٢-

وكما قلت الصحافة أحد فنون الإعلام التى تعتمد عليها الأنظمة السياسية، وحين تتعمد الهوجائية ينصرف عنها الناس، وحين تكون وجبة الصحيفة الورقية معبرة عن الناس يقبلون عليها بشغف، وإذا لاحظ القارئ أن الصحف «واحدة فى الأخبار والتوجهات» ينصرف عنها غير نادم! ذلك أن الصحافة تنشط بالابتكار، كما كان يقول أسطى الصحافة المصرية موسى صبرى، والملاحظ أن الصحافة «هرمت» أى عجّزت! وكان بالإمكان مقاومة الموبايل والنت بالجديد وغير المألوف والخبر الطازج الذى يحدثنا عنه مصطفى أمين، ولكن الصحافة تقاعست رغم البدل الشهرى الذى تصرفه النقابة، فهل القرائح نضبت أم تعكر مزاج رؤساء التحرير بقائمة من الإملاءات والتحذيرات؟ ماذا بالطبع جعل مزاج رؤساء التحرير يتغير؟ هل انعدام التقدير أم التلويح بالاستغناء؟ لست أدرى.

هناك إصدارات فى المؤسسات كل إصدار له رئيس تحرير وطقم إعداد ومحررون، وهذا الإصدار ربما لا يشعر به قارئ وربما لا يعرفه، وربما كان له رواج ذات فترة ثم خبا أى هوى! هذه الإصدارات تكلف أعباء على المؤسسات الصحفية وتوزيعها مخجل!

لست أدرى ما الحل الأوقع لمثل هذه الإصدارات المكلفة وبلا عائد؟! هل يتم إلغاء هذه الإصدارات للتخلص من أعبائها وضم المحررين إلى الصحيفة الكبيرة فى المؤسسة أو ضم المحررين إلى المجلة الأم فى المؤسسة؟ ولكن الأمر يحتاج إلى حل واقعى يضمن عدم تشريد أى صحفى بالاستغناء عنه أو تجميده، الأمر يحتاج إلى قرار شجاع من النظام يضع الأمور فى نصابها الصحيح وفى سياقها السليم، الأمر لا يحتاج عواطف لأنها تكاليف لا تدر دخلاً، والخسارة واضحة المعالم تتحدث أرقام التوزيع عنها ولا يمكن أن تعتمد الدولة على «مبالغ» تذهب للمؤسسات للمرتبات أول كل شهر، أما تورتة الإعلانات التى تعتمد عليها الصحف الورقية فهى بين ازدهار وانكماش، وربما راحت الإعلانات لشاشات التليفزيون. لكن القضية يجب حسمها بعد نزيف الورق والأحبار والفلوس بلا طائل.

-٣-

إن نظاماً سياسياً قوياً ليس من صفاته أو سماته التردد مُطالب بعدم تأجيل الخطوة، وهى الإبقاء على كيانات قائمة بذاتها وناجحة فى الصحافة الورقية فى ظل تراجع أرقام التوزيع، ولتكن الصحافة للصحفيين.

حكمة:

بعض النعم على صورة أشخاص.

بوابة الشباب نيوز

جاء إطلاق بوابة الشباب نيوز على الانترنت ليكون وسيلة لمعرفة الاخبار اول باول، ويمثل إضافة قوية في الفضاء الالكتروني، وجاءت انطلاقة الموقع من مصر من قلب الاحداث ليهتم بالثورات العربية والمشاكل السياسية ويغطى الفعاليات الاقتصادية والرياضية ويواكب علوم التكنولوجيا ويغطي اخبار المرآة

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى