متابعات

تساؤلات حول منظومة «كارت البنزين».. لماذا طُبق؟ وماذا بعد الإلغاء؟

فى أواخر يونيو الماضى، صرح المهندس طارق الملا، وزير البترول، بتوجيه 50 مليار جنيه من قيمة تحريك أسعار الوقود للفئات الأكثر احتياجًا، بالإضافة إلى إعلانه إلغاء الكارت الذكى، بدعوى أن المنظومة ستعمل على خلق سوق سوداء للمحروقات.

100 مليون جنيه تكلفة طباعة 8 ملايين كارت ذكى

أسباب الإلغاء «عدم تغطية الثغرات» و«البيع بسعرين»

تحركات برلمانية لمحاسبة المسؤول عن إهدار المال العام

ربما لم يربط الكثيرين بين الخبرين، حيث تعمل الحكومة من جانبها على إتاحة مخصصات مالية للمواطنين الذين يعانون من الفقر والعوز، تلك المخصصات الناتجة بالأساس عن تحريك أسعار الوقود من جانب، وتوفير مبالغ كانت ستُصرف على منظومة الكارت الذكى دون نفع يذكر من جانب آخر، وبالتالى كان القرار الصائب بإلغاء المنظومة “المُكلفة” التى لها عيوب كثيرة، وفقًا لكلام الملا نفسه، والذى قال “لا يمكن أن يكون هناك أكثر من سعر للمواد البترولية”، وقصد بذلك “سعر مدعم يحصل عليه المواطن بالكارت” و”آخر غير مدعم للمواطنين غير الحاصلين عليه”.

هذه الأخيرة، فسرها حمدى عبد العزيز، المتحدث الرسمى باسم وزارة البترول والثروة المعدنية، بعد قرار الإلغاء بيوم واحد، بأن منظومة الكارت الذكى لم تشمل العديد من الأنشطة مثل الحيازات الزراعية، والتوك توك، ومراكب الصيد، التى لم يتم حصرها، كاشفًا أنه حال بدء تطبيق المنظومة دون وجود حصر كامل لهذه الأنشطة سيؤدى إلى خلق سوق يباع فيها الوقود بسعرين أحدهما داخل المنظومة، والثانى خارجها.

عبد العزيز شدد على أن عدم تغطية الثغرات سيؤدى أيضًا إلى عدم وجود استمرارية أو استدامة لمنظومة الكارت، ولن يتحقق الهدف بنهاية الأمر.

أسئلة ثلاثة ملحة ربما يسألها المواطن الذى فوجئ بالمنظومة ثم بإلغائها، وهى لماذا شرعت الحكومة فى الأساس بتطبيق المنظومة؟ ولماذا ألغتها الآن؟ وكيف ستتعامل مع المبالغ المهدرة فيها منذ الشروع فى تنفيذها وتطبيقها على نطاق ضيق وحتى الإلغاء أواخر الشهر الماضى؟

 

لماذا؟

السؤال الأول يجيب عنه سرد الأحداث، ففى عام 2013 شرعت مصر فى بتطبيق منظومة تستخدم فيها بطاقات ذكية لصرف البنزين والسولار للمواطنين بالسعر المدعم، لإحكام السيطرة والرقابة بعد تكرار أزمات نقص الوقود فى محطات الوقود، وتهريب البنزين المدعم إلى خارج مصر.

فى يوليو 2014، أعلن وزير التخطيط والإصلاح الإدارى حينها، أشرف العربى، عن تطبيق المنظومة، ودورها المنتظر فى وصول الدعم إلى مستحقيه، والسيطرة على تهريب البنزين.

قادت الحكومة وقتها حملة كبيرة لإصدار بطاقات ذكية لأصحاب السيارات من أجل صرف البنزين من خلالها، فى ذلك الوقت، أعلن مسؤولو “إى فاينانس”، الشركة المعنية بإصدار البطاقات، طباعة نحو ثمانية ملايين بطاقة ذكية بنسبة 80% من المستهدف، بتكلفة تصل إلى أكثر من 100 مليون جنيه.

إذًا، كان الهدف وقتها، وفقًا لتصريحات المسؤولين، نبيلاً وملحًا لوقف النزيف الكبير فى منظومة الدعم، ومحاولة الحد من عمليات بيع البنزين فى السوق السوداء أو تهريبه إلى الخارج.

الإلغاء

خلال فترة تطبيق المنظومة، سادت حالة من عدم الفهم فى محطات تزود الوقود، سواء من أصحابها والعاملين فيها، أو من الراغبين فى الانضمام للمنظومة، حتى دخلت المنظومة بالفعل حيز التطبيق على نطاق ضيق فى بعض المحافظات، ولم يتغير الأمر.

نعم، اختفت السوق السوداء، ولكن ليس بفضل المنظومة، بل الانضباط الذى حدث فى مؤسسات الدولة نفسها. اختفى التهريب، ولكن ليس بفضل المنظومة، بل بفضل رحيل الجماعة المتورطة فى التهريب، إضافة إلى إحكام القبضة الأمنية على الحدود تحديدًا.

استمر الأمر على هذا الحال، واستمر تدفق الأموال على هذه المنظومة، حتى جاء حديث وزير البترول الذى ألغى فيه المنظومة، والسبب هو صعوبة حصر الأنشطة التى يُستخدم فيها الوقود.

ما بعد الإلغاء

بعد أكثر من أربع سنوات على إطلاق كارت البنزين فى مصر، وصرف نحو مليار جنيه على المنظومة، بحسب ما أدلى به حسام عرفات، رئيس شعبة المواد البترولية.

عرفات أكد أنه كان يعارض تطبيق المنظومة منذ البداية، وأن لديه أكثر من 20 سببًا لهذه المعارضة، حيث كان الغرض منها أن يكون للمواطن كمية معينة من البنزين أو السولار يحصل عليها بالدعم، أو أن لسيارات محددة أن تحصل عليها بسعر معين، لكن وفقًا لعرفات، الحكومة لا تمتلك قاعدة معلومات تمكنها من معرفة الذى يستحق فعلاً هذا الدعم، ولن تستطيع أن تجده، وقال “عندما قررت الحكومة تنفيذ المنظومة لم يكن لديها فلسفة ولا آلية للتطبيق”.

كلام عرفات تطابق مع سبب إلغاء المنظومة الذى أعلنته الوزارة، لكن ماذا بعد؟ هل من المنتظر أن يتم محاسبة المتهم بـ”إهدار المال العام”. التحركات البرلمانية بدأت، حيث تقدم النائب أشرف عمارة، عضو مجلس النواب، بطلب إحاطة إلى الدكتور على عبد العال، رئيس مجلس النواب، موجهًا إلى المهندس طارق الملا، وزير البترول والثروة المعدنية، بشأن العدول عن تطبيق منظومة الكارت الذكى للوقود وإهدار المال العام نتيجة تخبط القرارات.

وقالت نادية هنرى، عضو اللجنة الاقتصادية بمجلس النواب، إن إلغاء الكارت الذكى الخاص بمحطات الوقود يعد إهدارًا للمال العام، مضيفة أن المواطن يعيش فترة صعبة من الإصلاح تجعل الوزارات عبء يهرب منه البعض.

الأيام المقبلة ربما تحمل الجديد حول هذا الموضوع الشائك، حتى لا نفتح المزيد من الأبواب لإهدار المال العام.

بوابة الشباب نيوز

جاء إطلاق بوابة الشباب نيوز على الانترنت ليكون وسيلة لمعرفة الاخبار اول باول، ويمثل إضافة قوية في الفضاء الالكتروني، وجاءت انطلاقة الموقع من مصر من قلب الاحداث ليهتم بالثورات العربية والمشاكل السياسية ويغطى الفعاليات الاقتصادية والرياضية ويواكب علوم التكنولوجيا ويغطي اخبار المرآة

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى